مصلحو أوراق امتحانات التوجيهي، على اختلاف أمزجتهم، اقسموا أن يؤدوا مهمتهم بمسؤولية. ولا يجب أن يغيب عن أذهان هؤلاءالمصلحين ان كل ورقة تقبع أمامهم تحمل آمال وأحلام وتطلعات وجهد وتعب شاب في مقتبل العمر ومن ورائه ذووه.. وقد تكسره هذه الورقة كما قد تطيح ورقة أثقلها الثلج بغصن شجرة.
ليس مطلوباً أن يتساهل هؤلاء المصححون مع الإجابات الخاطئة، ولا أن يسهموا في إيصال طالب فاشل الى الجامعة، إنما ينبغي ان يضعوا نصب أعينهم أن كل ورقة جامدة تمثل تلميذاً من لحم ودم، وقلباً خافقاً، لا يمكن أن يكون أقدم على تقديم الامتحان، إلا بعد دراسة وجهد وسهر وعرق، لذا ينبغي أن يترفقوا بالأوراق، وأن يعيدوا النظر في الاجابات مرات ومرات، بحثا عن النقاط الايجابية التي يمكن ان تسند لصالح الطالب، وليس التركيز على السلبيات فحسب.
وغني عن القول إن المواد كبيرة، وإن أتت الاسئلة من وحدات وأماكن معينة فيها، فشل الطالب في الاجابة عنها، او أخفق في كامل الإجابة، فهذا لا يعني قطعاً، أن الطالب لا يعرف المادة ولم يدرسها؛ لذا.. رفقاً بهذا الطالب الذي قد يكون أجاب في شطر من الاجابة بشكل صحيح ولم يحالفه الحظ في اكمالها.
وعلى المصحح ان يبدأ التصحيح وهو بكامل طاقه الذهنية، عارفاً أن عمله يماثل عمل جراح القلب الذي لا مجال للخطأ في عمله.
والطالب كما هو معروف في أدبيات التربية هو محور العملية التعليمية، وهو الغد الذي نتطلع اليه بأن يكون مشرقاً، وليس مقبولا أن نضع العصي في دواليبه.
ذات مرة غصت قاعة المحاضرات في أثينا القديمة بالناس بانتظار محاضرة «صاحب الجمهورية» الفيسلوف أفلاطون، ورغم ان الوقت أخذ بالنفاد إلا أن افلاطون رفض أن يبدأ محاضرته التي حضرها علية القوم ومريدوه، الى أن آتى تلميذه ارسطو، عندها قال افلاطون: «الآن نبدأ.. فقد جاء العالم».
أيها المصححون، رفقاً بالعالم!