أخبار البلد - عامر الحنتولي - في خطوة لم تسلك الشكل الرسمي في الرد على التصعيد الإيراني ضد الأردن، أرجأت الحكومة الأردنية خطوة تسمية سفير جديد لها في العاصمة الإيرانية، وذلك على خلفية تصريح الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد بأن زيارة الملك عبدالله الثاني إلى طهران أرجئت الى أجل غير مسمى، وأن الأردن سيكون عرضة للتقسيم الجغرافي، وهو ما اعتبرته عمّان تحرشًا سياسيًا جاء على خلفية الموقف الأردني الداعم والمساند مملكة البحرين أولاً ضد التدخل الإيراني، والموقف الخليجي بشكل عام الرافض التورط الإيراني، إذ اعتبرت عمّان أن أمن الخليج هو خط أحمر بالنسبة إلى الأردن، في حين أن سفارتها في طهران تدار منذ أشهر عبر قائم بالأعمال هو الدبلوماسي نصار الحباشنة.
وفعليًا فقد توقفت مساع أردنية إيرانية لتطبيع مثالي للعلاقات الدبلوماسية، إذ رغم تمنع عمّان عن إرسال سفير لها الى طهران، فإن الأخيرة قد أوفدت قبل نحو شهرين سفيرًا جديدًا لها هو الأكاديمي مصطفى زادة المتحدث بالعربية بطلاقة، إذ أكد حين سئل عن مغزى طهران من إرسال سفير إلى الأردن، دون أن يرد الأردن ذلك أن الهدف الحالي الذي يركز عليه في مهمته هو تطوير وحماية العلاقات الأردنية الإيرانية بأمر من الرئيس نجاد، وهي التصريحات التي قابلتها عمّان بإرتياح سياسي.
ولاحقا أعقبت عمّان هذا الإرتياح بإجابة طلب إيراني بإستقبال المستشار المقال أخيرًا لنجاد، رحيم مشائي، الذي جاء الى عمّان، وسلم ملك الأردن رسالة تضمنت الدعوة على أعلى مستوى إيراني إلى الملك الأردني لزيارة طهران، علمًا أن عمّان لبّت الدعوة، وأبلغت مشائي أنها ستحدد في أقرب أجل ممكن، إذ يبدو راهنًا بأن هذه الزيارة تعثرت بداية مع الموقف الأردني من أحداث المنامة، قبل أن تتجمد مع إقصاء مشائي الذي يبدو أنه كان مسؤولاً عن ملف العلاقات بين عمّان وطهران.
شكوك كبيرة
ويضيف أبوطير: “هناك شكوك كبيرة، اليوم، بين الجانبين، فالأردن لديه ملاحظات كبيرة بشأن مساعي إيران للتدخل في الاردن سياسيًا وأمنيًا، وهناك تحفظات شديدة على الموقف من دول الخليج، ومن قضية فلسطين، وما يجري في العراق.. ليس أدل على ذلك من التنديد الأردني بموقف إيران مما جرى في مملكة البحرين، إذ أتخذ الأردن موقفًا يتطابق مع موقف المنامة، في التنديد بما سمّي إثارة الفوضى، واللعب على ملف العلاقات السنية الشيعية”.ويعيد الصحافي الأردني أبوطير الى الذاكرة بأن الأردن يرى أن طهران في فترة من الفترات نشطت في الساحة الأردنية بوسائل كثيرة، وتحفظ الذاكرة السياسية طرد دبلوماسيين إيرانيين من الأردن، لتحركهم في عمّان والكرك ومحافظات أخرى، إذ لا توجد حاليًا على مايبدو نشاطات إيرانية في الأردن، إلا أن المخاوف من الإمتداد السياسي والمالي والمذهبي عبر واجهات ووسطاء، تبقى قائمة في العلاقات بين الأردن وإيران.
كما لا يتردد الصحافي أبوطير في التأكيد على أن العلاقات الأردنية الإيرانية تتحكم فيها ثلاثة عقد محلية واقليمية ودولية، وهي من أصعب العقد، ولا يعرف أحد ما إذا كان ممكنًا فك رؤوسها، في ظل توقيت خطر، يقول إن كل المنطقة مقبلة على تغييرات غير مضمونة الشكل والإتجاه”.
الأردن وصدام
من جانبه يقول الناشط السياسي، والمدوّن الأردني أيمن المومني، إن الأردن يخاصم إيران سياسيًا ودبلوماسيًا منذ إندلاع حرب الخليج الأولى بين العراق وإيران، وهي الحرب التي وقف الأردن موقفًا مؤيدًا لها وعلنيًا مع الرئيس العراقي السابق صدام حسين، بل واصطحب الأخير الملك الأردني الراحل حسين بن طلال صدام أكثر من مرة الى خطوط المواجهة العسكرية مع إيران، إذ إنه في أحد الزيارات فقد استل الملك الراحل رشاشًا، وأخذ يطلق منه النار بإتجاه القوات الإيرانية، وهي اللقطة التي لا تزال تثير غيظ الإيرانيين، إذ إن الكثير من الأقطاب المتشددة في النظام الإيراني لا تريد إقامة علاقات مع الأردن.
ويضيف المومني أن عمّان لا ترتاح للتحرك الإيراني، وكان الملك عبدالله الثاني أول من تحدث عن قضية الهلال الشيعي، في إشارة ضمنية الى التدخل الإيراني في الإقليم الخليجي، كما إن رئيس مجلس النواب الأردني قد أعاد هذا المصطلح الى الواجهة، إلا أنه أكد في زيارة إلى الكويت أن الهلال صار بدرًا مكتملاً، في تعليق له على التدخل الإيراني في البحرين، لذلك فإن عمّان وطهران لا تلتقيان أبدًا في خط سياسي واحد، وأن تاريخ العلاقات المتشنج ينذر بتصعيد إضافي، قد يطال مسألة التهديد الأمني لإستقرار الأردن.
يشار الى أن الحكومة الأردنية كانت قد أعادت السماح لمحطة “العالم” التلفزيونية الإيرانية مجددًا العمل على الأراضي الأردنية، بعدما كانت قد سحبت هذا الترخيص، قبل أشهر، بسبب ما أسمته وقتذاك عدم إكمال فريق المحطة في عمّان الأوراق والتراخيص اللازمة لممارسة العمل بشكل رسمي، الأمر الذي إعتبر أنه دلالة على تشنّج صامت في العلاقات الأردنية – الإيرانية.