أخبار البلد - يوسف محمود
هذا الخبير الاقتصادي يستحق ان يشاد به، لأنه بالارقام والمقارنات بين هذه المفردة الاقتصادية وتلك، يقرأ ويحلل وضعنا الاقتصادي المحلي. بداية أقول: لا احد يشكك في وطنيته واخلاصه للعرش الهاشمي.
د. خالد الوزني في حوار أُجري معه ومع زميل آخر له هو المحلل الاقتصادي خالد الزبيدي، بثته احدى القنوات الفضائية، بدا شفافاً في قراءته للواقع الاقتصادي الذي نعيشه ومدى انعكاسه على المواطنين انعكاساً فيه من المرارة والمعاناة ما فيه. وهو يحلل ويقرأ بالأرقام لا يجامل على حساب «الحقيقة» كما يفعل بعض الخبراء الاقتصاديين الذين يُواربون في حواراتهم وكتاباتهم بدبلوماسية تجعلهم –مع احترامي لهم-غير شفافين!
استعرض د. الوزني الوضع الاقتصادي الراهن الذي يعيشه الوطن، فوجد ان ثمة ثغرات كان بالامكان سدها بالدراسة العميقة تخفيفاً من معاناة المواطنين. ففيما يتعلق بزيادة سعر الكهرباء قال: كان المطلوب تخفيض سعرها بحدود 25% بدلاً من رفعه، وذلك في ضوء انخفاض سعر النفط الى حوالي نصف ما كان عليه قبل مدة قصيرة. وفي هذا الظرف المصاحب للانخفاض، فإن تكلفة توليد الكهرباء - كما يرى - قد انخفضت. ما توصل اليه كان مدعوماً بالأرقام والاحصاءات.
انتقد أيضاً عجز الميزانية واعتمادها كثيراً في سداد هذا العجز على جيوب المواطنين. تساءل: لماذا لا تلجأ الحكومة الى المتهربين من دفع «الضريبة» المستحقة عليهم منذ زمن طويل، وهم بالطبع من كبار رجال الأعمال والتجار وبعض أصحاب المهن الأخرى. وفي رأيه لو تم استيفاء هذه الضريبة من عشرة آلاف فقط من مجموع عشرين ألف متهرب لضمنت الميزانية «كذا» مليار! تساؤل منطقي يستحق الاجابة عليه.
أما العاطلون عن العمل فنسبتهم كما ذكر من أعلى النسب العالمية ويكن التخفيف منها من خلال المشروعات الصغيرة المنتجة التي ينخرط فيها مجموعات من الشباب توفر لهم الحكومة القروض الميسرة.
تساؤل آخر طرحه الخبير الاقتصادي د. خالد الوزني: لماذا مدينة مثل «دبي» وفّرت لها مشروعاتها الاستثمارية والسياحية ميزانية تفوق مرات ومرات ميزانيتنا، علماً بأن النفط يردها من أبو ظبي!
في الأردن - وكما ذكر - هناك الفوسفات والبوتاس والزيت الصخري، وهناك «البترا» والعقبة، موارد في باطن الأرض وأخرى سياحية. وهناك الزراعة، كلها يمكن ان توفر مردوداً كبيراً للوطن، يقلل من رفع الأسعار!
انتقد هذا الخبير بشدة عملية معالجة عيوب الميزانية واختلالاتها من خلال جيوب المواطنين التي غدت فارغة أو شبه فارغة!
أخيراً، أقول ان كل ما استمعت اليه من هذا الخبير الاقتصادي يستحق من حكومتنا ان تناقشه وتتدبره، فالرجل حريص على وطنه حرصنا جميعاً عليه. هناك ثغرات في البنية الاقتصادية وكيفية التعامل معها بشفافية، وما نعلمه ان رئيس الحكومة مستمع جيد لكل اقتراح ورأي هدفه النهوض بهذا البلد اقتصادياً واجتماعياً. لا يجوز ان ندفن رؤوسنا في الرمال، ونقول إن كل شيء عال العال.
ثمة عيوب ينبغي معالجتها. هناك علاقة غير متناسقة بين المسؤولين وبين القطاع الخاص. لا يجوز ان يتغوّل هذا القطاع على القطاع العام وينجو من المحاسبة!
وفي تصوري ان هذا الوطن غني بامكاناته البشرية والمادية. يتمتع بقيادة هاشمية تجوب بلدان العالم مشجعة رجال الأعمال فيها على القدوم للأردن للاستثمار فيه.
أمام هذا البلد مستقبل مشرق إذا ما اختفت البيروقراطية فيه، فهي التي تعوق التنمية الاقتصادية وتغض الطرف عن التجاوزات التي تقع هنا وهناك.
«الشفافية» مطلوبة ولا اعتقد ان مواطناً باراً بوطنه يرفضها. غياب «الشفافية» ضارٌّ بالأوطان. إنه المنفذ للفساد الذي يجب محاربته دون هوادة. د.الوزني في قراءته وتحليلاته لواقعنا الاقتصادي ابتعد عن «المثاليات» وستر «العيوب» التي يعاني منها هذا الواقع. حاكم ما يقوله بعض المسؤولين وما يجب ان يقولوه بشفافية وبلغة الأرقام الموثّقة. ما يقال حول بعض جوانب الأزمة الاقتصادية التي نعيشها فيه الكثير من تجاهل حقائق لو قُرئت بعمق لتخطينا هذه الجوانب التي فاقمت معاناة المواطنين.
في الحوار الذي أُجري معه فكرّ وتحدّث بصوت عالٍ. أما هدفه الأول والأخير فهو سعادة هذا الوطن.