يا سامعين الصوت

يا سامعين الصوت
أخبار البلد -  

)يا سامعين الصوت(…

د. طارق عبد القادر المجالي

لقد ضقنا ذرعا بجميع الإجراءات والمعالجات الحكومية للحد من تفشي ظاهرة العنف في الجامعات الأردنية على الرغم من أننا دبجنا من المحاضرات والندوات واللقاءات ما يكفي لفرش خارطة الأردن ورقا ، وبمقابل كل نقطة حبر أرقناها  ،كانت نقطة من الدم المستنزف شجارا وعراكا وعنفا.

 وما من مطلع  شمس أو مغربها إلا ويحملان معهما ما يكدر ويعكر صفو الآمنين ،والمسنين،  والنساء والأطفال ،وأصحاب السيارات الواقفة، والمحال التجارية القائمة   .

و مخطئ من يعتقد أن تجفيف منابع العنف هو إجراء حكومي ،يكمن في خلطة الدرك السحرية  التي تفض عناصر المشاجرة لحظة وقوعها ،لتنتشر بعدها توابع ( المعركة) كالفطر في أماكن أخرى  ،فنحن دائما لا نعالج أسباب هذه الظاهرة المؤرقة ،بل نكتفي بوضع ( لزيق ) على ( دمامل ترغب في الانتحار ) !

وهكذا في كل حالة ،حتى أصبح منظر مجموعات من الطلبة ( المبطوحين أرضا )، وهم ينزفون ، وعشرات السيارات الخصوصية ( المفشوخة ) ،وواجهات المحال المتطايرة ، وأكوام الحجارة التي نقلت من أقرب رجم مجاور ،وهراوات ( الدرك )، وسيارات الإسعاف التي تتلمظ ، وحالات التأهب ما بعد المشاجرة  ؛ أمرا اعتياديا مألوفا وخصوصا أمام مداخل بعض الجامعات البائسة المحرومة من فسحة معقولة تخفف من وطأة الاحتكاك، وما دمنا لا نستطيع وقف هذا العنف ،فإنني أقترح أن تضاف  إلى طلبة الجامعات مادة ( العنف ) وطرق مواجهته في الشارع والبيت والجامعة ،وطرق معالجة المصابين ،والتصرف لحظة المشاجرة ،تماما كما هو الوضع في اليابان ،الذين يدرّسون مادة الزلازل منذ الصفوف الأولى لتزويد الطلبة بالمهارات اللازمة لتفادي أضرارها .

والله ،لو زرت كل قارات العالم لن تجد شعبا عنيفا كالشعب الأردني ،لا تحاملا ،بل واقعا معيشا ومشاهدا يوميا : العنف أمام بوابات الجامعات ، عند أسوار مدارس البنات ،على البسطات وفي الطابور وعلى (الدواوير )، وبعد صلاة الجمعة وقبل أن نبدأ بتحريك أصابعنا مسبحين 33 مرة ، وفي التفحيط والتشحيط وأمام أماكن اللهو، والمتنزهات العامة ، وقبل ركوبنا الحافلة التي ستنقلنا إلى أداء مناسك الحج أو العمرة احتجاجا على المقعد خلف السائق، وأنت مع زوجتك في (شمة هوا ) تحت ( صنوبرة فقيرة الظل)

أكتب الآن ،وقد مرت بالقرب مني سيارة (كيا ) لمراهق مجنون ،يحمل خمسة ركاب ،يغنون ويصرخون في شوارع القرية على أنغام أغنية ،هم يعتقدون أنها وطنية ، في حين أرى في غنائهم ونباحهم المجروش شتما وسبا لكل من يجلس في (حوشه )،يحاول أن يتظاهر بالسعادة بعد يوم عمل مرهق .

وبعد خبرة طويلة في مجال التعليم و ( مناقرة ومقارعة المراهقين والمراهقات في المدارس والجامعات) تبين لي أنه من الممكن المساعدة في التخفيف من مظاهر العنف الجامعي بالوسائل العملية لا التنظيرية التالية :

1-   إضافة مساق حول محور العنف في الجامعات بدلا من تدريس مساق العنف الأسري ، أو يمكن( سلخ ) مادة متخلفة من كل كلية  ما عادت تصلح للتدريس في العصر الراهن، ونحن في كلية الآداب سنكون أول المتبرعين ، وماذا على طلبتنا  وبعض صعاليك وقطاع الطرق في هذه الأيام ،لو لم يدرسوا شيئا عن جدهم الصعلوك الأعظم ( الشنفرى ) مع الفارق على سبيل المثال ؟؟؟

2-    طرح مشروع بحثي يتقدم به الطالب لكل مساق ،ويوضع عليه درجة مرتفعة لغايات زيارة الطلبة إلى المكتبة يوميا ، مع يقيني أن كثيرا من الطلبة الخريجين لم يزوروا مكتبات جامعاتهم عدد أصابع اليد الواحدة ، وهذا قصور ينبغي متابعته من داخل الجامعة . وحتى في حالات تنفيذ هذه الأنشطة فإنك تراها باهتة ، شغل ( رفع عتب ) لا تناقش ولا تقوّم داخل قاعة الدرس ،ولا تعطى العناية اللازمة .

3-    أصبحت الجامعات ( وبظروفها الاقتصادية ) مساحة من الأرض كثيرة الغرف والممرات لا فرق بينها وبين أي دائرة حكومية ،يتلقى الطلبة كومة من المعلومات المحنطة في الكتب ،ليقضوا ساعات بين المحاضرات على الأدراج ،وبين الأشجار وعند ( الكافتيريات التي تشبه الطوابين دخانا وزعيقا وعنفا وعفنا ،ثم ما يلبثون أن يفروا إلى (باصات ) قراهم ،وكأنهم يدرسون في مدارس ثانوية نائية ،ومن هنا ،فإن المتوخى من عمادات شئون الطلبة أن تساهم في استحداث برامج وأنشطة تستقطب هؤلاء المساكين ، وأن تحثهم على الانخراط في نشاطات مساندة للمناهج ، ووضع خطط قابلة للتنفيذ والمشاركة الطوعية مثل : فتح كل مسامات الجامعات :المرسم والمسبح والمسرح والصالة الرياضية ،وتعزيز قيمة العمل التطوعي الحقيقي لا الشكلي ، وتفعيل دور الأندية ،والفرق الرياضية وإذكاء روح المنافسة الإيجابية لا المنافسات على أسس قبلية وجهوية وعشائرية ،وتفعيل دور المسابقات الدينية والثقافية والأدبية والعلمية والرحلات والحفلات وليالي السمر وإقامة المخيمات الكشفية...

4-    شباب الجامعات حائر هائم على وجهه ، ذهنه ووقته مهدوران في التدخين بأنواعه ، والخلوي وبلاويه ، وفي اقتناص لذة عابرة ، لذا هم بأمس الحاجة إلى جرعات دينية معاصرة ، وإلى كثير من الجهود في مجالات التنمية السياسية والحزبية وتعزيز قيم الحوار ،والانتماء الوطني طبعا ( ليس برفع الأعلام وسماع عمر العبداللات ولبس الشماغ ) بل بالتركيز على كل ما من شأنه رفعة الوطن وازدهاره بعيدا عن التشنج والتبجح الوطني ،وادعاء الفخر القبلي ،وممارسة  هذا عمليا على جدران قاعات التدريس بخطوط قبيحة ( العشيرة الفلانية أولا ) لينفي طائش آخر هذا القول مصرحا أن عشيرته هي التي أولا ، لا تلك ،ولكن هذه المرة ليس على الجدران بل على طاولة المدرس وبخط كوفي عريض وكالح )

5-    بات من اللازم بل من الضروري تخصيص (uniform) إجباري لطلبة الجامعات لنتخلص من الأحمر والأصفر والفوشي والصرعات الجنونية وهبات الإيمو وعبدة الشياطين ،وجميع المظاهر التي تعمق أشكال العنف اللفظي ،وتوسع الفجوات بين طبقات المجتمع ، وحتى يشعر جميع الطلبة أنهم متساوون وأبناء وطن واحد ، ويسهل تمييزهم عن غيرهم ممن يهبّ ويدبّ داخل الحرم الجامعي .

6-    وأخيرا ضماننا الوحيد في القانون الحازم الرادع ،وتنفيذ العقوبات المنصوص عليها ،وتحويل قضايا العنف ،حتى وإن كانت على بوابات الجامعات الخارجية إلى المحكمة ، فما عادت الإنذارات المؤقتة ،والتساهل الناتج عن الضغوط المجتمعية مجدية في وقف هذه الظاهرة أو الحد منها .

ويأتي دور الأهل معززا ومكملا لدور الجامعة في هذا الاتجاه، مع  مزيد من الاهتمام بمداخل الجامعات ،وممرات السيارات والمشاة ،وتكثيف وجود جميع الأجهزة الأمنية ، ونشر عناصر أمنية بالقرب من التجمعات السكنية للطلبة ، مع تشديد الرقابة والمتابعة لكل مصادر الفوضى كالإزعاج الناتج عن أبواق السيارات ،والجلوس في الشوارع المخصصة للسيارات أو المشاة ،وإعاقة الحركة أو التجوال في المناطق المنزوية في أوقات متأخرة .

إن جامعاتنا التي تعاني من ظروف مالية صعبة ،وتسعى جاهدة لاستقطاب آلاف الطلبة العرب الذين أصبح ذووهم قلقين عليهم في الأردن ،وهم يتابعون في وسائل الإعلام ما يجري في جامعاتنا من عنف وتكسير وتدمير ومشاجرات ؛على مفترق طرق إما الفوضى ،أو تحقيق الأمن المجتمعي ، وإن سمعة جامعاتنا رهينة بالتصدي لهذه الظاهرة المدمرة ، وعلى وزارة التعليم العالي ومجالس الأمناء  أن ترعى وتتابع وتراقب ثم تقيم الجامعات الأردنية وتصنفها بحجم ما تنفذه من برامج وخطط في هذا المطلب الشعبي والوطني الضاغط.  

                                                                                                                                                                                                Tarq_majali@yahoo.com

شريط الأخبار الاحتلال الإسرائيلي يعدم طفلًا وسط رفح في انتهاك واضح لوقف إطلاق النار - (فيديو) "الجرائم الإلكترونية" تلاحق حسابات وأشخاص يحاولون إثارة الفتن عبر منصات التواصل الاتحاد الأردني لشركات التأمين وغرفة تجارة عمان يعقدان اجتماعاً مشتركاً لتعزيز التعاون ودراسة التحديات المشتركة الملك يهنئ ترمب بولايته الثانية المومني: مشروع قانون يسمح بتولي رئيس إدارة "بترا" و"التلفزيون الأردني" من غير الوزير التوجيه الوطني النيابية تناقش السياسة العامة للإعلام والاتصال الحكومي آلاف تحت الأنقاض.. غزة تعيش صدمة دمار البشر والحجر وإعادة الإعمار حتى 2040 كتاب سري لوكالة المخابرات الأمريكية يكشف عن نظرية صادمة حول نهاية العالم الحوثيون: "أيدينا على الزناد ومستعدون للتصعيد" هل ادّعى السيّد نصر الله الموت لدواعٍ أمنية؟.. صورة وإطلالة قريبة تُثيران الجدل وتأخير التشييع موضع تساؤل ‏بايدن يعفو عن أشخاص هدد ترامب بملاحقتهم قضائيا... منهم من عائلته أميركا و"الوعود الخمسة".. بأيّ منها سيبدأ ترامب؟ وزير الصناعة يترأس اجتماع اللجنة العليا لتنظيم مهرجان عمان للتسوق 2025 الملك يتفقد مشروع مساكن الملاحة في دير علا المكون من 400 وحدة العمل النيابية: تعديلات مشروع قانون الضمان تعالج العديد من الثغرات وزير "التربية" يتحدث عن مسألة النقل المدرسي ترمب: سأوقّع اليوم سلسلة من الأوامر التنفيذية التاريخية أسيرة محررة تتحدث عما كان يحدث داخل السجون... تعرية من الملابس وتجويع سعيد ذياب: المقاومة في غزة تُسقط أوهام الاحتلال وتُعيد رسم معادلة النصر الفلسطيني جامعة العلوم التطبيقية تُتوَّج بالمركز الأول على مستوى الجامعات الأردنية في مسابقة المحاكمات الصورية في قضايا التحكيم التجاري