عممت هيئة الإعلام على محطات البث الفضائي والإذاعي المرخصة والمعتمدة والمواقع الإلكترونية "لاحظ أنه تم استثناء الصحف من التعميم ربما لأنها منضبطة أصلا" كتابا بتاريخ 9/12/2014 تشير فيه إلى كتاب مديرية الأمن العام "بعدم نشر وتداول الأخبار أو المعلومات المتعلقة بشؤون الأمن العام ومنتسبيه إلا بطلب مباشر وصريح من المصادر المسؤولة والامتناع عن قبول ونشر المقالات والتعليقات إلا في نطاق المعلومات والأخبار المنشورة بصورة مشروعة ودون المساس أو التعرض لهيبة الأمن العام ومنتسبيه بأي صورة كانت مباشرة أو غير مباشرة، وذلك استنادا لأحكام المادة 20 الفقرات (ل. ن) من قانون هيئة الإعلام المرئي والمسموع رقم 71 لسنة 2002 والمادة 5 من قانون المطبوعات والنشر رقم 8 لسنة 1998 وتعديلاته. يرجى الالتزام بمضمون الكتاب وتحت طائلة المسؤولية القانونية".
وقبل بيان عدم قانونية التعميم وما جاء به أود التأكيد على نعمة الأمن التي تعم البلاد وتقدير جهود الأمن العام في هذا الإطار، لكن ذلك لا يجيز تحصين جهاز الأمن العام نفسه من رقابة الصحافة والإعلام. كما أود الإشارة إلى أن نقدي للتعميم وعدم قانونيته لا يفسد الود المتبادل بين صاحب الخلق الرفيع المدير العام لهيئة الإعلام د. أمجد القاضي وبيني فكلانا زملاء دراسة ويعرف الكثيرون مدى محبته وتقديره لي والعكس صحيح أيضا.
وللتسهيل على القراء تنص المادة 20 الفقرات (ل. ن) من قانون هيئة الإعلام المرئي والمسموع رقم 71 لسنة 2002 التي اشار إليها التعميم:
يتم تنظيم اتفاقية الترخيص بين الهيئة والمرخص له، بعد موافقة مجلس الوزراء على منح رخصة البث، على أن تتضمن بصورة خاصة الشروط والأحكام والأمور المبينة أدناه بالإضافة إلى أي شروط أخرى نص عليها هذا القانون والأنظمة الصادرة بمقتضاه:-
ل- التزام المرخص له باحترام الشخصية الإنسانية وحرية الغير وحقوقهم والطابع التعددي للتعبير عن الأفكار والآراء وموضوعية بث الأخبار والأحداث والمحافظة على النظام العام وحاجات الأمن الوطني ومقتضيات المصلحة العامة.
ن- التزام المرخص له بعدم بث أو إعادة بث كل ما من شأنه إثارة النعرات الطائفية والعرقية أو ما من شأنه الإخلال بالوحدة الوطنية أو الحض على الإرهاب والتفرقة العنصرية أو الدينية أو الإساءة إلى علاقات المملكة بالدول الأخرى.
كما تنص المادة 5 من قانون المطبوعات والنشر رقم 8 لسنة 1998 وتعديلاته: على المطبوعة تحري الحقيقة والالتزام بالدقة والحيدة والموضوعية في عرض المادة الصحافية والامتناع عن نشر ما يتعارض مع مبادئ الحرية والمسؤولية الوطنية وحقوق الانسان وقيم الامة العربية والاسلامية.
ومن يدقق في المواد السابقة يرى بسهولة أنها لا تسعف بتقديم أي غطاء لمشروعية التعميم، وتم التوسع في تفسير المواد السابقة بطريقة مطاطية من شأنها أن تلجم وسائل الإعلام عن حرية النشر حتى عن الحقائق والأخبار الصحيحة التي يجيز القانون نشرها.
أما التلويح بطائلة الإجراءات القانونية إذا تم "المساس أو التعرض لهيبة الأمن العام ومنتسبيه" فمثل هذه المصطلحات وان كانت موجودة في عدد من الدول الاستبدادية إلا أنها غير موجودة في أي قانون أردني، لا بل أن قانون المطبوعات والنشر رقم 27 لسنة 1997 الذي تسبب في وضع رئيس وزراء الأردن آنذاك في لائحة "أعداء حرية الصحافة العشرة"، وقام القضاء فيما بعد بالحكم بعدم دستوريته "قرار العدل العليا رقم 226/1997 هيئة عامة الصادر بتاريخ 18/1/1998 والمنشور بمجلة نقابة المحامين، العددان الأول والثاني كانون الثاني وشباط 1998 صفحة 389″، لم يتضمن مثل المصطلحات السابق ذكرها عن الأجهزة الأمنية. فقد نصت المادة 11 من القانون غير الدستوري على:
يحظر على المطبوعة ان تنشر الاخبار أو المقالات أو التحليلات أو المعلومات أو التقارير أو الرسوم أو الصور أو أي شكل من اشكال النشر الاخرى اذا كانت:
1- تمس بالملك أو الاسرة المالكة.
2- تتعلق بالقوات المسلحة الاردنية أو الاجهزة الامنية، الا اذا اجيز نشرها من المرجع المختص فيها أو الناطق الرسمي باسم الحكومة.
3- تسيء إلى الوحدة الوطنية، أو تحرض على ارتكاب الجرائم أو زرع الاحقاد وبذر الكراهية والشقاق والتنافر بين افراد المجتمع.
4- تتضمن معلومات كاذبة أو اشاعات تؤدي إلى المساس بالمصلحة العامة أو باجهزة الدولة أو بالعاملين فيها.
وهكذا يتضح أن التعميم يفتقر لأدنى مشروعية للأسف، ولا يتيح القانون لا لمدير الأمن العام ولا لمدير عام هيئة الإعلام د. أمجد القاضي إصدار مثل هذا التعميم الذي يمنع النشر في القضايا المذكورة فيه، لكن لا يوجد ما يمنع أو يحصِّن أي وسيلة اعلامية أو صحافي من محاسبته بعد النشر إذا ما نشر أو بث ما يخالف القوانين الأخرى، فمثلا لاحظ الانضباط القانوني في المادة 191 التالية من قانون العقوبات الأردني: يعاقب على الذم بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين إذا كان موجها إلى مجلس الأمة أو أحد أعضائه أثناء عمله أو بسبب ما أجراه بحكم عمله أو إلى إحدى الهيئات الرسمية أو المحاكم أو الإدارات العامة أو الجيش أو إلى أي موظف أثناء قيامه بوظيفته أو بسبب ما أجراه بحكمها.