هذا ليس وطناً

هذا ليس وطناً
أخبار البلد -  

من كان يتوقع أن يبلغ لبنان يوماً هذا الدرْك من التشرذم والانحطاط والاهتراء؟ من كان يتخيل أن يسقط هذا البلد الذي كان أنموذجاً فريداً في الشرق العربي، في هوة الفراغ الرهيب، سياسياً واقتصادياً وأخلاقياً، حتى بات عاجزاً عن النهوض، هو الذي اعتاد مواجهة المحن وتجاوزها طوال حقبات من تاريخه؟ يقف البلد اليوم أمام المجهول الذي لا أحد يعلم إلى أين قد يودي به، لا راسمو الخرائط الجديدة في الشرق الأوسط يعلمون ولا السياسيون ولا المحللون... بلد متروك لقدره، وقدره متروك للصدف وما قد تأتي به، في زمن اهتزاز خطوط الجغرافيا والتاريخ.

 

 

البلد الذي كثيراً ما تباهى بنفسه وتباهى به أهله وأصدقاؤه يكاد أن يختفي أو يزول إلى غير رجعة. ليس المقصود لبنان البخور والعسل كما قيل فيه قديماً، ولا لبنان المجد والعظمة بحسب عبارة المتعصبين حتى الشوفينية، ولا لبنان «الجسر العتيق» بين غرب وشرق، بين صحراء وبحر، ولا لبنان الخرافة والتخريف القومي... كل هذه الصفات التي أطلقت على لبنان لم تكن أصلاً إلا ضرباً من الإيهام اللفظي والتهويم البلاغي و «جنون العظمة». وكم باتت هذه الصفات مدعاة للسخرية، بعدما فقد لبنان ذريعة وجوده بصفته كياناً وجودياً وضرورة ووطناً نهائياً، كما قال به مفكرون من أمثال شارل مالك وميشال شيحا...

 

 

لبنان الذي فقدناه أو نكاد هو لبنان الذي سعى طوال عقود إلى أن يجد نفسه ويرسخها، سياسياً وفكرياً وثقافياً. لبنان الحداثة الذي استحال خلال نحو ثلاثة عقود مختبر الأفكار الجديدة والديموقراطية والمواطنة والثقافة والأدب والفن، لبنان الإنسان والإنسانية، لبنان مأوى الغرباء والمضطهدين والهاربين من أنظمة القمع والترهيب. لبنان الحلم الذي لم يُقدّر له أن يصمد كثيراً فتهاوى أمام رياح الطائفية والرجعية والتعصب والحقد... لم تكن صحوة ما بعد الاستقلال البديعة إلا صحوة نخب وأفراد تمكنوا فعلاً من إعلان معالم مستقبل لم يتح له أن يتحقق. كانت النخب في ناحية والجماعات في ناحية. كانت نار الأفكار تحتدم في العقول والكتب وظلمة أهل الكهف تنتشر في الجهات الخلفية.

 

 

لم يستحق اللبنانيون وطنهم. ووطنهم أيضاً لم يستحقهم، هم الذين أغرقوه في وحول كراهيتهم وغطرستهم ونفاقهم وفسادهم... هم الذين قضوا على ما كان يمكن أن يكون فرادة لبنانية. هؤلاء اللبنانيون، شعباً وجماعات وسياسيين، رؤساء ومرؤوسين، زعماء وأتباعاً، رعاة وقطعاناً... ولكن ليس جميع اللبنانيين، بعض منهم أدرك معنى هذا الوطن، ببساطة ومعرفة ووعي، وكان وفياً لفكرته و «ضرورته» وإن سقطتا كلتاهما في مستنقع التاريخ واليوتوبيا. الحكام الفاسدون يأتي بهم شعب ينخره سوس الفساد. الزعماء المرضى ينصّبهم شعب يتخبط في أمراضه... وما أكثر أمراضنا نحن اللبنانيين، أمراضنا الداخلية والخارجية.

 

 

أكتب هذا الكلام يأساً وخيبة وأسى. أكتبه قهراً وقهراً. من ليس مقهوراً اليوم في لبنان؟ المهزومون مقهورون، ومن يعدون أنفسهم منتصرين مقهورون، قادة الطوائف والمذاهب مقهورون أيضاً، لكنّ هؤلاء لم يقهرهم سوى كونهم أحجار شطرنج أو بيادق تحركها أيد من الخارج. هؤلاء لم تقهرهم إلا عبوديتهم وتبعيتهم وعمالتهم...

 

 

لم يبق لبنان وطناً. هل يقوم وطن من غير مواطنة؟ نحن لسنا مواطنين، نحن أرقام في طوائف وأحزاب طائفية ومذهبية وفي جماعات لا صوت للفرد فيها. وإن سُمّينا مواطنين زوراً أو بهتاناً، فنحن اللبنانيين لا نملك الحق الأدنى من حقوق المواطنة المتعارف عليها عالمياً. لا ماء ولا كهرباء ولا أرصفة ولا حياة سليمة ولا شيخوخة مضمونة ولا نظافة... وكان يكفي أخيراً أن يغرق البلد في النفايات وتستحيل الشوارع والأحياء مكبات أو «مزابل». فوضى عمرانية، فوضى إدارات، فوضى تخطيط، سرقات معلنة، مساومات وضرائب وضرائب ولا حقوق ولا أقل حقوق...

 

 

ظل اللبنانيون يتخاصمون على هوية لبنان حتى ضجروا. ليكن لبنان ما يكون، عربياً أو قومياً عربياً أو ذا وجه عربي أو قومياً لبنانياً أو قومياً سورياً أو بعثياً أو غربياً أو مسيحياً أو مسلماً... لكنهم لا يلبثون أن يستفيقوا كل فترة ليتذكروا أنهم ما زالوا غير متفقين على هوية بلدهم ولا على تاريخه. والآن فرض «حزب الله» هوية أخرى هي الإيرانية أو الفارسية. لبنان إيراني أيضاً. يا لنا شعباً في غاية الثراء والتعدد.

 

 

متى يعود لبنان وطناً؟ هل يعود؟ لا أنتظر جواباً، ما دام لبنان واللبنانيون أمام مجهول لا يفضي إلا إلى مجهول. وليس أمامهم إلا الانتظار ولو كان مضنياً.

 

 

 
شريط الأخبار ماجد غوشة: التوترات الإقليمية والحرب في لبنان وغزة تعمق أزمة العقار وتزيد من قلق المستثمرين ما مصير تيك توك في الأردن حزب الله يستهدف مقر الموساد بتل أبيب بصواريخ فادي 4 هلالات: الحكومة لا تلتفت الى القطاع السياحي بشكل جدي الملك يوجه الحكومة لإقامة طريق جديد يسهل التنقل للمناطق السياحية الملك ينعم على شخصيات عجلونية بميدالية اليوبيل الفضي (أسماء) أسماء المقبولين في دبلوم المعهد القضائي بدء صرف رواتب المنتفعين من صندوق المعونة الوطنية اليوم اسرار لم تنشر عن حادثة مصنع العقبة التي شغلت الرأي العام حزب الله ينفي التوغل الإسرائيلي بلبنان الملك يؤكد ضرورة تكثيف الجهود للتوصل إلى تهدئة شاملة في المنطقة بورصة عمان تغلق تداولاتها لجلسة اليوم الثلاثاء بنسبة انخفاض 0.1% المومني: توجيهات رئيس الوزراء بضرورة الانفتاح على وسائل الإعلام وتعزيز انسيابية تدفق المعلومات وحدة تنسيق القبول الموحد تعلن عن بدء تقديم الطلبات الإلكترونية لطلبة إساءة الاختيار والطلبة الراغبين بالانتقال الأمن يعلن عن اغلاقات وتحويلات مرورية في عمان الجمعة - أسماء عشرة صواريخ باليستية تهز تل أبيب وإصابة مستوطنين صافرات الإنذار تدوي واصابات في تل أبيب بعد رشقة صاروخية من حزب الله (فيديو) "رفعة الأداء والشفافية" تضع البنك المركزي على منصة التكريم الملكي وشركس يتسلم الجائزة اختتام ملتقى مستقبل الاعلام والاتصال بنسخته الثانية ( صور) ضبط مطلق النار داخل مصنع في العقبة .. توضيح أمني