في الوقت الذي كان حكام الدول العربية يتربعون في الحضن الأمريكي والأوروبي الدافىء ، وينفذون تعليمات وتوجيهات العم سام حتى لو كانت على حساب ثروات بلدانهم النفطية وعلى حساب شعوبهم مقابل رضى العم سام وطمعا في ديمومة تربعهم على كراسي السلطة والحكم ، وفي حين أن الشعوب العربية قاطبة كانت تكن العداء لامريكيا والدول الغربية المستعمرة ، ويدينون حكام بلدانهم ويتهمونهم بالخيانة والتواطوء لخدمة المصالح الغربية في المنطقة وعلى راس هذه المصالح حماية الدمَل الإسرائيلي في الجسم العربي ، يتضح لنا الآن أن ثمن الحرية وثمن الخلاص من ظلم وجور الحكام التي تسعى إليها الشعوب العربية سيكون غاليا ، كيف لا إذا كانت هذه الشعوب وقياداتها الثورية تسعى لإزاحة الحكام عن كراسي السلطة والحكم ، وكراسي الولاء والطاعة للبيت الأبيض والغرب الأوروبي ، والتربع عليها بدلا من الحكام ، كيف لا وقد بدأ يتضح أن السياسة الغربية الشيطانية تستغل الوضع المتأزم من خلال تسجيل المواقف الداعمة للشعوب الثائرة وتقديم المساعدة اللازمة لها لضمان نجاح ثوراتها ضد حكامها ، والاحتواء الكامل لهذه الشعوب خاصة في وجود حالة الانقسام العربي وغياب دور الجامعة العربية ، هذه الجامعة التي هي أصلا كانت تمثل الحكام ولم تكن يوما تمثل الشعوب العربية ، ولم تكن في يوم من الأيام ملاذا للشعوب العربية التي كانت تقهر من حكامها ، ولم يكن متوقع من الجامعة العربية التي يديرها احد رموز نظام حسني مبارك ووزير خارجيته الأسبق أن تقوم بأي دعم مؤثر وفعال تجاه هذه الشعوب الثائرة على حكامها ، ومن خلال متابعة آخر مستجدات الوضع الليبي ، يتضح انه من السذاجة والغباء وقصر النظرالسياسي الاعتقاد بان الشرق الأوسط وكما صرح رئيس الجمهورية الإيرانية في خطابه الأخير أصبح منطقة خارجة عن السيطرة الامريكيا والغربية بعد إسقاط أنظمة الحكم فيه ، ولا ادري كيف يكون ذلك إذا كانت الشعوب الثائرة وقياداتها تلهث وراء الدعم الغربي وبكافة الوسائل الممكنة ، لمساعدتها على خلع الشوك من الجسم العربي بالملقط الأمريكي والأوروبي ، وحتى تتمكن من الإطاحة بأنظمة الحكم في بلدانها ، ولا ادري إلى ماذا سيئول الموقف الشعبي العربي المعادي لامريكيا وبعض دول الغرب بسبب سياساتها السابقة في المنطقة العربية ، بعد أن مكنت هذه الدول الشعوب العربية الثائرة من إنجاح ثوراتها ، كما إني استغرب من الموقف الإسرائيلي الهادىء تجاه ما يجري في المنطقة من أحداث وتغييرات جذرية ، ألا يعطي هذا انطباعا بأن نتائج هذه الثورات لن يكون لها أي تداعيات سلبية على الكيان الصهيوني ، إذا كان الأمان والاستقرار سابقا كان مرهون باحتواء الحكام ، فكيف إذا كانت الشعوب الثائرة وقياداتها التي تلهث وراء الدعم الغربي تسعى للجلوس في الحضن الغربي وعلى كراسي الولاء والطاعة التي كانت مخصصة للحكام العرب الذين كانوا يتهموا من شعوبهم بالخيانة والتواطوء ، ذكر لي احد الأشخاص انه دخل شارع فرعي قاصدا إحدى القرى وعندما قطع مسافة تقارب 30 كم وجد الشارع مغلق ووجد قارمة مكتوب عليها إن الشارع مغلق بسبب إعادة التعبيد ولم يكن أمامه إلا إن يعود أدراجه مسافة 30 كم ليعود حيث كان ، ويتوجه للقرية من طريق بديل آخر ، وكأنك يا ابو زيد ما غزيت ، سؤال في زمن أصبح فيه الحليم حيرانا هل الديمقراطية المنشودة أو التي تحققت من خلال هذه الثورات هي نهاية المطاف ، هل هذه الحرية تستحق الثمن الباهض لها ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ وكيف ستقوم الشعوب الثائرة بمكافئة العم سام على هذه الوقفة الانسانية ، وكم وكيف ستدفع فاتورة السلاح والصواريخ التي تكبدتها قوات التحالف والنيتو في اراقة الدم الليبي لحقن دماء الشعب اليبي نفسه ايضا ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ وربما اليمن السعيد لاحقا ، نسأل الله التدبير وحسن المخرج .