ناسف شديد الأسف للتصعيد الذي أوصله الإسلاميون إلى " مرحلة الدم " التي
كنا نحذر منها ، فلقد اعتصمنا منذ أشهر ، واستعملنا كل الأمكنة ، ولعنّا كل المحذورات ، وهتفت جماعة السلفية الجهادية ، أتباع المقدسي وألزرقاوي ، محتجة على دوار الرئاسة بأعلى أصواتهم وكفروا الدولة وأجهزتها ، وعبروا عن كل مواقفهم ومطالبهم ، ولعنوا أجهزة الأمن والمخابرات ، ولم يعتدي احد عليهم لا من البلطجية ولا من الدرك ولا من أي جهة واستمروا باعتصامهم وعبروا عن مطالبهم وفكرهم ، وكنا نستمر معهم وتتابع الفضائيات والإعلام نشاطاتهم ، وتعاطفنا مع أطفال المقدسي ، رغم تعارضنا مع منهجه وفكره وفكر الجماعة ، إلا إننا اعتبرنا أنهم يعملون في أطار مطلبي ديمقراطي في جله مباح ، وان تطورات نؤيدها جرت على فكر الجماعة في مرونة التعامل مع الأجواء الديمقراطية ، لأنهم كانوا يراعون مشاعر الناس ، ويحافظون على عدم تعطيل السير وطرق المارة ، وهو أمر أثلج صدورنا ، كما أنهم لم يجازفوا بالاعتداء على حرمة الشارع والوطن ، ولاحظنا التزام ببعض الأصول وعدم إساءة في استعمال حرية التعبير !
وأما اعتصام 24 آذار وما جرى للأسف ، فلقد خسر الإسلاميون – حسب رؤية متابعون- ولم يكسبوا الجولة ، ولم يحققوا أهدافهم في تحسين صورتهم ، وتعويض خسائرهم ، في زج الشباب والوقوف من خلف الستار، لان الأمر كان مخزيا بامتياز ، حسبما أكد مجتمعون أمس من قوى مختلفة مستقلة وحزبية ، بالمقارنة مع مواقف قوى حزبية معارضة و سقوفا أكثر معارضة من سقف الإسلاميين ، ومنهم حزب البعث والقوميين على سبيل المثال لا الحصر ، وقد كنا نرى البعثيين في كل مناسبة معارضة سبقوا الجميع بينما غاب عنها الإسلاميون ،ومنها ما أعدوها – أي البعثيون- وتركوا منابرها لخطابات الإسلاميين ، ومنها ما تخلفوا عنها في الدقائق الأخيرة ، والفارق اليوم هو أن الإسلاميين يركبون الموجة والبعثيون ينؤون بعيدا عن التسلق والركوب وجر الوطن للفتنة !
إن مما لا شك فيه هو أن التصعيد ليس في مصلحة الناس، بل يأخذ الوطن إلى حافة الطور ، ويدفع للسقوط في مستنقع الفتنة والدمار ومحاصصة العراق وطائفيته ، وهو الاتجاه الذي يأخذنا إليه الإسلاميون ، عرفوا أم ادعوا عدم المعرفة، هو دفعنا إلى حالة غزة أو العراق ، وتأييدهم ورضاهم بمشاركتهم بممثليهم طارق الهاشمي وآخرين ممن تحالفوا مع الشيطان بغطاء الرحمن لا يحتاج إلى دليل ، في حين كانت النتائج كما نشاهد أنهم أصبحوا في ركب الشيطان والفتنة والقتل على الهوية و الفوضى الخلاقة ، ومشهد آخر هم جزء منه التناقض وقتل الإخوة والعزلة والفرقة لتصبح القضية غزة والسلطة ، وصار الكاتيوشا نفسه الذي يستهدف العدو حراما وكفرا ، بعدما كان مباحا في عهد السلطة وعباس ، وهل موقف الإسلاميين الممانع والمحجم عن المشاركة في الإصلاح المطلوب إلا محاولة للدفع نحو التصعيد والفتنة والدماء تماما كتجربة غزة والعراق أم ماذا !
وفي المقابل أدعو الرئيس البخت إلى العمل بكل وسائل ضبط النفس وعدم اللجوء إلى العنف مهما كان شكله أو نوعه وعدم السماح لليأس والإحباط والاستفزاز بالتأثر على قراراته، وان يتحمل مسؤولياته كاملة ، وعدم إتاحة فرصة الاحتكاك بين قوى المعارضة والموالاة ، وان لا تكتفي الحكومة بالسماح للوسائل الديمقراطية في التعبير فقط ، بل أن تتحمل مسؤوليتها في فض الاشتباك وعدم السماح به ، وأدعو أن نقدم جميعا نموذجا يحتذى في مرونة وأصول
التعاطي مع مطالب الإصلاح !
نعم نطالب بالإصلاح على أن لا يسمح بتجاوز الخطوط الحمراء ومن قال أن لاخطوط حمرا ء ،...إن امن الوطن والهاشميين ودم المواطن حرام يصل إلى كفر لا يغتفر !