إياكم وعقوق الوالدين

إياكم وعقوق الوالدين
أخبار البلد -  

كانت هناك عائلة تعيش في احدى قرى القدس في فلسطين قبل الاحتلال حيث كان بيتهم البسيط يحوي ذلك الشاب وزوجته واطفاله السبعة وابيه الارمل... 
كان ذاك الشاب هو وعائلته يقتاتون من تلك المزرعة الصغيرة واليتيمة التي كانت كل ما يملكه اباه في هذه الدنيا.... 
ذاك الرجل العجوز الذي توفت زوجته بعد أن انجبت له طفل لا يتجاوز عمره الخمس سنوات... طفل وحيد انار بوجوده ظلمة الوحدة بشمعة أمل عاشها ذاك الشيخ ليرى منه اطفاله السبعة .... 
مرت الأيام والسنين ولم يبقى لذاك العجوز (ابا ضرار) غير ولده الشاب ليؤويه في بيته وسط عائلته إلى أن تؤويه التراب... 
إلا أن مكافاة ضرار لابيه كانت بكرسي خشب يجلس عليه ابيه على باب بيته إلى أن تغيب الشمس فيضطر ضرار لادخاله إلى غرفة الجلوس لينام على حصيرته بين اقدام اطفاله... 
إلى أن جاء الغريب على تلك القرية ..... ليشتري نفوس الفلاحين بارخص الاثمان معلنا اشاعة كاذبة أن اليهود سيحتلوهم عما قريب.... لتسلب منهم تلك الأراضي وتشردهم بيوتهم واموالهم.. فبدأ الجميع باعداد البيع على أن يعملوا في اراضيهم كالعبيد.. باجر يكفيهم نصف يومهم... 
وكان ضرار من أول المتحمسين لفكرة بيع ارض ابيه... إلا أن ابا ضرار عارض البيع دفاعا عن مبدأ الشرف والوفاء ...... فقرر بلا تردد الرحيل عن قريته هو وعائلته وترك ابيه مع ارضه ليموت فيها... 
وعند الرحيل ترجى ابا ضرار ابنه الشاب العنيد أن لا يتركه وحيدا... أن لايبعد احفاده عنه... وانه سيعطيه ما ادخره من مال حجته التي كان يحلم بها منذ زمن ثمنا بان ينسى الرحيل وينسى ذاك المشتري الغريب.... 
قبل ضرار الثمن وذهب بالمال إلى السوق ليشتري بها كسوة لاولاده وزوجته واشترى لنفسه عباءة سوداء يتباهى فيها على من حوله بما فيهم صاحب المال.... 
مرت الأيام وبدأ الجوع ينتشر في بيت ضرار ... وبدأ يشعر ضرار بالضجر فهو لايطيق عمل الفلاحة ولا يقدر على جلدها فاصبحت بورا بعد أن كانت اشجارها وخيرها يكفي قرية باكملها.... 
وأصبح ذاك الشيخ الذي رباه هو عالته الوحيدة .... وأصبح وجوده يضيق من احلامه وطموحاته فبدأ يفكر ... كيف لهذا العائق أن يزول... 
واذا به ذات صباح يأخذ قهوته وقهوة ابيه إلى الباب ليجالس اباه ويحدثه عن طبيعة القرية الخلابة.... سائلا ابيه أن ياخذه في جولة على جبال القرية ليريه بيته من فوق سفح .... فنظر الاب إلى ابنه فرحا وتمنى ذلك ولم يعلم ما يدور في خاطر فلذة كبده.... 
فشد ضرار وابيه الرحال ليجوبوا انحاء القرية .... في طريق تملئها الأشجار والثمار... ورائحة الزهور والزعتر تفوح من كل مكان ... وكان ابا ضرار يعيش لحظته بصمت يذكر فيها كيف كان يحمل ضرار على كتفيه على نفس الطريق وما كان يغنيه من كلمات عذبة تملئها الحنين والحب لاجمل هدية من الله ..... اخذ ابا ضرار يحدث ابنه عن طفولته وعن ايامه ويذكر له من تلك الذكريات وانه الآن في اوج السعادة بان يعيش معه على نفس الطريق بعد هذا العمر وان يكونا معا كما كانا في السابق إلى أن وصلا قمة الجبل على راس القرية.... 
حيث وضع ضرار الصخرة الكبيرة على حفة ذاك الجبل ليجلس اباه عليها وليرى منها بيته وارضه....وبقي ذاك الشيخ المسكين يروي لابنه الوحيد عن ماضيهما سويا... ويشير له من فوق الجبل أين كان يلعب ضرار وأين كان يبحث عنه ليطعمه من ثمار الارض التي تصحرت الآن... 
وفي لحظة تحول الابن الى خنجر ..... ليقوم بدفع ابيه عن الصخرة بلا تردد .... بلا رحمة... من فوق الجبل.... دفع بمن عاش له.... ليقتل على يديه.... 
ورجع القرية باكيا دموع الخيانة .... دموع الاثم العظيم.... باكيا موت ابيه... حاملا جثته الهامدة النزيفة.... زاعما أن النوم قتله... وانه حين سهى في نومه وقع عن الجبل.... 
مكذبا ما رأته السماء وشهدته الجبال وبكاء تلك الصخرة.... وارثا ارض البور عن ابيه .... ليطعم بثمنها العار لاولاده.... 
ومات أبا ضرار .... في حين عاش ضرار مجرد من الحياة... عاش مجرد من نفسه ،،من انسانيته،، من بره ،،، وسلب منه غطاء الراحة ليبقى عاريا خائفا فريسة سهله لشبح ضميره الاحمر الملطخ بدم ابيه... 
عاش ضرار لينتظر نهاية الجلسة،،، ينتظر الحكم عليه ،، ينتظر كيف ومتى ستتحقق العدالة فتثأر منه،، علما بان حكم الاعدام في نفسه كان يطبق عليه في فجر كل يوم يرى نعمة ابيه عليه.... 
عاش ضرار ليرى اطفاله الصغار قد كبروا... ليراقب شبابهم الباهي... ليشعر بفرحة ابيه وما كان يحمله في قلبه من حب وحنان خالص... ففي كل مرة يناظر فيها أعينهم.... يرى ابتسامة ابيه الاخيرة على سفح الجبل الصامت....ليشيح بناظره عنهم وينهر عليهم نفسه الماضية. 
عاش ضرار حتى تآكله المرض حتى الشلل،، فاصبح لا قدرة له على الكلام والحركة... ليرى ما كان يخشاه... ليرى في نفسه حقيقة عجزه وهوانه على الكثير الكثير من الناس الذين تباهى عليه يوما بشبابه واموال ابيه...لتقلب به الأيام والسنين وتجعل من ذلك الكرسي جليسه الوحيد على عتبة البيت القديم.... فيبكي وحيدا يتحسر على ماضيه ولا ينفك حتى يذكر ابيه... فكل ماضي طفولته وشبابه تعود البطولة فيها لذاك الشيخ المسكين... فيبكي بصمت يلجم عما بداخله من براكين... فقد تزلزلت من تحت قدميه وانهارت من بين يديه اعظم النعم,,,فتيتمت ذاته بنفسه واغلقت عن راسه أبواب الدعاء والرحمة بمفتاح اضاعه بيديه... ليرجم ابدا ما حيي بنيران العقوق ... وكبيرة القتل... 
إلا أن السنين مرت متناسيا فيها ذنب الكفر الذي اقترفه.... وفي ضميره ألف سكين يطعنه في الصميم... وكبر الاولاد ... وكبر البيت الذي كانوا فيه يلعبون..... وكان احمد اقرب الناس لضرار... فكان يرى في ابيه الحياة... وكان من أكثر الاولاد تعلقا به ....حيث كان يعمل في التجارة لياتي كل يوم يحمل لابيه ما يشتهيه لنفسه.... إلا أن ضرار لم يكن يشعر بالسعادة ,,,, بل كان شعور الاختناق والضجر يعيشان في انفاسه حتى الكبر... 
وشعر احمد بذلك الألم وبذاك الضجر الذين يسكنان عيني ابيه الغالي... فقرر أن ينسيه وان يحتفل به وحده بان يجوب به ارجاء القرية حاملا ابيه على ظهره.... 
وفي صباح يوم من الأيام .... حمل احمد تلك عباءة ابيه السوداء الثمينة التي يحبها والتي تذكره بتباهي والده فيها... 
والجم بها لسان ضرار حين وضعها على كتفه مفاجأ بها من حوله ... فحمله على ظهره.... وضرار ينظر اليه بعتب وخوف والم لا يستطيع الكلام من المرض الذي اصابه قبل سنتين..... 
واخذ احمد ابيه على ظهره ليجوب به نفس الطريق التي خطاها جده أخر مرة في حياته.... إ 
لا انه هناك فرق.... 
عندما كان ضرار يمشي ووالده الطريق وكان الاب فرحا بابنه ويحادثه عن ماضيهما طوال المسافة.... 
إلا أن ضرار الآن محمولا على ظهر ابنه ... وان ابنه كان فرحا بوالده الباكي على ظهره بصمت طوال المسافة.... 
كان ضرار يبكي خوفا.... يبكي ذنبا.... متيقن أن الساعة قد دقت وان احمد سيوصله على نفس المذبح..... لتاخذ الأيام بثارها الآن وتتحقق عدالة الزمان.... 
وفعلا كانت نفس الصخرة تنتظر ضرار.... وبكل هدوء وثقة ... اجلس احمد ابيه على ذات الصخرة.... ولكن ضرار بدأ بالصراخ غير المسموع... ليبعد احمد عنه... ليبعد تلك اللعنة التي اصابته بان تدوي بفلذة كبده .... ابعد عنه احمد بكل قوة وتجبر... حتى ابتعد عنه احمد وهو يتساءل ما بال ابيه.... ابتعد عنه ليحضر له دواءه عله تعب.... ولكن ما أن تجاوزت خطواته الثلاثة حتى سمع بصوت... وعندما التفت على الصخرة لم يجد ضرار الذي اوقع بنفسه عن الجبل.... وقتل نفسه حتى لا تلحق بابنه لعنته العقوق... 
وهنا قتل ضرار ... قتل بسيف ضميره الحاد الذي لم يرحمه.. قتل بنفسه... ليصار إلى عذابه مرة أخرى في مماته... لتتحقق العدالة على نفس الارض وعلى ذات المكان... وابعد عنه اغلى ما كان يملك... ابعد ولده عن جريمة اقترفها بيديه... فكانت عقوبتها اشد منها... ابعد احمد عنه حتى لا يتملك عذاب الضمير وعدالة القدر دربه .... 


بقلم: المحامية إيمان دخل الله
شريط الأخبار الجيش اللبناني يرد على مصادر النيران لأول مرة منذ أكتوبر الماضي المنطقة العسكرية الجنوبية تحبط محاولة تهريب مخدرات بواسطة طائرة مسيرة القوات المسلحة الأردنية تجري اختبارا لعدد من أسلحتها بينها راجمة بعيدة المدى فايننشال تايمز: أسعار النفط ترتفع إلى أعلى مستوى خلال شهر بعد تصريحات بايدن بشأن الرد الإسرائيلي على إيران عبلة أبو علبة: الضربة الإيرانية لإسرائيل رد طبيعي على توحش الاحتلال المستمر أزمة اقتصادية عالمية جديدة تلوح في الأفق.. الحرب على غزة أبرز أسبابها، فكيف ستتأثر سلاسل التوريد العالمية؟ "الطيران المدني": 340 طائرة مدنية عبرت أجواء الأردن وهبطت وغادرت الأردن إغلاق مؤقت لشوارع حيوية منتصف الليلة وتحديد طرق بديلة لهذا السبب سيادة الأردن على أجوائه "حتى مالا نهاية" مسؤول إيراني: أي هجوم "إسرائيلي" سيواجه برد غير تقليدي يشمل البنى التحتية الصفدي ونظيره الياباني يبحثان التصعيد الخطير في المنطقة رصد "بقعة شمسية" في سماء الحدود الأردنية السعودية الجبالي يوضح مخرجات لقاء غرفة تجارة الأردن واللجنة المشتركة لبحث مسألة قطع غيار السيارات حزب الله يفجر عبوة ناسفة ثالثة بقوة من لواء غولاني في بلدة مارون الراس بجنوب لبنان شركة طيران الإمارات تعلق رحلاتها إلى الأردن مروحيات إسرائيلية تهرع لنقل قتلى وجرحى في الشمال بعد "حدث خطير" - فيديو المستوطنون يستبيحون المسجد الأقصى: رقص وسجود ملحمي ونفخ بالبوق هل سيتم تغيير مدير مؤسسة الإذاعة والتلفزيون؟ جريمة بشعة.. طفل يتعرض للتعذيب حتى الموت على يد عمه في الأردن "حزب الله" يعلن تفجير عبوتين ناسفتين بقوة إسرائيلية حاولت التسلل باتجاه بلدة مارون الراس