حصلت كلية الطب بالجامعة الأردنية على الاعتمادية الدولية، إنجاز وطني وإقليمي ودولي بكل المعاني، خطوة مهمة ودقيقة على طريق التقدم في مسارنا التعليمي الذي نجهد بتحقيقه، نتيجة جهود مكثفة وجماعية للقائمين على إدارة الكلية والجامعة بهدف القفز عن حاجز الرهبة الذي يفصلنا عن التقدم على سلم التصنيف العالمي، مؤشر دقيق وأصبح معيارا أساسياً لتحديد مستوى الجامعة وتصنيفها، تتكون مدخلاته بقائمة طويلة من المعايير الحساسة التي تلمس جوانب العملية التدريسية والبحثية والانتاجية، والتي تنعكس على مخرجاته بالإطمئنان على مستوى الخريجين المنافس من باب الحصول على فرص التدرب والاقامة بالمستشفيات التعليمية في البلدان المتقدمة أو الحصول على فرص العمل المناسبة.
مسيرة الاعتمادية لم تكن سهلة أبداً، حيث اصبحت القوانين في الولايات المتحدة الأمريكية بالتحديد تحضر قبول أي متقدم لوظيفة الحصول على فرصة الاختصاص إن لم تكن الكلية التي حصل على شهادتها الجامعية الأولى غير حاصلة على هذه الاعتمادية، فالتحضير لفريق التفتيش الذي حضر لزيارة مرافق الكلية وقاعاتها ودرجاتها على مدار أسبوع كامل، قد احتاج لمشاهدة محتوى طلب الحصول على أرض الواقع، فرسوم تقديم الطلب للهيئة المكلفة وتعبئة طلب الحصول يخضع لشروط دقيقة تحاكي مسيرة الكلية; عدد طلبتها، عدد أعضاء الهيئة التدريسية بأقسامها المختلفة، محتوى المساق التدريسي للحصول على الشهادة الجامعية، عدد ساعاتها المعتمدة، البنية التحتية، مستوى الطلبة، فرص التدرب السريري بالمستشفيات التعليمية المعتمدة، علاقة الكلية بالجامعة الأم والمجتمع المحلي، تطوير الخطط الدراسية والمناهج ليواكب التقدم العلمي بشتى فواصل العلم، وربما احتل البحث العلمي ونتاجه مساحة مقدرة من شروط الزيارة والذي يعتمد على نشاط أعضاء الهيئة التدريسية خصوصا بعد إلزامية الطلب بنشر بحوث علمية كشرط من شروط التخرج، فالمكتبة العلمية ووسائل البحث تمثل أساسات لا يمكن القفز عنها أو تجاهلها لكلية وجامعة تبحث عن مكان متقدم بين الجامعات ويليق بمستوى الجهود التي تبذل لتحقيق الغاية والهدف.
المحطة الأولى تمثلت بقبول طلب التقييم من الهيئة المكلفة بالاعتماد بعد دراسة تفصيلية لأحكامه ومدى مطابقتها لمعايير الاعتماد، خصوصا أن هذه الهيئة تتردد بقبول طلبات خارج مساحة معينة من المناطق الجغرافية المنتشرة حتى وصل الرد الايجابي بالموافقة على القدوم للمعاينة والاطلاع، وهو ما يعني بدء المحطة الثانية من طريق الاعتماد لترجمة الجهد والحلم فتحولت الكلية إلى خلية عمل بالتحضير لهذه الزيارة لإنجاحها على أرض الواقع الموجود حتى بنقاط الضعف البسيطة التي نعترف فيها ونعمل بجهود مضاعفة لعلاجها، وأصبح التحضير الجيد بجهود بدأت من عميد الكلية مرورا بإدارة الكلية وأقسامها حتى العاملين فيها بدور مؤثر يعكس واقع الحرص على صدق العمل ضمن القوانين الجامعية حيث إدارة الجامعة التي تمثل مظلة لجميع الكليات، وتقف على مسافة واحدة للنهوض بالبنيان الجامعي بما يليق بسمعة ومستوى الجامعة الأم.
المحطة الثالثة رسالة وصلت لإدارة الجامعة والكلية تحدد موعد الزيارة التفتيشية الدقيق لمجموعة من الأساتذة الخبراء والحكماء بمجال التعليم الطبي، بجدول يومي دقيق لا يسمح بهدر جزء من ساعاته، حيث بدأ الفريق بمقابلة عميد الكلية ورؤساء الأقسام للاستماع حتى وصل الأمر لحضور جلسة من جلسات مجلس الكلية لمشاهدة مناقشة الأمور المدرجة على جدول الأعمال لاتخاذ القرارات المناسبة، بل وكان للزيارات الميدانية; لمرافق الكلية والجامعة ومستشفى الجامعة ومعامل البحث والمدرجات والالتقاء مع عينة عشوائية من الأساتذة والطلبة للاستماع وتدوين الملاحضات، إضافة لمقابلة أصحاب القرار الجامعي ممثلا برئيس الجامعة ونائبه لشؤون الكليات العلمية، مجلس الأمناء، مجلس العمداء للحصول على المعلومة الدقيقة والتأكد من محتوى المعلومات المثبتة بطلب الاعتمادية، حيث أنهى الفريق عمله باجتماع مع إدارة الكلية بفرصة استبشار قد تكون مشروطة بدون الادلاء بتصريحات تحتمل فرص التحليل والترجمة، ولكنها سوف تقرر بعد تحليل البيانات ودراسة مدى تطابقها مع الواقع والمطلوب، حتى وصلنا لمحطتنا الرابعة التي تمثلت برسالة لعميد الكلية تفيد بقرار الهيئة بمنح الاعتمادية الكاملة غير المشروطة لكلية الطب بالجامعة الأردنية بعد تحقيق متطلبات ذلك والتأكد من تطبيقها على أرض الواقع، إنجاز وطني يسجل، أدخل الفرحة لقلوبنا وطمأننا أننا نسير على الطريق العلمي الصحيح، حمل نسائم الالتميز، وبشرنا بفرص حصول أبنائنا على فرص التدريب والاختصاص، وحمَّلنا بذات الوقت بمحطته الخامسة بضرورة الاستمرار بالتميز، فالمحافظة على القمة تحتاج لجهود مضاعفة تفوق الجهود التي بذلت للوصول اليها، وقد أقسمنا بالاستعداد لهذا التحدي لأن انجازاتنا لم تكن فزعة أو وليدة اجتهاد، بل نتيجة طبيعية للتخطيط السليم الذي يحاكي المستقبل بلغة اليوم بجهد جماعي بدأ منذ سنوات.
هنيئا للجامعة ممثلة برئيسها، وهنيئا للكلية ممثلة بعميدها، وهنيئا لنا نحن العاميلن فيها بمختلف مواقعنا على ما أنجزنا، فضريبة النجاح هي العمل المخلص وقد فعلنا فحصدنا.