بين الترغيب والترهيب، اعتمد تنظيم "الدولة" طرقاً عديدة في طرح قراراته وقوانينه، لينظم حياة الناس في المناطق التي يسيطر عليها. إلا أن قرار منع حلق اللحية أثار جدلاً واسعاً امتد لأشهر طويلة، ما بين شد وجذب بين أبناء مدينة الموصل "عاصمة دولة الخلافة" شمال العراق.
اعتمد التنظيم طريقة التدرج لإصدار هذا القرار، فقد أطلق شائعات في نهاية عام 2014، بعد أشهر من سيطرته على المدينة، مفادها أن إطلاق اللحية والزي الأفغاني، سيفرض كما فرض قبله النقاب واللباس الأسود على النساء.
بدت الأمور تتضح أكثر، بعد إصدار التنظيم مجموعة منشورات من نقاطه الإعلامية المنتشرة في المدينة، بوجوب إطلاق اللحية، ومحاولة إقناع العامة بأن الإسلام يحرم حلقها، رافقها نداءات عبر مكبرات الصوت من داخل المساجد.
عدم الالتزام بالمنشورات وتطبيق ما تدعو إليه، استمر حتى تم إصدار قرار من "ولاية نينوى" بفرض إطلاق اللحية والالتزام بهذا القرار، الأسبوع الماضي. تبعه رفض السكان وعدم رضاهم، مؤدياً إلى مشادات كلامية مع أفراد "الدعوة والمساجد" في التنظيم، لكن "الدولة" لم يبال برأي الشارع الموصلي، وأصدر "ورقة الحسم" بتعميم القرار على المساجد، ترافقه "خطبة جمعة".
خطبُ الجمعة شددت على حرمة حلق اللحية، وأن من يرفض القرار يقف بوجه تعاليم الله. كما أحال التنظيم عدداً من الخطباء ممن رفضوا قراءة الخطبة التي عممها التنظيم على المساجد، إلى "المحكمة الشرعية" التي سجل أهالي الموصل عدداً من قرارات الإعدام الصادرة عنها، ولأسباب لم تقنع أحداً.
وقال سكان محليون لـ"الخليج أونلاين"، إن ما يمنع الكثيرين من إطلاق اللحية هو رغبتهم بتمييز أنفسهم عن أفراد التنظيم، وعدم الاقتراب منهم في الشكل، وخوفهم أن يحسبوا على التنظيم، وهو ما قد يشكل سبباً في اعتقالهم والتضييق عليهم، وربما الوشاية بهم بعد طرد التنظيم.
وفرض التنظيم على سكان الموصل، عدداً من القوانين والأنظمة، أثارت استهجان سكان المدينة ورفضهم؛ كإجبار النساء على ارتداء النقاب، وتجنيد أطفال، وأحكام إعدام مشبوهة، وذلك بعد سيطرته في 10 يونيو/ حزيران الماضي على مدينة الموصل مركز محافظة نينوى العراقية، قبل أن يوسع سيطرته على مساحات واسعة في شمالي العراق وغربيه وشرقيه.
وكان التنظيم قد أقدم في وقت سابق على تغيير مواعيد الصلاة وأوقات رفع الأذان في مساجد المدينة؛ ما أثار استهجاناً ورفضاً لدى سكانها.
وكان شهود عيان قد ذكرو أن مشادات كلامية حدثت بين مجموعة من عناصر التنظيم والمصلين في مساجد المدينة، ورد التنظيم بالقول إن المواقيت السابقة باطلة ولا تقوم على أساس شرعي، وإن "الدولة الإسلامية" أصدرت هذه المواقيت الجديدة عن دراسة علمية، أوصلتها إلى معرفة المواقيت الصحيحة.
الحكومة العراقية أرجأت عملية استعادة المدينة إلى ما بعد شهر رمضان، فيما ينتظر السكان حرباً ضارية بين مقاتلي التنظيم وقوات الجيش العراقي، في وقت يشن تحالف غربي – عربي، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، غارات جوية على مواقع لـ"الدولة" في المدينة وخارجها.
ويحذر سياسيون ومراقبون، من موجة نزوح قد تصل إلى مليون شخص، إذا ما بدأت عملية استعادة المدينة، كما تصدر تحذيرات بعد إشراك مليشيات "الحشد الشعبي" العراقية في العملية، التي ينسب إليها أعمال تخريب وسرقات في مدينة تكريت