أمامنا الفساد فأين الفاسدون ؟؟

أمامنا الفساد فأين الفاسدون ؟؟
أخبار البلد -  

أمامنا الفساد فأين الفاسدون ؟؟

د. طارق عبد القادر المجالي

وضع تعريف جامع مانع للفساد في البيئة العربية ، على الرغم من أن الشرائع السماوية والقوانين الوضعية قد جرمت مرتكبيه ، ولقد ورد في الإنجيل أن طوفان نوح وإهلاكهم كان عقابا على فساد استشرى في المعمورة ، كما ورد ذكر الفساد والمفسدين في القران الكريم اثنتين وثلاثين مرة ،مما يدل على خطورة هذا المرض حين يتفشى في مجتمع ما .

وعلى العموم فهو ضد الصلاح ، وهو انحراف أو تدمير النزاهة في أداء الوظائف العامة من خلال الرشوة والمحاباة والسطو على المال العام في أوضح أحواله .  ومن الظلم أن نحصره في الفساد المالي والإداري ، لأنني أشكك في تبرئة أحد من أبناء الوطن العربي من شبهة فساد ؛ لأنه يتناسب طرديا في البيئات الأكثر تخلفا وقمعا واستبدادا وسيطرة الفرد والمال وغياب الدين والوعي الثقافي والقانوني حينها يتكاثر كالفطر وينتشر كالجذام والطاعون والانفلونزا ، ليصبح الفرد أيا كانت مناعته الذاتية ترسا في دولاب الفساد .

 وله صور وأشكال وأنماط وأساليب ،تجعل استبانة الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفساد تكاد أن تكون مستحيلة ؛ لزئبقيته في التحول والصيرورة والتحول تحت ضغوط المجتمع ، والأوضاع الاقتصادية المتردية ، وتغول المال ،وسطوة الإعلام الخادع المزيف للحقائق ، وسيطرة مؤسسات الفساد والمفسدين على وجوه النشاط العام وعلى كافة أجهزة الدولة ومرافقها الحيوية.

لذا فإن هذا ( البهلوان ) يتحرك بخفة ونشاط في الأماكن البعيدة عن الرقابة والمحاسبة والتفتيش ، تبدأ من المدير العام مرورا بالموظفين وإنتهاء بمراسل الدائرة النشيط في جمع ( الإكراميات أو الإجراميات الإجبارية ) وآحاد الدنانير الذي يصل راتبه المضمر منها إلى ألفي دينار شهريا  ،كما قال أحدهم متبجحا .كما أن من بركات أيديهم وبعدهم عن الأنظار يمكّنهم من الاستيلاء على كل ما يتعلق بدوائرهم من فائض الأثاث المستعمل ،والمدلوق تحت الأدراج منذ سنوات كالكوابل وقطع الغيار والأدوات الكهربائية وغيرها .

سرقة البنزين العام ، وإضاعة وقت العمل بالوضوء والصلاة والتسبيح وأوراد الصباح، واستخدام السيارات الحكومية في غير أوقات الدوام ، وقبول ( الهدايا) الملغومة ، والتفكير بوجوه سيئة لسرقة الأراضي الحكومية وتأجيرها لمدد طويلة ،وإنشاء مؤسسات ومفوضيات وهمية كجوائز ترضية لمن لم يحالفهم الحظ  في  اصطياد حقيبة وزارية ،والحصول على سفرات ومياومات لحضور مؤتمرات وهمية  ،والحصول على منح وبعثات دراسية لذوي المعدلات المنخفضة أو للحج على نفقة الأوقاف ، وعقد الاتفاقيات والصفقات والاحتيال على القانون ، وتجاوز الدور في التعيينات ، ومحاباة الأقارب والأصدقاء على حساب العمل ، والحصول على  إجازات ( التمارض) من الأطباء المعارف الفاسدين ، وقضاء ساعات طويلة من الدوام على تلفون الدائرة ، أو الحصول على منفعة أيا كانت ضآلتها من الوظيفة ـ كل هذا وغيره (فسااااااااد ) وأيما فساد . وبهذه الأساليب الجهنمية  تحولت دولنا إلى مزارع للفساد والمفسدين ، يصدرون ثمارهم العفنة إلى  كل مسامات المجتمع وخلاياه الحية فلا تعود أجهزة مناعته وكريات دمه التخلص من شوائبه ، وهو لا يتوقف عند ( حفنة من عكاريت وزعران الطبقة المتنفذة ) بل هو حين يمارسه  الموظف الصغير أخطر وأعظم ؛لأنه يمس الشرائح الدنيا في المجتمع ،والقاعدة العريضة من ( الطفارى والمساكين ) . وكما يقال :إن النار من مستصغر الشرر ، فإن الفساد من مستصغر البشر .

 

لذا ، وبعد هذا التغيير (التسونامي ) في الوطن العربي ،دون استثناء ، فإنه لا مجال للتهاون في كبح الفساد والمفسدين ، عن طريق بسط أيدي العدالة والمساواة بين أبناء الشعب على السواء ، وتفعيل دور مؤسسات مكافحة الفساد وديوان الرقابة والتفتيش وديوان المحاسبة ، وتعيين مراقبين يتابعون إجراءات صرف المال العام في كل أجهزة الدولة ، وألا تكون المتابعة قاصرة على ما يردهم من تبليغات ( فاعل الخير ) .وتعميق معاني الانتماء الوطني ،لا من خلال شعارات وأعلام وأهازيج ، بل نريده واقعا وسلوكا وثقافة ووعيا ،وإعادة دور الموظف ( ابن البلد النشمي) لا الموظف المناطقي والجهوي ضيق التفكير ، والشفافية في تمويل الأحزاب السياسية والحملات الانتخابية ،وحماية المبلغين عن الفساد ،واتخاذ تدابير لمكافحة الفساد في مجالات المعونة الإنمائية، وفعالية القواعد الخاصة لمكافحته وتعزيز السلام.
وأن تكون هنالك عقوبات رادعة وزاجرة لمثل تلك التجاوزات أيا كان المتسبب فيها .

وأخيرا ، يحق لنا أن نتساءل : لقد قبضنا على الفساد ،والحمد لله ،في لقاءاتنا وإعلامنا وندواتنا وحواراتنا وأشبعناه ضربا وشتما ، فأين الفاسدون إذن ؟؟؟؟ أمنيتي الوحيدة يا جماعة الخير ،أن ترينا الحكومة فاسدا من لحم ودم ،صحيح الجسم ،ولا يعاني من اضطرابات في دقات القلب ،وغير مختل لاعقليا ولا نفسيا   ؛لنضمن  أنه سيكمل مدة محبوسيته في ( سلحوب ) . اللهم أحينا إلى أن نرى ذلك اليوم ،وعسى أن يكون قريبا.

Tarq_majali@yahoo.com

 

 

 

 

 

 

 

شريط الأخبار "الجرائم الإلكترونية" تلاحق حسابات وأشخاص يحاولون إثارة الفتن عبر منصات التواصل الاتحاد الأردني لشركات التأمين وغرفة تجارة عمان يعقدان اجتماعاً مشتركاً لتعزيز التعاون ودراسة التحديات المشتركة الملك يهنئ ترمب بولايته الثانية المومني: مشروع قانون يسمح بتولي رئيس إدارة "بترا" و"التلفزيون الأردني" من غير الوزير التوجيه الوطني النيابية تناقش السياسة العامة للإعلام والاتصال الحكومي آلاف تحت الأنقاض.. غزة تعيش صدمة دمار البشر والحجر وإعادة الإعمار حتى 2040 كتاب سري لوكالة المخابرات الأمريكية يكشف عن نظرية صادمة حول نهاية العالم الحوثيون: "أيدينا على الزناد ومستعدون للتصعيد" هل ادّعى السيّد نصر الله الموت لدواعٍ أمنية؟.. صورة وإطلالة قريبة تُثيران الجدل وتأخير التشييع موضع تساؤل ‏بايدن يعفو عن أشخاص هدد ترامب بملاحقتهم قضائيا... منهم من عائلته أميركا و"الوعود الخمسة".. بأيّ منها سيبدأ ترامب؟ وزير الصناعة يترأس اجتماع اللجنة العليا لتنظيم مهرجان عمان للتسوق 2025 الملك يتفقد مشروع مساكن الملاحة في دير علا المكون من 400 وحدة العمل النيابية: تعديلات مشروع قانون الضمان تعالج العديد من الثغرات وزير "التربية" يتحدث عن مسألة النقل المدرسي ترمب: سأوقّع اليوم سلسلة من الأوامر التنفيذية التاريخية أسيرة محررة تتحدث عما كان يحدث داخل السجون... تعرية من الملابس وتجويع سعيد ذياب: المقاومة في غزة تُسقط أوهام الاحتلال وتُعيد رسم معادلة النصر الفلسطيني جامعة العلوم التطبيقية تُتوَّج بالمركز الأول على مستوى الجامعات الأردنية في مسابقة المحاكمات الصورية في قضايا التحكيم التجاري الجمارك : ضبط 17 ألف عبوة من الجوس المقلّد المنتهي الصلاحية