أنشأت في مدينة نيور بوسط فرنسا الغربي أول مقبرة "بيئية" تنعدم فيها جميع المواد التي يصعب على الطبيعة تفكيك مكوناتها فيما بعد، ويصعب أيضا إعادة تدويرها، "يوارى فيها الموتى التراب بطريقة طبيعية"، وفق ما جاء في تصريح للمسؤول عن المقابر في المدينة.
في مدينة نيور في وسط فرنسا الغربي "مقبرة طبيعية" لا رخام فيها ولا أزهار اصطناعية، توفر نموذجا غير مألوف للمثوى الأخير مراع للبيئة ومتدني الكلفة.
عند مدخل هذه المقبرة وضع قول مكتوب لعالم النبات جيل كليمان يقول: "من أجل استحداث حديقة يحتاج المرء إلى قطعة أرض والأبدية".
وقال دومينيك بودان المشرف على مقابر نيور لوكالة الأنباء الفرنسية "أردنا أن نوفر بيئة مختلفة حيث يوارى الموتى في التراب بطريقة طبيعية".
وقد دشن شخصيا العام الماضي هذه "المقبرة الطبيعية" الأولى من نوعها في فرنسا، وهي موجهة للجميع من ملحدين ومؤمنين من كل الديانات من أتباع الدفن أو حرق الجثث.
ويفصل جدار من الحجر وسياج من الأشجار هذا المكان شبه البري عن المقبرة المجاورة بمواصفات عصرية يهيمن عليها الإسمنت.
ويقول دومينيك بودان "بعض زوار الجانب الآخر يعبرون أحيانا الحدود" الفاصلة مع هذا المكان الهانئ الذي تنتشر فيه الأشجار وتبلغ مساحته أربعة آلاف متر مربع وبات يرقد فيه 12 شخصا. ويتحدث عن امرأة أتت لوضع الزهور على قبر زوجها في المقبرة المجاورة قبل أن تأتي إلى هنا لتصلي في ظل أشجار الزيزفون.
وتقول إيف-ماري فيرير مصممة الحدائق في إدارة الأماكن العامة في بلدية نيور "لقد صممنا المكان للتخفيف من الأثر على البيئة وإقامة رابط بين الموتى والزوار والطبيعة".
ويعتبر دومينيك بودان أن استخدامات المقابر تغيرت في غضون ثلاثين عاما. فمع تشرذم العائلات "لم يعد الأقارب يقيمون بالضرورة في المنطقة نفسها والحاجة إلى تمديد مدة الامتياز على القبور".
ويشدد المشرف على المقابر "يجب أن نسأل أنفسنا ماذا سيحل بهذه القبور المصنوعة من الغرانيت المستوردة من الصين بأسعار عالية ويصعب إعادة تدويرها، في حال لم تجدد الامتيازات". وهو العقد الرابط بين عائلة صاحب القبر والبلدية.
ويضيف أن "الاستخدام المفرط لمبيدات الأعشاب في المقابر التقليدية جعل التربة جدباء بحيث لم تعد قادرة على امتصاص المادة العضوية لجثمان الموتى".
ويعتبر أن حظر المبيدات في الأماكن ".العامة في فرنسا اعتبارا من العام 2020 سيدفع إلى "الانتقال من الآن إلى المقابر النباتية
وأتى جان كلود وكلوديت فرادون، وهما مدرسان متقاعدان لزيارة المكان. ويقول جان كلود باستياء "تجار الموت يجعلونك تدفع عن كل شيء! لكن هل نحتاج فعلا إلى كل ذلك؟. وهو يرى أن فكرة هذه "المقبرة المراعية للبيئة والمتدنية الكلفة رائعة".
أما زوجته كلوديت فهي تفكر "من الآن بهذا الخيار".