تجد الحكومات المتعاقبة صعوبة في تعزيز الثقة مع الشعوب، وهو ما أظهرته معظم استطلاعات الرأي باتساع رقعة فقدان الثقة بين المسؤولين وعامة الشعب. واستطاعت الحكومات بكل سهولة الوصول إلى هذا الحال مع تكرار ممارسات ساهمت بشكل كبير في نفور الناس من حكومات قائمة وعدم الترحيب بأخرى جديدة. أولا: استمرار اتخاذ قرارات تتعلق بارتفاع الاسعار سواء أكانت مشتقات نفطية أم زيادة ضرائب على سلع غذائية، وسط عجز عن إيجاد حلول بديلة ليصبح الحل السحري دائما هو جيوب اهل البلد. ثانيا: الاجتهاد الخاطئ في توقعات المساعدات والإيرادات الحكومية، إذ دائما يكتشف المسؤولين بأن تقديراتهم خاطئة وبلغوا مرحلة خطرة بما يتعلق بالإنفاق، وبالتالي تضاعف عجز الموازنة، ويتبع ذلك ملاحق وملاحق مخالفة للدستور. ثالثا: ينأى المسؤولون بأنفسهم عن متابعة الامور بشكل شخصي وإزالة عوائق أمام مستثمرين محليين واجانب، كذلك لا يفون بوعودهم في انجاز معاملات أو احتياجات لخدمات. رابعا: الانفاق غير المبرر في اتجاهات غير ضرورية مثل الاثاث والمركبات وتكلفة التنقل والاتصالات، رغم الوعود التي نسمعها بين الحين والآخر إلا اننا نرى مركبات حكومية تجوب الشوارع في منتصف الليل، وخالف مسؤولون قرارات الحكومة في مسألة الأثاث واستبدلوا بالقديم الجديد. خامسا: اعتاد من يتقلدون المناصب وحاملو الحقائب على التخلص من تركات من سبقوهم سواء البرامج أو الإستراتيجيات حتى يطال الأمر الموظفين فتبدأ عمليات التسريح لمن يحسبون على فلان وتعيين آخرين بدلهم للمحسوبين على فلان. سادسا: عجز دائم في التعامل مع الأزمات السياسية والاقتصادية محلية وإقليمية وعالمية، ليتبدد موقف الأردن الرسمي ويتلاشى الدفاع عن البلد على مستوى التصريحات ودائما نظهر كدولة ضعيفة تنعكس آثارها على الأفراد العاملين في الخارج. سابعا: التنصل من المسؤوليات في مسألة مكاتفحة الفساد وغض الطرف عن هذا وذاك، حتى يجد المسؤول نفسه متورطا أو في اتجاه الاستبعاد يهدد بأنه سيكشف الأوراق وسيعلن عن المكنون. ثامنا: تضارب التصريحات بين الطاقم الوزاري فتجد كل يغرد على هواه، أحدهم ينفي وآخر يؤكد، وثالث يعتقد بأن معلوماته أكيدة ليتكشف في اليوم الثاني عبر وسائل إعلام خارجية بأن القصة مفبركة. تاسعا: تغذية العنف ومقابلة العنف بالعنف، وعدم التعامل بأريحية ومرونة مع مطالبات الناس، وبث روح الكراهية بين فئات المجتمع غني وفقير ووافد ومواطن، من هذا الأصل وذاك. عاشرا: عدم الالتزام بكتب التكليف السامية، وغالبا ما تكون مفصلة وواضحة وتتضمن خطوات مفهومة وسهلة، رغم أن كل حكومة مطالبة باعداد كتب تكليف من ذاتها ولا حاجة لتدخل رأس الدولة. أخيرا، نأمل من أي حكومة اتباع تلك الخطوات بحذافيرها؛ فهي دائما كانت سببا في إقالة الحكومات.