اخبار البلد - شحادة أبو بقر
قبل عقد من الزمان ، أعلن رئيس وزراء سابق ،أن حجم ودائع الاردنيين في البنوك المحلية ، ينوف عن عشرين مليار دينار ،وهذه بطبيعة الحال اموال تجني ارباحا دون عناء أو حتى مخاطرة ، لكنها في واقع الحال ارباح يستفيد منها المودعون فقط من خلال إضافتها الى رأس المال لتربو ودائعهم اكثر.
هذا حق لهم بالطبع عندما يكونون منقطعين عن الاهتمام بمجتمعاتهم المحلية ، في وقت تثابر فيه الحكومات بحثا عن مستثمرين اجانب بغية تحقيق التنمية الشاملة وفتح فرص عمل لعشرات الالاف من الاردنيين العاطلين عن العمل.فالأموال الاردنية مودعة في البنوك لتجني اموالاً اضافية ،أو لتستثمر في مجالين محددين هما سوق الاسهم ومشروعات الأسكان.
الاستثمار في الأسهم تعود فوائده إما على البنوك المهيمنة اصلا على الهيكل العام للاقتصاد ،وبصورة تطحن حياة الفقراء ومحدودي الدخل ، أو هي تذهب الى الشركات الكبرى ومساهميها الذين هم في الغالب من طبقة الاثرياء والموسرين ولا وجود لشرائح الفقراء ومحدودي الدخل بينهم.
ما نتحدث عنهم هما ما كان يسمى سابقا بالطبقة الوسطى التي تلاشت ، ومحدودي الدخل ، وجلهم موظفون في القطاعين العام والخاص وجنود ومزارعون ، فهؤلاء لا وجود لهم لا في سوق الأسهم ولا في الشركات الكبرى ولا في البنوك إلا كمستخدمين وحسب ، وبأجور لم تعد تكفي متطلبات العيش الكريم.
مع أننا نجهد في دعوة الأجنبي للاستثمار في بلدنا ، فمن الأولى بنا أن نطالب المودعين الأردنيين باستثمار اموالهم في بلدهم ، وفي مشروعات تنموية تحقق المبتغى لهم ولسائر الأردنيين ، وهذا واجب وطني قبل ان يكون منة من احد.
لا جدال في أن ابناء المحافظات الموسرين يملكون إن ارادوا ، أن ينفقوا جزءا من اموالهم في محافظاتهم ، على هيئة مشروعات تنموية توفر فرص عمل للعاطلين عن العمل،وتسهم في تحريك عجلة الاقتصاد في تلك المحافظات التي يعرفها بعضهم عند الأنتخابات أو لأداء واجب عزاء لا اكثر ، ولو جرب بعض هؤلاء الافاضل ذلك، لارتاحت نفوسهم ربما ، ولساهموا في نجدة اهلهم من الفقراء والعاطلين عن العمل والمغلوبين على امرهم ولا حول ولا قوة الا بالله.
تنمية المحافظات لا تتم بجهد حكومي فقط ، بل بأموال ابنائها القاطنين بعيدا عنها ، والتنمية الشاملة ذات الصبغة الاجتماعية الأقتصادية المطلوبة بقوة في الحالة الأردنية الراهنة ، لا تحققها البنوك ذات الفوائد والعمولات المرهقة ، ولا سوق عمان المالي ، فتلك هياكل يمكن أن تحقق إقتصادا متطورا في السويد أو سويسرا ، حيث يعادل دخل الفرد فيها عشرات اضعاف دخل الأردني.
التنمية في الأردن تتطلب تفكيرا مختلفا يضع نصب عينيه ، طبقات الموظفين والمستخدمين والجنود والمزارعين والحرفيين وأصحاب المهن البسيطة ، وبدون ذلك ،يزداد الأثرياء ثراء والفقراء فقرا . والله من وراء القصد.