نظرت إلى يدها وقالت "ما بندم إنو تعبنا، ولا إني بعت دبلتي، بكفيني إنو حياتنا تغيرت".
"أم مجد"… استبدلت دبلتها بوعدٍ قطعته لزوجها بأن يسيرا جنبا إلى جنب. أكمل "أبو مجد" تعليمه الجامعي ليوفر حياة أفضل لعائلتهما. لم تشعر يوماً أن يدها عارية، لأن ساعديها دائما الحراك؛ في الحقل، وفي دكانها الصغير.. وفي المساء، تتشابك أصابعها مع أصابع صغارها وهي تراجع لهم دروسهم.
اسمها "شفاء".. وهي كذلك.. بلسم لزوجها وأولادها. وكل من يجلس معها - ولو لوهلة- لا يستطيع إلا أن ينصت إليها، ويستلهم من عزيمتها وهمتها.
اليوم، يحتفل العالم بيوم المرأة العالمي. المرأة التي لا تلد للأردن بناتا وأولاداً فحسب.. بل تهدي الوطن نساء ورجالا يشار إليهم بالبنان، متميزين بعلمهم وهمتهم وقدرتهم على تحسين حياة من حولهم.
نحتفل بأردنيات جدّات وعمّات وخالات وأمهات.. نساء يجمعن بين منزلهن وعملهن دون أن ترجح كفة على الأخرى.. وفي هذا اليوم الذي يتحدث فيه العالم عن إنجازات وتحديات المرأة، أتوقف لحظة لأقول لجميع الأردنيات "شكراً".
شكراً على كل لحظة قوة منحنني إياها.. نساء توجهت للاستماع لاحتياجاتهن بأمل مساعدتهن، وإذ بي استلهم منهن الصبر والعزيمة. نساء عندما أتردد أمام التحديات، استذكر قصصهن كنماذج نجاح كي لا أتعثر. نساء في حديثي عن الأردن، أردد إنجازاتهن بفخر.
كثيرة هي قصص النساء اللواتي ألتقيهن في وطننا الغالي، في مدننا وقرانا.. من امرأة تحيك الأثواب بيديها، إلى قاضية تحكم بميزان العدل.. من أستاذة تحاضر في صفوف جامعاتنا، إلى معلمة في صفوف محو الأمية. كل واحدة بطريقتها وعطائها تعبِّد الطريق لغيرها. نساء لا ينظرن إلى طول الطريق الذي يقطعن ولا يثني عزيمتهن، لكن من يتتبَّع خطاهن يرى وعورة الطريق وحجم الإيثار، وأنا أراهما أيضاً.
أرى العطاء مرسوماً برقّة على شفاههن المبتسمة، والإنجاز منقوشاً بكبرياء على جباههن العالية.
اليوم مئوية يوم المرأة، وهو أيضا يوم الرجل المؤمن بأن النساء لسن نصف المجتمع بتعدادهن فحسب، بل لأن نضج المجتمع لا يكتمل إلا بهن وبعطائهن.
كل عام ونساء أردننا بخير وفي عزيمتهن وطموحهن وعطائهن "شفاء" وكل عام وبلدنا بهن وبرجاله عامر.