اخبار البلد : علي الحراسيس / لم تسعف سياسة المرونة والبعد عن البطش والتنكيل والتفرد التي انتهجها الأردن طوال السنين الممتدة من عمره في التعامل مع المعارضة وأصحاب الانقلابات والأجندات الخارجية في كسب ود معارضة لا يتعدى جمهورها بكل أطيافهم وحشودهم بضع ألاف مواطن ، ولم تنجح سياسة الدعم والإسناد وفتح المجال واسعا أمام الحركة الإسلامية للعمل والحركة كيفما وأينما شاءت في دعوتهم للمشاركة في الحوار الوطني ، وهم الحزب المسمى بطفل الدولة المدلل وربيبة النظام الأردني طوال عقود مضت في وقت كانت تعاني فيه بقية القوى والشخصيات من تضييق أفاق العمل أمامها بل وملاحقة العديد منهم في حملات أمنية كانت تحكم تلك العلاقة ، فكبر جسدها وعظم ساعدها وكشفت عن مخططاتها الرامية لرفض الأخر وعدم التعايش معه والإعلان عن نوايا خبيثة غير شريفة تجاه الوطن والمواطن بالتعاون مع جهات خارجية تسعى ومنذ سنين إلى إضعاف البلاد وفرض شروط المعادلة وصولا لتحقيق مآربهم وعلى طريقة دويلة غزة التي استقروا بها كنتاج نهائي لكل مطامعهم ومخططاتهم سعيا وراء إضعاف السلطة وتمزيق قوتها ، فكانت إسرائيل وحماس هما من كسب اللعبة !
المنسحبون والرافضون للحوار لا زالوا في مؤخرة الركب السائر إلى الأمام ، الإصلاح ليس عنوانهم والأردن القوي ليس مرادهم ، فمن يرفض الحوار ويشترط أجندة خاصة تعبر عن نوايا خبيثة تستهدف الوطن والنظام وأبناء البلد لن يكونوا ويعودوا كسابق عهد الناس بهم ، فالحديث عن إصلاحات دستورية تطال صلاحيات الملك والمطالبة بحل قوات الدرك وهي المؤسسة الأمنية الأكثر تدريبا و قدرة على التدخل وفض الاشتباك وتطوق الأزمات بين أبناء الوطن والحديث عن إعادة توزيع المقاعد النيابية تبعا للكثافة السكانية والحد من تمثيل ما اسماه احد قادة الحركة " بالهمجيين العشائريين " وحشرهم فقط في مجلس الأعيان احتراما لتاريخهم وارتباطهم بالوطن ! ويجري كذلك حديث أخر يتناولوه و تتناوله مؤسسات المرأة والمجتمع المدني المثيرة للشك في أهدافها و مصدر الدعم الخارجي الذي تتلقاه في الحديث عن ضرورة وقف سحب الأرقام الوطنية وتجنيس أبناء الأردنيات والأرقام تتحدث هنا عن 50 - 70 ألف مواطن يجعلنا وأمام تلك الشروط نتساءل هنا لمصلحة من يعمل أولئك الناس ؟ ومن المستفيد الأكبر من إضعاف البلاد وإثارة الفتن بين أبنائها !
المنسحبون والمعارضون للحوار حشروا في زوايا كثيرة ما كان فرد منهم يتوقع حصولها ، فقد كانت تلك القوى تطالب بالإصلاحات ، وحين شكلت لجنة الحوار رفضوا المشاركة بحجج غياب الإرادة الملكية عنها ، وحين دعوا إلى لقاء جلالة الملك وما قدمه جلالته من دعم ومساندة للجنة واعتبار أن اللجنة تعنيه بالمقام الأول أصروا على الرفض وعدم المشاركة والاحتكام للشارع والفوضى بمسميات جديدة أطلق على بعض منها حركة 24 آذار التي أسستها الجماعة وحشدت لها رجالاتها وأعوانها والمغرر بهم من أبناء الوطن وساندتها قوى وتنظيمات خارجية كانت في سابق عهدها تنادي بحماية الأردن وصون ترابه باعتباره ارض الرباط والحشد والشقيق التوأم للشعب الفلسطيني ، لكنها عدلت من برامجها خشية خروجها من دمشق والبحث جار ليس عن مكاتب جديدة لتنظيمها بل عن وطن بديل لإقامة دولتها الإسلامية التي تقبل بها إسرائيل وتتخلص من سلطتهم في غزة تمهيدا لضم الأرض وطرد السكان الشرعيين وإقامة الوطن البديل الذي تحلم به إسرائيل منذ زمن .
تتوافق الرؤى الإسرائيلية مع أصحاب الأجندة الخاصة في الأردن ، فالأجندة الخاصة بالإسلاميين وما يعرف كذلك بأصحاب الحقوق السياسية المنقوصة في الأردن تلتقي مع أهداف إسرائيل في التوسع والضم وطرد الفلسطينيين من بلادهم والبحث عن وطن بديل يحقق لهم حلم الدولة اليهودية المنشودة ، فالخلاص من الفلسطينيين المقيمين في فلسطين ليس بالأمر السهل ما لم تتهيأ الظروف الموضوعية والأمنية والديمغرافية التي تحقق الحلم ، وتتجه الأنظار إلى تكليف الإسلاميين وأصحاب الحقوق المنقوصة بالتحضير لذلك التغيير في الأردن وقت يتحدث فيه الغرب والولايات المتحدة الأمريكية عن قبولهم بفكرة وصول الإسلاميين إلى الحكم وان ما يحكم على هؤلاء ليس علاقتهم بالإسلام وإنما "سلوكهم كأحزاب سياسية وحكومات" وان الحديث عن خطر الإسلام بات حديثا أجوفا وفزاعة لم يثبت صحتها .
لا ضرر من انسحاب من يمثلون إلا أنفسهم أو يمثلون القلة القليلة من أبناء الشعب ، فقواعد الجمهور الأردني تشير إلى رفض غالبية أبناء الوطن لتلك الأجندة ورفضها رفضا قاطعا ، و قواعد الإخوان ترفض هي الأخرى سلوك وممارسات القيادة تجاه لجنة الحوار وحركة الاعتصامات ، وأما من يمثلون معظم النقابات والنقابات القادمة فهم أبناء وطن مغرر بهم لم يدركوا اللعبة بعد ، ومن هنا يمكن القول انه لا بد من استبدال من يرفض الحوار ولا بد من دفن أجندته ، فالمنتمون للوطن كثر ، والباحثون عن الإصلاح أكثر .