يُتوقع أن يشهد عام 2016 ولادة محطة الإعلام العام المستقلة بعد صدور الإرادة الملكية بتعيين رئيس وأعضاء إدارتها، والأهم نظامها الخاص رقم "53" لسنة 2015 والتعديل اللاحق له، كما تمضي الحكومة لتأسيس مجلس شكاوى الإعلام بعد نقاشات موسعة في لجنة الاستراتيجية الإعلامية ومع مؤسسات المجتمع المدني واليونسكو.
كلا الفكرتين أو التوجهين، الإعلام العمومي أو مجلس الشكاوى، ليسا اختراعاً أردنياً، بل معمول به في الكثير من دول العالم التي تحترم حرية الإعلام، ويعد الأخذ بهذه النماذج من الممارسات الفضلى دولياً.
ومع ذلك تعرضت محطة الإعلام العام الى انتقادات، وفكرة مجلس الشكاوى تواجه بهجوم، وربما يكون أكثر المنتقدين من الإعلاميين، وقد يكون لهم بعض الحق، فالتجارب في العقود الماضية علّمتهم وعلمت كثيرين أن لا يثقوا بوعود الحكومة، فأفكار ومشاريع كثيرة مسختها الحكومة وتحولت وبالاً.
إن كان ذلك صحيحاً بعض الشيء، فإنه لا خيار لنا سوى أن نعمل بجدية لإنجاز مشاريع وأفكار نجحت في دول العالم وساهمت بتعزيز حرية التعبير والإعلام.
سنبدأ من الإعلام العمومي، أليست إذاعة وتلفزيون BBC أنموذجاً يستحق أن نصنع مثله، قد لا ننجح مثلهم تماماً ولكن على الأقل سنتجاوز واقع التلفزيون والإذاعة الخاضع لسيطرة الحكومة تماماً، فتجربة تلفزيون رؤيا مشجعة ومتميزة، ويمكن صناعة تجارب أخرى لا تقل أهمية وريادة.
نظام محطة الإعلام العام المستقلة لم يناقشه الكثيرون رغم أنه صدر بتاريخ 22/6/2015 وعُدل في 30/8/2015، وانشغل المتابعون في مناقشة تشكيلة المجلس رئيساً وأعضاء ومكافآتهم، وشخصياً أجدهم جميعاً نخبة متميزة قادرة على إحداث تغيير ويملكون تجارب غنية، والأهم أنهم يمتلكون مساحات من الاستقلالية عززها نظام المحطة، فهم "يُعينون بإرادة ملكية لمدة 3 سنوات ولا يمكن عزلهم خلال هذه الفترة".
كان يمكن تضمين نظام المحطة ضمانات أفضل للاستقلالية مثل "العهد الملكي" على غرار BBC، حيث تكفل الملكة والعرش البريطاني استقلالية المحطة، ولكن الزميل فهد الخيطان رئيس مجلس الإدارة يعتقد أن هذه الضمانات ستترسخ بالتدرج ودون إثارة المخاوف، وأن النظام الذي أُقر معقول بعد أن خضع لبعض التعديلات.
عام 2016 سيشهد انطلاقة المحطة بعد أن يعين مجلس الإدارة مديراً للمشروع قريباً للمساعدة في إنجاز كل التحضيرات الضرورية فنية وتقنية وإدارية لإطلاق المحطة والتي أتمنى أن تعكس وتعبر عن مفهوم الإعلام العمومي، فهي ملك لكل الناس، وهناك معايير تخضع لها، ويجب أن تُغلّب مفهوم الخدمة العامة على الإعلان التجاري وهي من الملاحظات التي يجب أن ينتبهوا لها.
وفي البعد الثاني من المشهد فإن التوجه الأفضل تأسيس مجلس الشكاوى كهيئة مستقلة وبقانون مستقل، غير أن الكفة ترجح على ضوء النقاشات في الأشهر الماضية أن يقر بنظام كما حدث مع محطة الإعلام العام المستقلة.
وتتذرع الحكومة ويساندها البرلمان بشكل واضح بأننا لا نحتاج الى هيئات مستقلة جديدة والتوجه لتقليصها ودمجها وتوفير النفقات المالية، ولذلك فإن السيناريو المتوقع أن يُتبع مجلس شكاوى الإعلام لهيئة مستقلة.
وبعد الاجتماع الذي نظمه مركز حماية وحرية الصحفيين وقدّم خلاله مسودة لمشروع قانون مجلس شكاوى الإعلام، فإن الاتجاه العام يدفع بأن يكون تحت مظلة المركز الوطني لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد، خاصة أن قانونه سيناقش في البرلمان بدورته القادمة، وكما أكد رجائي المعشر رئيس اللجنة الملكية لتقييم العمل ومتابعة الإنجاز لتعزيز منظومة النزاهة الوطنية، فإن إضافة بعض المواد القانونية كفيل بتحقيق هذا الهدف وإدماج مجلس الشكاوى وخاصةً لجان فض النزاعات في بنيته وقانونه.
مشكلتنا ليست مع الحكومة التي تتبنى تأسيس المجلس، وإنما مع إعلاميين يعتقدون أنه قانون جديد أو جسم جديد يضاف الى البنية المقيدة للإعلام، واخرين يعتقدون أن الاعلام خارج دائرة المراقبة والمساءلة، ولا ينظرون بعمق ولا يتعلمون من دروس الماضي بأن أخطاء وتجاوزات الإعلام كانت الذريعة و"الشماعة" التي استُخدمت لإقرار حزمة قوانين مقيدة، ولتأليب الرأي العام ضد الإعلاميين، وإن وجود هذا المجلس خطوة لنزع فتيل التحريض ضد الإعلام وخطوة لإنصاف المجتمع.
حين أدعم محطة الإعلام العام المستقلة، أو تأسيس مجلس الشكاوى فهذا لا يعني أنني غير قلق من التضييق على الإعلام، وآخر هذه الخطوات اللجوء لاستخدام المادة "11" من قانون الجرائم الالكترونية والذي يتيح للمدعي العام توقيف الصحفيين؟
كلا الفكرتين أو التوجهين، الإعلام العمومي أو مجلس الشكاوى، ليسا اختراعاً أردنياً، بل معمول به في الكثير من دول العالم التي تحترم حرية الإعلام، ويعد الأخذ بهذه النماذج من الممارسات الفضلى دولياً.
ومع ذلك تعرضت محطة الإعلام العام الى انتقادات، وفكرة مجلس الشكاوى تواجه بهجوم، وربما يكون أكثر المنتقدين من الإعلاميين، وقد يكون لهم بعض الحق، فالتجارب في العقود الماضية علّمتهم وعلمت كثيرين أن لا يثقوا بوعود الحكومة، فأفكار ومشاريع كثيرة مسختها الحكومة وتحولت وبالاً.
إن كان ذلك صحيحاً بعض الشيء، فإنه لا خيار لنا سوى أن نعمل بجدية لإنجاز مشاريع وأفكار نجحت في دول العالم وساهمت بتعزيز حرية التعبير والإعلام.
سنبدأ من الإعلام العمومي، أليست إذاعة وتلفزيون BBC أنموذجاً يستحق أن نصنع مثله، قد لا ننجح مثلهم تماماً ولكن على الأقل سنتجاوز واقع التلفزيون والإذاعة الخاضع لسيطرة الحكومة تماماً، فتجربة تلفزيون رؤيا مشجعة ومتميزة، ويمكن صناعة تجارب أخرى لا تقل أهمية وريادة.
نظام محطة الإعلام العام المستقلة لم يناقشه الكثيرون رغم أنه صدر بتاريخ 22/6/2015 وعُدل في 30/8/2015، وانشغل المتابعون في مناقشة تشكيلة المجلس رئيساً وأعضاء ومكافآتهم، وشخصياً أجدهم جميعاً نخبة متميزة قادرة على إحداث تغيير ويملكون تجارب غنية، والأهم أنهم يمتلكون مساحات من الاستقلالية عززها نظام المحطة، فهم "يُعينون بإرادة ملكية لمدة 3 سنوات ولا يمكن عزلهم خلال هذه الفترة".
كان يمكن تضمين نظام المحطة ضمانات أفضل للاستقلالية مثل "العهد الملكي" على غرار BBC، حيث تكفل الملكة والعرش البريطاني استقلالية المحطة، ولكن الزميل فهد الخيطان رئيس مجلس الإدارة يعتقد أن هذه الضمانات ستترسخ بالتدرج ودون إثارة المخاوف، وأن النظام الذي أُقر معقول بعد أن خضع لبعض التعديلات.
عام 2016 سيشهد انطلاقة المحطة بعد أن يعين مجلس الإدارة مديراً للمشروع قريباً للمساعدة في إنجاز كل التحضيرات الضرورية فنية وتقنية وإدارية لإطلاق المحطة والتي أتمنى أن تعكس وتعبر عن مفهوم الإعلام العمومي، فهي ملك لكل الناس، وهناك معايير تخضع لها، ويجب أن تُغلّب مفهوم الخدمة العامة على الإعلان التجاري وهي من الملاحظات التي يجب أن ينتبهوا لها.
وفي البعد الثاني من المشهد فإن التوجه الأفضل تأسيس مجلس الشكاوى كهيئة مستقلة وبقانون مستقل، غير أن الكفة ترجح على ضوء النقاشات في الأشهر الماضية أن يقر بنظام كما حدث مع محطة الإعلام العام المستقلة.
وتتذرع الحكومة ويساندها البرلمان بشكل واضح بأننا لا نحتاج الى هيئات مستقلة جديدة والتوجه لتقليصها ودمجها وتوفير النفقات المالية، ولذلك فإن السيناريو المتوقع أن يُتبع مجلس شكاوى الإعلام لهيئة مستقلة.
وبعد الاجتماع الذي نظمه مركز حماية وحرية الصحفيين وقدّم خلاله مسودة لمشروع قانون مجلس شكاوى الإعلام، فإن الاتجاه العام يدفع بأن يكون تحت مظلة المركز الوطني لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد، خاصة أن قانونه سيناقش في البرلمان بدورته القادمة، وكما أكد رجائي المعشر رئيس اللجنة الملكية لتقييم العمل ومتابعة الإنجاز لتعزيز منظومة النزاهة الوطنية، فإن إضافة بعض المواد القانونية كفيل بتحقيق هذا الهدف وإدماج مجلس الشكاوى وخاصةً لجان فض النزاعات في بنيته وقانونه.
مشكلتنا ليست مع الحكومة التي تتبنى تأسيس المجلس، وإنما مع إعلاميين يعتقدون أنه قانون جديد أو جسم جديد يضاف الى البنية المقيدة للإعلام، واخرين يعتقدون أن الاعلام خارج دائرة المراقبة والمساءلة، ولا ينظرون بعمق ولا يتعلمون من دروس الماضي بأن أخطاء وتجاوزات الإعلام كانت الذريعة و"الشماعة" التي استُخدمت لإقرار حزمة قوانين مقيدة، ولتأليب الرأي العام ضد الإعلاميين، وإن وجود هذا المجلس خطوة لنزع فتيل التحريض ضد الإعلام وخطوة لإنصاف المجتمع.
حين أدعم محطة الإعلام العام المستقلة، أو تأسيس مجلس الشكاوى فهذا لا يعني أنني غير قلق من التضييق على الإعلام، وآخر هذه الخطوات اللجوء لاستخدام المادة "11" من قانون الجرائم الالكترونية والذي يتيح للمدعي العام توقيف الصحفيين؟