لا يمكن اعتبار رحيل الملك عبدالله بن عبد العزيز بالحدث العادي فالرجل كان ثقيلا في وزنه المعنوي والسياسي على الصعيد المحلي السعودي والاقليمي.
صحيح انه كان مريضا في الاونة الاخيرة ولم يكن يحكم بالمعنى الحقيقي، الا انه في ظل تعقيدات انتقال الحكم السعودي بقي نهجه ومنطقه ورجالاته هم الذين يسيرون الأمور في الرياض.
سلمان بن عبد العزيز أصبح ملكا للسعودية بسلاسة وسرعة ودون تأخير، وقد قام بتشكيل ايقونات الحكم على نحو سريع ايضا فوضع مقرن وليا للعهد ومحمد بن نايف وليا لولي العهد.
هذا الثنائي كان حاكما في عهد عبدالله بن عبد العزيز ما يدل على استقرار النهج نسبيا لكن في المقابل كان للملك الراحل منطقه وتوجيهاته التي قد تغيب فيظهر بعض التغيير في ملفات بعينها.
عبدالله ترك لسليمان إرثا ثقيلا من الملفات المزعجة والمفتوحة، فمن الداخل السعودي الى اليمن الى العراق وسوريا وداعش ومصر الى النفط وانخفاضاته والى غيرها من ملفات التي تحتاج لتركيز ورؤية عالية الدقة.
الملك الجديد سلمان بن عبد العزيز محافظ في النظر لتغيرات الداخل، ومحافظ تجاه الانفتاح المفرط على ملفات الخارج، لكن هل يملك ان يتراجع وهل يملك ان يتردد وهنا تظهر اسئلة الاولويات والحسابات.
في بلدنا لا يخفي بعض الخبراء قلقهم من التغيير، لكنني أظن ان السعودية ستواصل نظرتها الاستراتيجية لنا مع تبدل في بعض التفصيلات المرحلية.
مصر اكثر الدول قلقا؛ فهي ما زالت تريد مليارات السعودية للوقوف على أقدامها، ولا ندري هل سيعيد الحكم الجديد النظر في قراءته لمصر ام انه سيواصل دعم السيسي بلا حدود.
ما أتمناه للحكم الجديد في السعودية ان ينتقل من مرحلة «التدخل في الملفات» الى مرحلة بناء مشروع عربي في المنطقة يواجه المشروع الاسرائيلي والايراني كما أتمنى ان يقتنع الحكم هناك بأن الاسلام السياسي مساند للمشروع وليس عدوا أول.