الدروس المستفادة

الدروس المستفادة
أخبار البلد -  


مثلما أخفقت حركة فتح ، في تحقيق إنجازات ملموسة على الأرض ، في القدس والضفة الفلسطينية ، أخفقت حركة حماس ، في إدارة قطاع غزة ، وتقديمه كنموذج يُحتذى لباقي مكونات الشعب العربي الفلسطيني . 
حركة فتح ، أخفقت ، في وقف الإستيطان ومنع التوسع الإسرائيلي ، على الأقل ، بسبب رهانها على المفاوضات وإعتمادها عليها ، كوسيلة كفاحية دبلوماسية وحيدة ، لإستعادة جزءاً من حقوق الشعب العربي الفلسطيني وفق التدرج والمرحلية ، منذ مفاوضات أنابوليس في تشرين الثاني 2007 حتى مفاوضات واشنطن في نهاية أيار 2014 ، لأنها بكل بساطة ، مفاوضات غير مسنودة بفعل كفاحي على الأرض ، يجعل من مشروع الإحتلال الإستعماري التوسعي الإسرائيلي مشروعاً مكلفاً ، سياسياً وأخلاقياً ومعنوياً ومادياً ، ويدفعه نحو الأذعان للإستجابة لمتطلبات التسوية وحقوق الشعب الفلسطيني ، كما حصل ، نتيجتي الإنتفاضة الأولى 1987 ، والإنتفاضة الثانية 2000 . 

ومثلما أخفقت حركة فتح ، طوال سنوات التفاوض السبعة 2007 – 2014 ، أخفقت حركة حماس ، في المزاوجة بين إدارتها للسلطة الوطنية ، منفردة في قطاع غزة ، وبين إدارتها لعمل كفاحي ضد العدو الإسرائيلي ، طوال سبع سنوات عجاف ، منذ تنفيذها لقرار الحسم العسكري في الإستيلاء على السلطة من طرف واحد في 14 حزيران 2007 ، حتى 2 حزيران 2014 ، وكانت عنواناً للفشل والإنقسام والتفرد ، إضطرت بسبب هذا الفشل والإخفاق ، إلى تسليم قطاع غزة إلى حكومة التوافق الوطني ، يوم 2 حزيران 2014 ، بدون شروط مسبقة ، على أثر زيارة وفد منظمة التحرير الخماسي لغزة يوم 23 نيسان 2014 ، والإتفاق على تشكيل حكومة وفاق وطني من المستقلين غير الحزبيين . 

وهذا يعني أن الأنفراد ، والسياسات الأحادية ، والخيارات المحدودة سواء من قبل حركة فتح ، أو من قبل حركة حماس ، سببّت الفشل والإخفاق لمجمل مسيرة الشعب العربي الفلسطيني الكفاحية ، ولكافة فصائل حركته الوطنية ، أمام العدو الإسرائيلي المتفوق ، الذي يحتل القدس والضفة الفلسطينية ، ويُحاصر قطاع غزة ، إضافة إلى ممارساته العنصرية في مناطق 48 . 

وهذا يستدعي من الفصيلين الأساسيين في ساحة العمل السياسي ، والفعل الكفاحي ، الفلسطيني ، الإستفادة من خبراتهما ، وفشلهما وإخفاقهما طوال السنوات السبع الماضية ، دَفع خلالها الشعب العربي الفلسطيني ثمناً باهظاً من عمره ووطنه أولاً في قطاع غزة ثلاثة حروب مدمرة في مواجهة العدو الإسرائيلي 2008 ، و2012 ، و2014 ، بلا نتائج سياسية مفيدة ، وثانياً في الضفة الفلسطينية بتعميق الإستيطان وتوسيعه وزيادة وتائره ونتائجه التدميرية على القدس بتغيير معالمها نحو التهويد والأسرلة ، وفي قلب الضفة الفلسطينية من خلال تمزيق جغرافيتها بالتوسع الإستيطاني ، وفي الغور على طريق تحويله إلى مستعمرة إسرائيلية بالكامل ، عبر حرمان سكانه من الإقامة والزراعة والتطور ، وجعله طارداً لإصحابه وأهله من الفلسطينيين الفقراء . 

والدروس المستفادة لكل الأطراف الفلسطينية وفي طليعتها فتح وحماس هي : 

أولاً : الوحدة الوطنية ، والوحدة عاشراً ، والوحدة الوطنية دائماً ، وبدون وحدة المكونات والفصائل والشخصيات والفعاليات والإتحادات المهنية ومؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني في إطار ثلاثة عوامل هي 1- وحدة البرنامج الوطني الفلسطيني ، 2- وحدة المؤسسة التمثيلية وهي منظمة التحرير وأداتها على الأرض وفي الميدان حكومة السلطة الوطنية وما يتفرغ عنها ، ومشاركة الجميع في مكوناتها ، 3- إختيار الأدوات الكفاحية المناسبة والملائمة في النضال ضد العدو ، حيث لا يجوز لطرف أو فصيل القيام بأي فعل سياسي أو عسكري أو تنظيمي ، بمعزل عن الإتفاقات والأدوات والوسائل والسياسات المتفق عليها بين مختلف المكونات الفلسطينية خدمة للبرنامج الوطني المتفق عليه ، وفي إطار منظمة التحرير ومؤسساتها التمثيلية الموحدة ، بدون ذلك ، سيبقى العدو متفوقاً ، وبلا نتائج سياسية هامة تُقلص من نفوذه وتفوقه وتعمل على إنحساره وعزلته . 

وفي التدقيق في المعطيات أن الحصار الذي فرض على قطاع غزة ، وتفاقم في ظل الرئيس المصري السيسي يعود سببه إلى الإنحياز المعلن من قبل حركة حماس ، للرئيس الإخواني السابق محمد مرسي ، حيث واصلت حركة حماس دورها السياسي المعلن كجزء من حركة الإخوان المسلمين ، تلتزم بإلتزاماتها ، مما سبّب لها القطيعة مع كل من القاهرة ، بسبب موقفها المعلن غير الودي من التطورات التي جرت في مصر بعد ثورة 30 يونيو حزيران 2013 ، وإقالة الرئيس مرسي ، وكذلك مع سوريا ، لإنحيازها لقرار الإخوان المسلمين ضد نظام حزب البعث الحاكم ، وما إستتبع ذلك ، في خسارة الدعم الإيراني لحركة حماس لنفس السبب ، بينما بقيت حركة فتح تتصرف كفصيل سياسي فلسطيني ، مع الرئيس الأسبق مبارك ، والرئيس السابق مرسي ، والرئيس الحالي السيسي ، وتعاملت مع كل من سوريا وإيران وقطر وتركيا ، رغم التباينات معهم ، وفيما بينهم ، وفق المصالح الوطنية الفلسطينية ، بعيداً عن النظرة الحزبية التي تتبناها الأحزاب الأصولية الإسلامية العابرة للحدود ، كما تفعل حركة الإخوان المسلمين وإمتدادها الحزبي والتنظيمي حركة حماس في فلسطين . 

ثانياً : لقد أدى التصادم المصري مع حركة حماس ، لإسباب أمنية وسياسية ، لإتخاذ سياسات مصرية غير ودية نحو الشعب العربي الفلسطيني برمته ، ونحو قطاع غزة بشكل خاص ، وتفاقمت العلاقة بينهما بسبب رفض حماس للمبادرة المصرية ، وطرحها لمبادرة بديلة عبر قطر وتركيا ، وقد فشلت كافة هذه السياسات والإجراءات والمبادرات ، وخلص الجميع إلى ورقة فلسطينية موحدة صاغتها الفصائل الستة المشاركة وهي : فتح وحماس والشعبية والديمقراطية وحزب الشعب ، التي وصلت القاهرة يوم 3/8 ، وقدمتها للجانب المصري ، الذي قبلها ووافق عليها ، وتبناها . 

وهذا يعني أن وحدة الموقف الفلسطيني ، أدى إلى تجاوز الموقف المصري عن كافة تحفظاته في التعامل مع المطالب الفلسطينية لأنها مُحقة ومشروعة ، وعكست موقف الإجماع الوطني ، ولا تعبر عن مطلب فصيل دون غيره . 

وهذا يعني أن الدرس المستفاد يتمثل بضرورة بناء علاقات متكافئة وندية فلسطينية مع كل الأطراف العربية ، بعيداً عن النظرة الأحادية الفئوية ، سواء كانت دوافعها حزبية أو عقائدية أو مصلحة فصائلية ضيقة . 

الفلسطينيون بحاجة لكل الأطراف العربية ، وفي طليعتها بلدان الجوار العربي ، لبنان وسوريا والأردن ومصر ، ومنهم وخلالهم ، حاجتهم لكل أطراف النظام العربي ، مهما تكاسل أو تغاضى أو لا يملك كامل حريته وإستقلاله ، ومهما كانت إمكاناته ضعيفة ، فالشعب الفلسطيني ، والنضال الفلسطيني ، بحاجة لروافع مادية ومعنوية عربية في مواجهة العدو المتفوق الذي يملك دعماً من قبل الطوائف اليهودية في العالم ، ودعم وقوة الولايات المتحدة لصالحه . 

ثالثاً : في معركة الجرف الصامد ، كان لدى الفصائل الفلسطينية وسيلتي مقاومة هما 1- الصواريخ التي لم تترك أثراً فعالاً على العدو ، بإستثناء الأثر المعنوي ، و2- الصدام المباشر مع قوات العدو والتي حقق خلالها المقاتلون الفلسطينيون نتائج ملموسة بقتل 64 جندياً وضابطاً إسرائيلياً ، وهذا يعني أن المواجهة حققت نتائج مادية بما لا يقاس مقارنة مع الصواريخ ، إضافة إلى الأثر السياسي ، فالصواريخ أعطت نتيجة سلبية أن طرفين يقومان بضرب المواقع المدنية لكل منهما ، وأنهما يخوضان معركة متبادلة ، يدفع ثمنها المدنيون من الطرفين ، وهي صورة مشوهة للواقع ولا تعكس حقيقة المشهد المأساوي الذي عانى منه شعب القطاع ، ولا يزال وسيبقى ، بينما صححت المقاومة الميدانية الصورة ، وقدمت ما هو مطلوب وهو أن العدو الإسرائيلي إرتكب مجازر ومذابح ومحرقة ضد الشعب الفلسطيني ومدنييه ، ومؤسساته المدنية ، بينما حقق الفلسطينيون ضربات موجعة للعدو بقتل جنوده والتصدي لمؤسسته العسكرية . 

وهذا يعني ، أنه لا يكفي أن تكون على حق ، بل يجب أن تكون أدواتك وأفعالك مناسبة وقانونية وشرعية لمواجهة العدو المتفوق ، حتى تكسب المزيد من الأصدقاء المتعاطفين والداعمين لك ، وتعزل عدوك وتحرجه أمام قوى الدعم المتوفرة لديه . 

رابعاً : ليست المرة الأولى التي يجتاح فيها العدو الإسرائيلي حدود قطاع غزة ، فقد سبق الجرف الصامد ، عمود السحاب عام 2008 ، والرصاص المصبوب 2012 ، وفي الأولى عام 2008 تم وقف إطلاق النار بدون التوصل إلى إتفاق ، والتوقيع عليه ، بينما في الثانية عام 2012 ، تم التوصل إلى إتفاق والتوقيع على ما يسمى تفاهمات القاهرة ، برعاية حكومة الرئيس السابق محمد مرسي ومستشاره للشؤون الخارجية عصام الحداد . 

لقد إنسحبت قوات الإحتلال ، وتوقف إطلاق النار ، قبل التوصل إلى إتفاق ، وهو خطأ تكتيكي إرتكبته حماس ، برفضها المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار يوم 14/7/2014 ، وقبل الإجتياح الإسرائيلي يوم 17/7/2014 ، وها هي تسعى إلى إتفاق متأخر مع العدو الإسرائيلي بعد أن سحب قواته من حدود قطاع غزة يوم 3/8/2014 ، الأمر الذي يشى بضعف التوصل إلى مكاسب سياسية ، رغم الخسائر الفلسطينية الكبيرة والمدمرة للمدنيين من شعبنا ولممتلكاته . 

الإخفاق من قبل حركتي فتح وحماس ، لا يعني أنهما بلا إنجاز خلال السنوات السبع الماضية ، فقد حققت منظمة التحرير بإدارة حركة فتح إنجازات سياسية في غاية الأهمية ، في قبول فلسطين عضواً عاملاً في الإتحاد البرلماني الدولي ، وفي عضوية اليونسكو ، وكذلك عضو مراقب لدى الجمعية العامة للأمم المتحدة ، ولكن الإنجازات السياسية التراكمية الهامة ، لم تتجسد على الأرض بتراجع الإحتلال أو الإستيطان أو في كبح إندفاع المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي عن مواصلة سياسته الهجومية في إبتلاع فلسطين ، كل فلسطين ، عبر تهويد القدس ، وإستيطان الضفة وتمزيقها ، وأسرلة الغور . 

في معركة الجرف الصامد ، تصدى مقاتلوا الجهاد وحماس وباقي الفصائل ، لجيش الإحتلال وكبدوه خسائر فادحة في قواته من الجنود والضباط ، 64 فرداً ، مقارنة مع معركة 2008 ، خسر الإسرائيليون عشرة جنود ، ومعركة 2012 ، لم يخسروا جندياً واحداً ، وهذا يدلل على مدى صلابة وإيمان وخبرة المقاتل الفلسطيني ، وقدرته على تحقيق الإنجاز في ضرب العدو وتكبيده خسائر في المواجهات والإشتباكات المباشرة ، رغم التفوق العسكري الإسرائيلي البائن . 

ولكن رغم ذلك ، ستكون النتائج السياسية للجرف الصامد ، متواضعة ، بسبب غياب الوحدة مسبقاً ، وشيوع المواقف السياسية غير المتفقة ، وغير المنسجمة ، بين الفصائل ، وتشتت أولوياتها . 
h.faraneh@yahoo.com
شريط الأخبار صدمة لعشاق آبل بعد اكتشاف احتواء ملحق رسمي على مواد مسرطنة وضارة جنسيا تحوطوا جيدا.. مناطق بعمّان والزرقاء لن تصلها المياه الأسبوع القادم لمدة 72 ساعة - أسماء ماذا طلب ولي عهد لوكسمبورغ من السفير البطاينة "الفاو": الأردن حافظ على معدلات تضخم غذائي منخفضة في 2024 هل يُمكن أن تتساقط الثلوج بالأيام الأخيرة من الخريف؟ توضيح مهم من "جمعية البنوك" حول تخفيض الفائدة على القروض في الأردن والآلية المتبعة هجمات المستوطنين بالضفة تضاعفت 3 مرات خلال موسم الزيتون خريطة وقف إطلاق النار في لبنان تثير جدلا واسعا وميقاتي يعلق (صورة) أجواء باردة نسبيا في أغلب المناطق حتى الأحد وفيات الجمعة .. 29 / 11 / 2024 في سابقة قضائية... الحكم بالإعدام على شخصين بتهمة إضرام النار عمدًا في مخزن نتج عنه وفاتان تهديدات بالقتل تتسبب بنشر 1500 ضابط لمباراة كرة السلة بين ألبا برلين ومكابي تل أبيب توقعات بتخفيض أسعار البنزين ورفع الديزل في الأردن الشهر المقبل "حرارة انفجار ذخيرته تقارب حرارة سطح الشمس".. بوتين يشرح آلية عمل "أوريشنيك" هذا ما قاله نتنياهو عن وقف إطلاق النار والحرب في غزة هذا ما كشفه المجالي بشأن عودة رحلات الملكية إلى بيروت تنويه من إدارة السير 49 مليون دينار موازنة "النقل" في 2025 حافلة ريال مدريد تتعرض لحادث مروري بعد الخسارة أمام ليفربول تنقلات واسعة شملت 6 عمداء و23 عقيدًا في الأمن العام... (أسماء)