حدثان، لا يمكن ان يمرا سريعا في العلاقة بين الحكومة واطراف اخرى في المعادلة السياسية في البلاد.
الاول، الحكومة والنواب، خرجا بعد جلسة نيابية الاحد الماضي بعلاقة "مكهربة" الى حد ان النواب اعلنوا انتصارا على الحكومة، في حين بدت علامات الغضب والانفعال والضرب على طاولة البرلمان من قبل رئيس الوزراء، وهو السياسي طويل النفس، والماهر في التكتيك.
الغريب ما حدث في جلسة أمس الثلاثاء الصباحية غاب الرئيس ومعظم وزراء الحكومة عن الجلسة، حتى وصل الامر من قبل رئيس مجلس النواب الى انتقاد الحكومة على اعتبار انها "حردانة"، متسائلا كما نقلت عنه "عمون" "هل الحكومة حردانة ام في الشرفات"، وفي هذه العبارة "طخ" على الطرفين الحكومة اولا، وعلى النواب الذين جلسوا احتجاجا في الشرفات.
لكن الاخطر، هو ان يشعر رئيس الوزراء ان قراراته كلها لا يجب ان تُمس ابدا، واذا رفض مجلس النواب قرارات حكومية، وهو الجهة الرقابية على اعمال الحكومة وتوجهاتها وقراراتها، فإن العلاقة بين الطرفين تتشنج، ويتم تعطيل اعمال الحياة السياسية والتشريعية في البلاد.
الآن، في حضن النواب مشروع قانون الموازنة العامة، وهو الاهم في المسيرة الاقتصادية للبلاد، فلا يجوز للنواب ان يضغطوا على الحكومة سياسيا على حساب المصلحة الاقتصادية، كما لا يجوز للحكومة ان تعتقد ان قراراتها كلها وقوانينها وتوجهاتها مقدسة لا يحق نقدها ونقضها، وهي وحدها من يعرف مصالح البلاد العليا.
قد يكون قرار رفع اسعار الكهرباء الاول في عهد حكومتي النسور، الذي يتم تعطيله من قبل مجلس النواب، والاول في مجمل القرارات الاقتصادية الصعبة التي مررها النسور في السنتين الماضيتين من دون رفض شعبي ونيابي، لكن هذا لا يعطي الحكومة المبرر للغضب والانفعال.
الحدث الثاني، الحكومة ونقابة المعلمين، برغم الملاحظات التي تحدثنا عنها وكتبنا حولها كثيرا في قضية نقابة المعلمين وتغليب الحزبي على المهني، وعدم قانونية التلويح بالاضراب بشكل مستمر وعلى كل قضية، لكن اللغة التي تحدث بها رئيس الوزراء الى قيادة النقابة خلال اجتماعهم به في مبنى الرئاسة، وحسب ما بثته الوكالة الرسمية للانباء، فيها من الانفعال والغضب واللغة العرفية لم نعهدها في الرئيس طوال السنتين الماضيتين.
يقول النسور "لا نريد ان نسمع بالاضراب او التلويح به فهو امر غير قانوني…" وأكد ان "الحكومة ستتخذ العقوبات اللازمة بحق المضربين ومن يدعو لمثل هذه الاضرابات…" لافتا الى "ضرورة عدم استخدام الطالب رهينة لتحقيق المطالب…" .
مهما اختلفنا مع توجهات قيادة نقابة المعلمين، وسلوكها في العمل النقابي، لا بل والمراهقة السياسية في بعض قراراتها، الا اننا نرفض ان يتم التعامل مع قادتها المنتخبين، والممثلين لاكبر قطاع عريض في مؤسسات الدولة، ويحملون خاصية العلم والتعليم، بهذا الخطاب التهديدي والتلويح بالعقوبات.