يبدو أن الحكومات المتعاقبة تنظر إلى الوزراء وكأنهم من طينة غير طينة المواطنين الأردنيين فهم أرفع من أن يحاكموا أمام المحاكم الأردنية لأن هذه المحاكم هي لأفراد الشعب الأردني فقط لأن هؤلاء الأفراد هم الذين يغلطون ، لذلك يجب أن يحاكموا أمام المحاكم المدنية ويحاكمون بالعقوبات التي نص عليها قانون العقوبات أما الوزراء فلا يحاكمون إلا أمام مجلس عال كما نصت على ذلك المادة السابعة والخمسون من الدستور وهذا المجلس مؤلف من رئيس مجلس الأعيان رئيسا ومن ثمانية أعضاء ثلاثة منهم يعينهم مجلس الأعيان من أعضائه بالإقتراع أي قد يكون هؤلاء ليست لديهم أي ثقافة قانونية وخمسة قضاة من أعلى محكمة نظامية بترتيب الأقدمية وعند الضرورة يكمل العدد من رؤساء المحاكم التي تليها بترتيب الأقدمية أيضا وتصدر الأحكام والقرارات من المجلس العالي بأغلبية ستة أصوات .
أما توجيه الإتهام للوزراء فهذه قضية أخرى كما نصت على ذلك المادة السادسة والخمسون من الدستور إذ يحق لمجلس النواب توجيه الإتهام للوزراء لكن توجيه الإتهام هذا مشروط بأن يكون بأكثرية ثلثي أعضاء المجلس أي أن عدد أعضاء مجلس النواب الحالي مائة وعشرون عضوا فإذا أراد هذا المجلس توجيه الإتهام لأي وزير فيجب أن يوافق على هذا الاتهام ثمانون نائبا وهذه العملية شبه مستحيلة لذلك فإن الوزير يستطيع أن يخطيء وأن يمارس الفساد أحيانا ويفلت من العقاب لأنه لا يمكن اجماع ثمانين نائبا على إدانته خصوصا إذا كانوا لا يملكون أدلة مادية لإتهامه .
هذا عن إتهام الوزراء ومحاكمتهم لكن معظم المواطنين يتساءلون عن الحكمة من إعطاء هذه الحصانة للوزير ولماذا لا يحاكم أمام المحاكم المدنية فإذا برأته هذه المحاكم يعود لعمله وإذا ما أدين فإن عليه أن يتحمل نتيجة ما اقترفت يداه .
لقد ساوى الدستور الأردني بين الأردنيين جميعا كما نصت الفقرة الأولى من المادة السادسة والتي تقول بأن الأردنيين سواء أمام القانون لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا في العرق أو الدين أو اللغة ولم تستثن هذه المادة الوزراء وتقول بأنهم مميزون عن باقي المواطنين .
هذا عن إتهام ومحاكمة الوزراء لكن لو نظرنا إلى المادة الرابعة عشرة من الدستور فإنها تنص على أنه لا يجوز للوزير أن يشتري أو يستأجر شيئا من أملاك الحكومة ولو كان ذلك في المزاد العلني . كما لا يجوز له أثناء وزارته أن يكون عضوا في مجلس إدارة شركة ما أو أن يشترك في أي عمل تجاري أو مالي أو أن يتقاضى راتبا من أي شركة .
نحن لا نريد أن نعلق على هذه المادة بشيء لكننا نريد أن نسأل سؤالا واحدا فقط وهو : هل هذه المادة مطبقة على الوزراء العاملين سواء في هذه الحكومة أو الحكومات السابقة ؟ .
الدستور الأردني هو سيد القوانين وهو المرجعية الأولى للدولة الأردنية وكما عدلت به بعض المواد فيجب أن تعدل به مواد أخرى عفا عليها الزمن وخصوصا ما يتعلق بإتهام الوزراء ومحاكمتهم .