أخبار البلد - ربا قنديل

ملفات ساخنة تكشف عملية نصب محترفة تتعلق بمروجي مكملات غذائية ومستحضرات طبية يقال انها مصنوعة من مواد طبيعية بطريقها لمكتب الدكتور هايل عبيدات مدير عام مؤسسة الغذاء والدواء، وهذه المواد دخلت الأردن تحت مسمى شركة عالمية لا وجود لوثائق تؤكد امكانية بيعها بشكل رسمي او تصريحات معتمدة من قبل المؤسسة.

يجدر بي ان اطرح عدد من الاسئلة حول هذه المواد الطبية هل من حق المؤسسات ترويج مستحضر طبي غير حاصل على شهادات رسمية وتسمح ببيعه وتسويه؟ ومدى خطورة بيع مستحضرات طبية "مكملات غذائي" على صحة المواطنيين؟ وهل هي حقا مصنوعة من مواد طبيعية 100%؟ وكيف دخلت هذه المواد للاردن قاطعة الحدود والجمارك دون التفات من مؤسسة الغذاء والدواء وتباع الان بالاسواق؟ واين كوادر وطاقم المؤسسة عن هذه العملية الواسعة الانتشار في المملكة؟

ويتجسد الموضوع تحت مسمى "مشروع الحياة السعيدة" هي فكرة غريبة طرقت بابي منذ اسبوع حيث راسلني دكتور يختص بالتنمية البشرية عبر موقع التواصل الاجتماعي (الفيسبوك) يدعى "ن .ف" حدثني باسلوب جاذب قال لي " مساء الخير انا بعرف انك انسانة مميزة وطموحة جدا وحابة يكون عندك مشروعك العالمي الخاص فيكي، فخبريني عشان نرتب اتصال واعطيك فكرة افضل انا اعمل الان بشركة امريكية بخصوص مشروع ضخم يخص فكرة تحقيق "الثراء"، اذا كنت مهتمة بانتظارك".

وكالعادة لم ألتفت للرسالة واغلقت متصفحي وخرجت، لكن اصراره يوما بعد يوم جعلني اوافق على احتساء فنجان قهوة برفقته ليبين لي ما هي فكرة المشروع وكيف سيضموني للعمل معهم كشابة مبدعة وتمتلك طموح عالٍ، بمدة شرح لا تتجاوز الـ 45 دقيقة لذا وافقت.

وفعلا اتجهت مساء السبت لمقر عرض المشروع وهو فندق "M.N" في عمان، وعند دخولي تفاجأت بعدد الشباب الضخم الذي حضر ليستمع للفكرة مثلي تماما، وبعدما تعرفت على "ن.ف" جلست وبدأ يحدثني ثم اخرج ورقة بيضاء وطلب مني ان اكتب ما هي الطموحات التي احلم بتحقيقها وما هي المشاريع الخيرية التي اود انشائها لو كنت أمتلك مالا.

لكني رفضت.. وتحت اصراره كتبت مجموعة من الاحلام وعندما اطلع عليها حذف جميع الطموحات الانسانية والتي تتمحور حول الذات وتنمية القدرات الابداعية وضع دوائر على الطموحات المادية الخاصة بالمشاريع، وبدأ بتقيم تكلفة كل مشروع وفاجأني بالرقم النهائي الذي نتج، ثم سألني كم تتقاضين راتب من عملك بالصحافة، ومن ثم قال ان راتبي مضروب بـ 20 عاما من العمل يمكنني من تحقيق 2% من أحلامي فقط.

ثم طرح علي سؤال انت سعيدة بعملك، وهل هذا العمل حقق لك الراحة، كم عدد ساعات عملك، وكم عدد ساعات فراغك؟

ثم اخرج ملف وبدأ بشرح منظومة العمل الثلاثية التي تعمل عليها شركة "U.N" الامريكية والتي تتخلص بان كل انسان بالحياة يبحث عن الثراء "المال". وان هذا المال يرتكز في قمة الهرم وان العمل يحتاج لوقت ويساهم بشكل كبير بتراجع الصحة ، لكن السؤال المنطقي يتلخص بأنه كيف يمككنا ان نحقق الثراء وصحتنا تبقى جيدة وبوقت عمل قصير جدا؛ اي ان نمتلك السعادة التي تتلخص بـ (المال، والصحة، والوقت) معا.

واضاف ان هذا الامر اذا اجتمع فنحن بالتالي حققنا "السعادة المطلقة".

ثم بدأ بالتعريف عن شركة " U.N "وهي امريكية الاصل مؤسسة منذ 109 سنوات لها أكثر من 138 فرع حول العالم، وافتتحت فرعها بالاردن منذ 4 شهور فقط ليس لها مقر رسمي لأن اعضائها مدراء انفسهم ولا سلطة تحكم أحداً وان الجميل بفكرة المشروع ان لا احد يستطيع التحكم في الموظفين وتوبيخهم او محاسبتهم فكلٌ مدير نفسه.

واضاف ان الجميع يرتبط مع الفرع الرئيسي في "تايلند" ، وان الفرد بمجرد انتمائه لهم يحصل على بطاقة عضوية تحتوي اسم مستخدم ورقم سري تؤهلك لدخول منظومة الكترونية خاصة بالارباح التي حققت لصالحه والميزات التي سيحصل عليها من سفر وسيارات ومبالغ نقدية وغيره وهذا كله مقابل مجموعة من "المكملات الغذائية" الصحية 100%.

حيث تبنى فكرة المشروع على ان الفرد الذي سينتسب للشركة سيدفع مبلغ 800 دينار مقابل حصوله على مكملات غذائية بهذه القيمة وهو حرّ التصرف فيها من حيث البيع او اخذها وغيره وانه يحق لصاحبها زيادة قيمة 20% على السعر الاصلي كمربح، وان الشركة لا تلزم منتسبيها على شراء هذه المكملات سوى في الشهر الاول فقط، ومبدأ العمل القائم على تحقيق الثروة مبني على بناء علاقات شخصية واشراك المعارف في العمل على ان يأخذ الشخص مربح قيمته 20% على الفرد الاول الذي يضمه للشركة ومن ثم 25% على الفرد الثاني و 30% على باقي الافراد وهذه النسب تودع في حسابه والذي يحتوي كشف على قيمة الارباح المحققة لصالحه.

واضاف اننا بهذه العملية يمكننا تشكيل "خلفية" تعمل بدلا منا ونحن مرتاحون حيث يمكننا ان نعمل في بيع المكملات وقت ما نشاء ولمن أردنا وليس مطلوب منا ان نعمل كمندوبي مبيعات مثل باقي شركات التسويق.

ثم طرح لي ورقة يسترض فيها تقسيم فئات المجتمع الاردني من حيث الاجور والدخل والتي قسمت لاربع مستويات " اصحاب الدخل الثابت" وهم الموظفين الذين يتقاضون دخل محدود ويمكن زيادة دخلهم بساعات عمل اضافية مما ينعكس بالضرر على الصعيدين الصحي والوقت، اما المستوى الثاني فهم "اصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة" و هاؤلاء الاشخاص من الممكن ان حققوا دخل متفاوت لكن اكثر من 75 % من هذه المشاريع تحظى بالفشل بعد السنة الاولى وان من يعمل بهذه المشاريع سيحقق المال مقابل الوقت الكبير الذي سيمضيه في مشروعه بالتالي سيؤثر بشكل سلبي على صحته.

والقسم الاخر من الفئات يقسم الى "أصحاب الثروات" وهاؤلاء ورثوا مالهم وشغلوه في مشاريع ضخمة، هم بالتالي مرتاحون الان لانهم لا يعملون اي يمتلكون وقت فراغ كبير وصحتهم جيدة، اما القسم الرابع فهم "أصحاب الماركات والعلامات التجارية الضخمة" مثل "kfc& burger king " وغيرهم الكثير وهاؤلاء انشأوا مشاريعهم وسلموها لمجموعة من الناس وفق خطة عمل منظم كفلت لهم النجاح وهم الان يحصدون ثمرة نجاحهم حيث يجنون المال دون اضاعة الوقت لانهم لا يعملون وصحتهم جيدة بالتالي ونحن نسعى لجعلك من هاؤلاء الاشخاص تحديدا وهذا يتحقق بسبب طموحك العالي وشخصيتك البارزة واحلامك الكبيرة.

واضاف انه يعمل بالشركة منذ شهر تقريبا وان أكثر من 11 شخصا أصبح تحت اسمه حتى الان اي يعمل لصالحه بالتالي فهو يأخذ نسبة كبيرة من عمل هاؤلاء.

وقال ان بامكان اي شخص تحقيق الثراء من 2- 5 اعوام من العمل اي انك بامكانك ان تصبحي "مليونيرة" بهذا الوقت كما ان العمل غير محدد وبامكانكِ ان تعملي بأوقات فرغك اليومية او لا تعملي فليست هناك أي مسائلة من قبل الشركة.

وعندما سألته عن التمويل وكيف ستستفيد الشركة اذا حقق موظفهوها كلّ هذه الارباح قال: ان الشركة كانت تعلن عن نفسها عن طريق التلفاز بالاعلانات المصورة تكلفها مليارات الدولارات وعندما اجرت الشركة دراسة على شريحة من المجتمع وجدت ان نسبة مشاهدي الاعلان لا تتخطى 5% من متابعي القنوات الضخمة التي يعلنون عن طريقها اي ان الاعلان يمثل مخسر بالنسبة للشركة وانها التفتت لفكرة "word of moth " وهي التي تعتبر مؤثرة بشكل اكبر وموفرة لصالحهم أيضا.

ومن ثم عرض لي مجموعة مستحضرات وملف يحتوي على "المكملات الغذائية و مشروبات صحية بديلة وكريمات ومواد التجميل وادوية لتنظيف القولون والمعدة ومشروبات تحتوي على الكافيين بديلة عن النسكافيه والقهوة ومصنعة من مواد طبيعية لا تعلق بجدار المعدة كما عرض لي مجموعة من الادوية المتعلقة بالقلب ومستحضرات طبية لمنع تجلط الدم او انسداد الشراين مشيرا انها مواد طبيعية 100% تبتدئ اسعارها من 3 دنانير وحتى 200 دينارا للمنتج الواحد.

ثم عرض فيديو مصور جاذب يداعب اهتمامات الشباب وهدفه الاغراء متواجد على موقع اليوتيوب بشكل مختصر ويعرض مجموعة من الجوائز التي ستوزع على المساهمين الذين حققوا ثراء عن طريق الشركة من سيارات لمبرجيني ورحلات لاماكن سياحية متعددة.

واحيطكم علما ياعطوفة المدير العام للمؤسسة بأنه لدي مرفقات تبين نوعية المستحضرات الطبية "المكملات" سأعرضها أمامكم للنظر فيها طالبة منكم أخذ هذه القضية على محمل الاهتمام كون الاضرار الناجمة عنها تمس شريحة كبيرة من ابنائنا وشبابنا ومواطنيننا بالدرجة الاولى.

وادعوا المؤسسة لأخذ عينات من هذه المكملات وفحصها في مخابرها ومن ثم توضيح مدى الضرر الناجم عن استعمالها للمواطنيين، وبث نشرة توعوية عبر التلفاز لتصل لاكبر شريحة ممكنة.

كما اطلب من عطوفتكم اتخاذ اجراءات قانونية في حال تبين لكم مدى صحة هذا التقرير والقاء القبض على الاشخاص المسؤولين عن هذه العملية الترويجية المضضلة.

ونطالب الجهات الرقابية في دائرة الجمارك وشرطة الحدود ان تنشط عملها لتمنع دخول مثل هذه المستحضرات التي من الممكن ان تودي بحياة الكثير من مستخدميها و تسبب لهم تسمما غذائية او امراض هم في غنى عنها.

كما أود لفت نظر المواطنين لعدم استخدام مستحضرات طبية او مكملات غذائية الا بوصفة طبية وشرائها من الصيدليات الكبرى.