رسالة إبراهام بورغ

رسالة إبراهام بورغ
أخبار البلد -  

لم يكن شيوعياً ، ولن يكون ، ولم يكن فلسطينياً ، ولن يكون ، ولكنه من موقعه كيهودي إسرائيلي ، قطع إبراهام بورغ أكثر من نصف الشوط لتفهم معاناة الشعب العربي الفلسطيني ، أو جزءاً منه وقرر الإنحياز لهم ، والتضامن معهم ، وشراكتهم ، من أجل المساواة والديمقراطية والمواطنة مع أبناء الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة . 

ولا أحد من أوساط اليمين الإسرائيلي يستطيع المزايدة عليه ، فهو إبن عائلة يهودية صهيونية عريقة ، فوالده كان رئيساً لحزب المفدال اليميني المتدين ، وشغل مواقع متقدمة ، في إدارة الدولة العبرية ، بينما هو إنتقل من مواقع مهمة إلى مواقع أهم ، من عضوية الكنيست عن حزب العمل عام 1988 ، إلى رئاسة الوكالة اليهودية ، ليعود إلى البرلمان ، ويتولى رئاسته في الفترة الواقعة ما بين 1999 إلى 2003 ، وعبر هذه السنوات الطوال ، من الولادة والعيش في بيت يهودي متدين ، وقومي متعصب ، وصهيوني مخلص ، خزن الخبرات ، ومر بالتجارب ، وراكم المعارف ، وشاهد الوقائع الحسية ، مقارناً بين معاناة شعبه في أوروبا ومرارات الهلوكوست ، وعذاباتهم جراء المحرقة ونتائجها ، إلى الفرصة أو الفرص التي توفرت لهم كي يعيشوا بعيداً عن العذاب والإرهاب وعدم الطمأنينة . 

تلك الخلاصة التي وصلها إبراهام بورغ ، في تجربته وحياته ، فالذين عانوا من الإضطهاد والمرارة والمحرقة ، يمارسون الأفعال نفسها أو أقل منها أو أكثر مع الفلسطينيين ، الذين لا ذنب لهم ، بمعاناة اليهود في أوروبا ، وبما إقترفته النازية والفاشية بحقهم !! . 

ما أصاب ، إبراهام بورغ ، ليس صحوة ضمير ، وحسب ، بهدف إنقاذ نفسه مع التسلط والعزلة وذبح الأخر مادياً ومعنوياً ، بل هي نقلة نوعية يقودها إبراهام بورغ ، وقد تكون فردية الأن ، ولكنها ستسجل على أنها البداية ، لصحوة يهودية إسرائيلية على طريق إعادة النظر بمجمل أهداف الحركة الصهيونية وسلوكها ، وبما تسعى إليه ، بعد حالة النجاح التي حققتها بالهجرة اليهودية إلى فلسطين ، وإقامة الدولة على أنقاض فلسطين ، بعد طرد نصف شعبها وتهجيرهم إلى خارج وطنهم ، ولكن المشروع الصهيوني ، رغم نجاحاته ، أخفق كثيراً وبقوة ، بنفس حجم إنجازاته ، فقد صمد جزء من الشعب العربي الفلسطيني عام 1948 ، وبقي في الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة ، تحولوا اليوم رغم تدفقات الهجرة الأجنبية اليهودية ، شكل الفلسطينيون حوالي خمس المجتمع الإسرائيلي ، وبعد إحتلال ما تبقى من فلسطين ، في الضفة والقدس والقطاع عام 1967 ، بقي فيها شعب ، وليس مجرد جالية أو أقلية ، وبات اليوم على كامل أرض فلسطين ، شعب يصل تعداده إلى أكثر من خمسة ملايين وسبعمائة الف عربي فلسطيني ، مقابل ستة ملايين وثلاثمائة الف يهودي إسرائيلي ، العدد متقارب ، وهو ينفي أول مقولة للصهيونية في إقامة وطن لليهود على أرض بلا شعب ، لشعب بلا وطن . 

لقد تفوق الفلسطينييون بوعيهم وواقعيتهم وحسهم الإنساني ، وثقافتهم نحو قبول الأخر ، وتقدموا على الأغلبية الساحقة الإسرائيلية ، منذ وقت مبكر عام 1968 ، حينما قدموا للإسرائيليين عبر مجلسهم الوطني حلاً ديمقراطياً للصراع الفلسطيني الإسرائيلي ، بإقامة دولة ديمقراطية واحدة ، للشعبين وللقوميتين ، متعددة الديانات ، ورفض الإسرائيليون ذلك ، ومنذ عام 1974 وعام 1988 ، وصولاً إلى إتفاق أوسلو 1993 ، توصل ياسر عرفات مع إسحق رابين لحل واقعي ، لا يحمل صفات العدل للفلسطينيين ، ومع ذلك صوّت عليه المجلس الوطني الفلسطيني ، وقبل به ، وكانت النتيجة أن الفلسطينيين قبلوا بـ " الهم " ولم يقبل بهم ، وكانت الوقائع أسوأ ، إذ تم إغتيال إسحق رابين من قبل متطرف يهودي كخائن لأرض إسرائيل ، وأنه تنازل عن حقوق اليهود التاريخية ، وتم إغتيال ياسر عرفات من قبل شارون بحجة أنه يُهرب السلاح ، وعاد لممارسة الكفاح المسلح من تحت الطاولة . 

إنتقال إبراهام بورغ ، بعد رحلته الطويلة ، في الإخلاص لإسرائيل ، والعمل لمصلحة شعبها ، نحو الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة ، نقلة نوعية ، لا شك أن غالبية الفلسطينيين بمكوناتهم الثلاثة : 1- أبناء الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة ، و2- أبناء الضفة والقدس والقطاع ، و3- أبناء اللاجئين في الشتات وبلاد المنافي وسكان المخيمات ، يقدرون هذه النقلة النوعية ، من شخصية مرموقة ، بمكانة إبراهام بورغ ، وتاريخه ، ولا شك أيضاً ، أنهم يراهنون عليه ، كي يؤدي الدور المطلوب منه لمصلحة الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي ، بعد أن فشلا كلاهما في إنهاء الأخر أو طرده أو رميه في البحر أو إلى الصحراء . 

إبراهام بورغ رافعة قوية ، توازي كتيبة صاعقة ، أو سرب طائرات ، أو لواء جنود ، وبإنتقاله من موقع الخصومة والعداء والعنصرية ، رافضاً لها ، مقدماً برنامجاً ديمقراطياً نقيضاً يقوم على المساواة والمواطنة والسلام والأمل ، إنما يفتح بوابة إنقاذ للشعبين ، كي يرى أحدهما الأخر كشريك وإنسان يستحق الحياة . 

نضال الشعب العربي الفلسطيني لإستعادة حقوقه ، المساواة في 48 ، والإستقلال في 67 ، والعودة للاجئين ، نضال تراكمي تدريجي ، متعدد المراحل ، حقق خلال مسيرته إنجازات ، وعليه يمكن الحكم على رسالة إبراهام بورغ " للعرب في إسرائيل " يوم الجمعة 12/12/2014 ، وما حملت من مضامين ، وإنضمامه إلى الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة ، على أنه رافعة جدية ، ومكسباً ، وإنتصاراً ، يؤكد تراجع وإنحسار المشروع التوسعي الصهيوني وعدم واقعيته وتطرفه ، مثلما يؤكد تقدم المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني ، بما يحمل من واقعية ، وإنصاف ، وحل للشعبين عبر إحدى خيارات الحل ، بتقاسم الأرض في إقامة الدولتين ، أو تقاسم السلطة بدولة ديمقراطية واحدة للشعبين . 

h.faraneh@yahoo.com
شريط الأخبار انخفاض الرقم القياسي العام لأسعار أسهم بورصة عمان في أسبوع تفاصيل حالة الطقس حتى الاثنين أول خطاب لأمين عام حزب الله اللبناني نعيم قاسم بعد اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل نقابة الحلي والمجوهرات تحذر من العروض الوهمية والتلاعب بالأسعار إغلاق جميع مخابز وسط غزة الحرة: التخليص على 2300 مركبة كهربائية خلال أول 4 أيام من بدء قرار تخفيض الضريبة إلغاء الفعاليات الثقافية والفنية لمهرجان الزيتون تضامناً مع الأشقاء في فلسطين ولبنان بتوجيهات ملكية.. توفير رعاية صحية شاملة للحاجة وضحى وتلبية جميع احتياجاتها إصابة 9 إسرائيليين في عملية إطلاق نار قرب مستوطنة أرئيل صدمة لعشاق آبل بعد اكتشاف احتواء ملحق رسمي على مواد مسرطنة وضارة جنسيا تحوطوا جيدا.. مناطق بعمّان والزرقاء لن تصلها المياه الأسبوع القادم لمدة 72 ساعة - أسماء ماذا طلب ولي عهد لوكسمبورغ من السفير البطاينة "الفاو": الأردن حافظ على معدلات تضخم غذائي منخفضة في 2024 هل يُمكن أن تتساقط الثلوج بالأيام الأخيرة من الخريف؟ توضيح مهم من "جمعية البنوك" حول تخفيض الفائدة على القروض في الأردن والآلية المتبعة هجمات المستوطنين بالضفة تضاعفت 3 مرات خلال موسم الزيتون خريطة وقف إطلاق النار في لبنان تثير جدلا واسعا وميقاتي يعلق (صورة) وفيات الجمعة .. 29 / 11 / 2024 في سابقة قضائية... الحكم بالإعدام على شخصين بتهمة إضرام النار عمدًا في مخزن نتج عنه وفاتان تهديدات بالقتل تتسبب بنشر 1500 ضابط لمباراة كرة السلة بين ألبا برلين ومكابي تل أبيب