اخبار البلد- لقد اعتدنا في الآونة الأخيرة ومع ظهور الثورات في الوطن العربي ان نسمع تكرارا لاتهامات لأشخاص بعينهم وتعدى الأمر ذلك إلى اتهام كل من يتسلم مهمة رسمية أو قيادة وزارة معينة بأنه فاسد وانه سرق ونهب واهلك كل من هم حوله ونهبهم .
الاتهامات سهلة والأسهل توجيهها إلى احدهم حتى لو لم يكن لدى أي شخص دليل على ذلك ولا أسهل من ان يوجه فلانا دون ان يذكر اسمه تهمة لشخص آخر ويعلن اسمه بأنه سرق ونهب وعاث في الأرض فسادا دون تقديم أي دليل .
في إحدى السنوات أطلق احدهم تهمة ضد احد مديري الدوائر الرسمية المشهود له بالشرف والكرامة انه سرق حوالي نصف مليون دينار علما ان موازنة دائرته كانت 600 ألف دينار أي ان الموازنة لاتكفي حتى شهر تشرين ثاني كرواتب للموظفين والأدهى من ذلك ان ذلك الرجل تنقل من دائرة لأخرى واستقال احتجاجا على أوضاع الموظفين المتردية وقيل عنه لص وحرامي .
ان التشهير هو فضح شخص أو أشخاص مما يسبب لهم المهانة من اقل الناس احتراما ومن أكثر الناس فسادا وتخريبا ويجعل ذلك كله الناس يبتعدون من حوله وعدم الثقة به حتى من أراذل الناس وأسوأهم فتشيع لدى الناس الشهوة بنشر ذلك الخبر أو التشهير رغبة في الانتقام أو الإساءة وذلك كله بسبب السعي إلى الحصول على مصالح خاصة أو تحقيق مغنم لايفيد الذي أطلق الإشاعة بشيء .
والتشهير هو نوع من أنواع اغتيال الشخصية خاصة إذا كانت تلك الشخصية ناجحة ومبدعة فأول ما يتم التشهير به أما شهادته كيف حصل عليها أو ماله كيف اكتسبه وجمعه ومنصبه كيف حصل عليه .
والتشهير بالآخرين حذرنا منه رسول الإسلام والسلام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بقوله " من قال هلك الناس فهو أهلكهم " أي ان هذا الإنسان هو من تسبب أو يتسبب في هلاكهم وكذلك يحذر النبي الكريم من تعيير الناس بالذنوب فيقول " من عير أخاه بذنب لم يمت حتى يفعله " والسنة النبوية الشريفة حذرت وشددت على عدم التشهير بالآخرين .
والخالق البارئ عز وجل أيضا جعل ذات المسلم كذات أخيه فأي إساءة تصدر عن البعض إلى الآخرين هي مردودة على من أساء بها ويقول البارئ عز وجل في محكم كتابة العزيز " ولا تلمزوا أنفسكم ولا تتنابزوا بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون " والإسلام العظيم اعتبر كرامة الغير من كرامة النفس وعلى الذي يشهر بالآخرين ان يضع الله بين عينية وان لايطلق الاتهامات جزافا لان القانون يقول " المتهم بريء مالم تثبت إدانته " الأمر الذي وللأسف يكثر في أيامنا هذه من خلال الأحاديث والتجمعات وحتى الاعتصامات التي رفع البعض فيها أسماء أشخاص بعينهم والمؤلم فعلا ان المجتمعات الإسلامية والعربية أصبحت تأخذ كل ماهو سلبي وتصدقه وتعمل على التنفير والتكذيب لكل ماهو صحيح .
فالذين يشهرون بالناس بعيدون عن الفهم الصحيح للإسلام وعن القانون الذي يحكم الناس بعد كتاب الله وسنة نبيه اللتين ابتعد الناس عنهما لحبهم في انتقاص الآخرين واغتيالهم بشتى الصفات والتهم الكاذبة والصادقة وليس من باب النصيحة الطعن في الفاسقين المجاهرين بفسقهم وفسادهم فكيف إذا بالمتهمين دون ان تثبت التهم ضدهم .
ان التشهير بالآخرين واغتيال الشخصيات المعروفة وغير المعروفة دون إثبات أو دليل إنما هو جريمة من الجرائم التي يحاسب عليها القانون والذي وللأسف لم نرى من احكامة حتى اليوم شيئا إزاء فئة دأبت على الإساءة للآخرين لأنه تربى وترعرع على هذه الفكرة الشاذة ودون وعي منه ان المسلم الحقيقي هو من يبتعد عن مواطن التشهير والشبهات وان يعمل بما يرضي الله قبل ان يرضي مسؤول أو شخصية اعتادت ان تسيء للآخرين لمآرب شخصية بحته .
إننا في الأردن أسأنا لأنفسنا كثيرا عندما سمحنا لكل من هب ودب ان يوجه التهم جزافا للآخرين دون وجه حق ودون تقديم أية أدلة وإثباتات والمشكلة الرئيسية ان تصديق المواطن المسكين لهذه الدعايات وأعمال التشهير جعلته يبث أخبارا بين أوساط العامة بان فلانا مسجون وفلانا سارق مارق وحرامي كبير وان فلانا القي القبض عليه وهو متلبس في حالة ما .
أما الخطير في كل ذلك فهو انتقاء شخصيات نظيفة ذات خدمات طويلة في سلك الدولة وتوجيه الاتهامات لها بالسرقة وإطالة اليد على ممتلكات الوطن فقط للإساءة لهذه الشخصيات وإبعادها عن موقع القرار وترك تلك المواقع لآخرين يبثون فسادهم ورائحتهم النتنة ضد كل ماهو شريف متناسين ان تلك الدعايات وأعمال التشهير تسيء لوطن وليس لأشخاص ذلك الوطن الذي يحتاج إلى مستثمرين والى أموال لتشغيلها في مشروعات تنموية والى تشغيل عاطلين عن العمل كل ذلك يؤدي إلى وقف تلك التطلعات من اجل الإساءة لشخص ما والتسابق على منصب ما .
على أي مواطن يرى في أخر انه فاسد ان يقدم الأدلة والبراهين أو ان يسكت وإذا تم ذلك وقدم الأدلة من خلاله أو من خلال أية جهة فعلية ان لايسيء لذلك الشخص حتى تثبت إدانته وعلى الدولة الأردنية وضع قانون يحاسب كل من يتهم الآخرين بما ليس فيهم أو دون تقديم دليل كاف حول أية قضية فساد أو رشوة أو ابتزاز .