اخبار البلد- الأسبوع الماضي كان رئيس الوزراء الأردني معروف البخيت على موعد مع إنفعالين من الطراز الرفيع يظهران وفقا لبوصلة المقايسات السياسية المحلية بان حكومته دخلت مبكرا في تصنيف 'آيلة للسقوط' وإقتربت كثيرا من تصنيف الرحيل الوشيك.
والمقياسات المألوفة تقول بأن مؤسسات القرار القوية والأساسية الشريكة في الدولة إذا وصلت في أي لحظة لمستوى العمل منفردة وبعيدا عن مطبخ الحكومة فإن هذه الحكومة تصبح على وشك الرحيل.
أما إذا بدأت الحكومة نفسها تشتكي علنا من 'إعتداء' مؤسسات موازية على ولايتها العامة فالفرصة متاحة لتدشين موسم السقوط القريب الذي يترافق بالعادة مع محاولة محمومة لرئيس الحكومة لإجراء تعديل وزاري يطيل ولو قليلا في عمر الوزارة وحزمة شائعات تنهش جسد الحكومة وتهدد إستقرار أجنحة الوزراء.
وحسب المعطيات التي توفرت الأسبوع الماضي يقترب البخيت وبسرعة من هذه الخطوط بعد أن كان السبب اليتيم الذي قيل في تفسير ولادة حكومته هو محاولة منع تحالف كان يعد له الشيخ زكي بني إرشيد بين الإسلاميين والمتقاعدين العسكريين.
وبعدما تأكد الجميع بان البخيت نفسه قبل المجازفة وتحمس لها لسبب آخر يتيم وهو حاجته الشخصية الملحة للعودة رئيسا ولو لعدة أسابيع حتى ينتقم من الصورة المستقرة عن رئاسته التي أسقطها عام 2007 تحالف بين مؤسستين من مؤسسات القرار في ذلك الوقت لم يعد سرا أنهما الديوان الملكي والمؤسسة الأمنية.
سبب الولادة الأساسي اليتيم لم يعد قائما ففكرة التفاهم والتلاقي بين الإسلاميين والمتقاعدين لم تكن أصلا تحمل في طياتها فرصة للنجاح أو الصمود وتم تضخيمها لصاحب القرار وتخويف المؤسسة منها.
وحتى ملف المتقاعدين العسكريين نفسه لم يفعل البخيت به شيئا وهو مستقر الآن بين يدي الرجل القوي في الديوان الملكي الدكتور خالد الكركي، وذلك لا يعني إلا ان النظرية الأساسية التي روجت كأساس لفكرة ولاية البخيت تقوضت مما يعني تلقائيا رفع الغطاء عن الحكومة الحالية.
أما دوافع البخيت الشخصية فقد إستنفدت فالرجل عاد للحكم وجرب حظه للمرة الثانية ويملك الأن قائمة عريضة بأسماء الشخصيات المهمة التي يمكنه القول ـ بعد الرحيل طبعا - بانها تآمرت على وزارته الثانية وهي قائمة منوعة هذه المرة وقد تبدأ بالشيخ حمزة منصور وتنتهي بشخصيات رسمية بارزة مثل الدكتور الكركي نفسه او غيره من كبار المستشارين في القصر الملكي او حتى قد تشمل شخصيات وزارية عاملة مع البخيت او يفترض انها تأتمر بأمره.
وبدا واضحا الأسبوع الماضي ان عدة أسباب توفرت بين يدي البخيت حتى يهجم مجددا على بعض المواقع داخل جهاز الدولة والقرار تحت عنوان الولاية العامة وإستعادتها خصوصا مع وجود ثلاثة وزراء على الأقل في طاقمه يرهقونه يوميا بهذه القصة ويعملون على تحريض رئيسهم ضد مؤسسات أخرى 'تعتدي' او مصرة على الإعتداء على خطوط إنتاج حكومته ومساحاتها.
وإنطلاقا من ذلك هاجم البخيت ووزراؤه مثلا ما تصورا أنه عمل خارج سرب حكومته من مؤسسة حيوية ومهمة هي هيئة مكافحة الفساد التي لم تعد تعمل على مقاس التفصيل الحكومي، كما هاجم رموز الحكومة شخصيات بارزة في الجهاز الإستشاري للقصر إتهموها بالعمل على 'إضعاف' الحكومة تحديدا بعد إنفتاح قضية مغادرة رجل أعمال بارز على هامش تحقيقات الفساد.
هذا الهجوم الذي يظهر بوضوح ضعف ورقة الحكومة وتراخي الدعامات لها وإنقلاب البعض عليها وتحولها في بعض الأحيان لعبء على النظام كما سيتضح بعد أسابيع.. هذا الهجوم تقول الحكومة أنه يتخذ شكل الدفاع عن الولاية العامة ووقف شغب شركاء القرار لكن في الحقيقة تتزايد القناعة يوميا حتى في مستويات القرار الرفيعة بأن توليفة البخيت ولدت أصلا في ظروف ملتبسة حيث إكتشف البعض الآن انها قد لا تكون خيارا جيدا.
وزارة البخيت تشتكي من الإعتداء الرسمي على 'ولايتها العامة'.. محاولات للتعديل الوزاري وإقتراب سريع من تصنيف حكومة آيلة للسقوط
أخبار البلد -