وقع رحيله ترك حزنا وشجى في مأقي احبابه وعارفيه.. فقد كان فاضلاً، خلوقاً، وانسانا وصاحب ابتسامة دائمة.
المرحوم محمد نزال العرموطي، تتعدى سيرته تسلمه لوزارة الداخلية في حقبة مهمة من تاريخ الأردن الى كونه دبلوماسياً، ورجل دولة، يعز أن نفقده.
كان رحمه الله من الرجال الرجال، قويا في الحق، حارسا للعدل والقانون، لم يتوقف قلبه عن النبض بحب وطنه واخلاصه لمليكه.
رأي محمد نزال العرموطي النور في منجا عام 1924 ، في البادية القريبة التي تنشق هوائها وعدا مع الريح في ارجائها.
اقامته في عمان التي يهوى، ودراسته في مدارسها، فتحت أمام الفتى واثق الخطوة، ذو الذكاء المتوقد ، أفاقاً واسعة على العلم والثقافة والتمدن، وفتحت وعيه على قضايا العرب، فنشأ عروبياً.
ومن عمان الى السلط التي درس في مدرستها الاشهر، حيث عذب المنى وما تهمس به الربى في جبال البلقاء الابية.
الشاب المحب للعلم والتعلم، أكمل دراسة الحقوق في جامعة دمشق التي تخرج منها عام 1946، في تلك السنوات الساخنة، يوم كانت الامة تبحث عن استقلالها وهويتها وتحارب الاستعمار.
العروبة التي تغلي في عروقه دفعته للتطوع الى جانب المجاهدين السوريين ضد الاستعمار الفرنسي، ولم يلبث ان انتمى الى صفوف حزب البعث العربي الاشتراكي، الحزب الوليد انذاك، قبل ان يتشظى حزبين.
وحين عاد الى عمان عمل في المحاماة، حاملا البعث في قلبه وقضايا الأمة، وابرزها قضية فلسطين التي اشتعل اوارها عالم 1948، ولعب دورا مهما في تنظيم صفوف المتطوعين للقتال من اجلها.
وظيفته الاولى كانت في ديوان قاضي القضاة، ثم صار رئيس ديوان قاضي القضاة، فسكرتير عام وزارة الداخلية، وسكرتير عام لمجلس الامة الاردني، ومفتش عام بدائرة ضريبة الدخل، ثم مستشار حقوقي لوزارة المالية.
كما عمل متصرف لكل من اربد ، معان،الخليل،الكرك،نابلس،السلط، فوكيل وزارة الداخلية.
في العام 1964-1965 جاء وزيرا للداخلية في حكومة بهجت التلهوني، وبعد استقالتها، عين سفيراً في كل من تونس،الجزائر ، ليبيا ،الكويت ،البحرين،قطر، دبي،الشارقة،عجمان،ام القوين،راس الخيمة،دولة عمان.
وطوال مسيرة عمله حصل على العديد من الاوسمة ابرزها:
- وسام الاستقلال الاردني من الدرجة الاولى
- وسام الكوكب الاردني من الدرجة الاولى
- وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الاولى وسام الوشاح الاكبر فرسان القديس سلفستر من قداسة البابا
- وسام الوشاح الاكبر للقبر المقدس.
تقاعد عام 1971 ، بعد ان خدم الاردن باخلاص وعزم، وتفرغ لأعماله ومشاريعه التجارية والاقتصادية الخاصة.
لم يغب محمد نزال العرموطي عن البال ابداً، فقد كان حاضرا في العديد من القضايا المهمة، وخصوصا ما تعلق منها بعمان التي احب ويحمل أحد جبالها "نزال" اسم والده الذي كان من ضمن مستقبلي الامير عبد الله حين جاء الى عمان. ولعل الجائزة التي خصصها لمدينته "جائزة العرموطي للدراسات العمانية "، خير دليل على مدى حبه لمدينة الجبال السبعة.
حياة العرموطي زاخرة بالاحداث، وتحتاج الى كتاب يلقي الضوء على تفاصيلها، ولعل هذه المقالة تفتح الباب على أفق لحياة رجل كريم، مبدع، لطالما فتح للاجيال افاقاً.