واهم من يعتقد أن أسعار النفط سوف تستمر في الانخفاض، أو تستقر وفق وتيرتها الحالية، وواهم أكثر من يؤسس على ذلك سياسات وخلاصات وتحالفات..
من الواضح أن انخفاض الاسعار قد يتوالى خلال الأشهر القليلة القادمة، ويصل إلى مستىوى غير مسبوق بل وغير متوقع من الانخفاض الحاد…..
هذا مرجح بل أكيد وواقعي أيضًا، ولكن هذه الاسعار ستعود أدراجها وسيرتها الاولى قبل نهاية العام وربما قبل منتصفه، وذلك في ضوء المعطيات والحيثيات التالية:-
1.إن قرار الانخفاض قرار سياسي بامتياز، ولكنه قرار مؤقت وعابر.
2.إن هذا القرار السياسي شديد الصلة بضغوط "لا تخفى على أي مراقب" على ثلاثة أطراف هي: روسيا على الصعيد العالمي، وايران على الصعيد الاقليمي، وفنزويلا على صعيد أمريكا اللاتينية.
الأولى في سياق "الحرب الباردة الجديدة"، وملفات محددة عالقة مثل أوكرانيا، والثانية في سياق مفاوضات الملف النووي وأحداث سورية وتداعيات خليجية وآسيوية، والثالثة في سياق الصراع الاقليمي بين كاركاس والبيت الأبيض على الحديقة الخلفية للولايات المتحدة…
3.بيد أن الأرباح السياسية الأمريكية "التكتيكية" "من حرب النفط المذكورة" أقل مردودا من الأرباح السياسية والاقتصادية المجانية لأطراف أخرى من خصوم واشنطن وتحالفاتها ومعظمها في إطار مشروع البريكس الذي يتشكل إلى جانب إن لم نقل مقابل المعسكر الأمريكي، ومنها الصين المستفيد الأكبر من انخفاض أسعار النفط، وكذلك الهند والبرازيل وجنوب افريقيا.
فالمنافس الاقتصادي الحقيقي العالمي لامريكا، هو الصين لا روسيا، والمنافس الاقتصادي الحقيقي على الصعيد الاقليمي هي البرازيل وجنوب افريقيا في القارتين اللاتينية والافريقية.
4.أما ثالثة الأثافي، كما يقال، والقشة التي ستقصم قرار خفض أسعار النفط، فهي داخل امريكا نفسها…
ولا يتعلق الأمر بخسائر شركات النفط الامريكي وحسب، بل بمشروع الصخر الزيتي الذي لم يتحول إلى مشروع تجاري إلا بفضل ارتفاع اسعار النفط أصلًا…
ولذلك فإذا كانت أمريكا جادة بهذا المشروع ولا سيما ما يتعلق "بالغاز الهائل" فلا مناص ولا بديل أمامها من رفع سعر النفط مجددًا، وقريبًا…