أخبار البلد - د.مولود رقيبات.
التصريحات التي ادلى بها رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسورمؤخرا لعدد من وزراء حكومته تعقيبا على الاوضاع والاحداث الاخيرة التي تجري في العراق شرقا وانعكاساتها على الاردن في مختلف المناحي الحياتية والاقتصادية والسياسية ومحاولته التقليل من اهمية تبعات الازمة هناك على الاردن بالقول بان" كل شيء في الاردن تحت السيطرة" ، هذه التصريحات تبدو غريبة عند العقلاء من السياسيين والحكماء من العامة بالشعب الاردني اذا ما اخذنا بالاعتبار العمق الاستراتيجي العراقي بالنسبة للاردن واعترفنا بارتباط المملكة حدوديا مع العراق وغياب الجيش العراقي على الطرف الاخر من تلك الحدود مما ينذر بتدفق عشرات وربما مئات الالاف من اللاجئين العراقيين الى الاردن وان يتحول مخيم الرويشد المعد للسوريين الى مخيم لللاجئين العراقين واضطرار الاردن لانشاء المزيد من المخيمات على اراضيه لاستيعاب اللاجئين وهو ما يعني المزيد من التبعات المالية والمائية والخبز والطحين والخدمات اضافة الى المزيد من قوات الامن والدرك وغيرها من اجهزة الامن والجيش لحماية وضبط هذه المخيمات . رئيس هيئة الاركان هو الأخر يطمئن الاردنيين بسلامة حدودنا الشرقية ويؤكد على ضرورة التصدي لاي محاولة اختراق للحدود او الاعتداء الا ان مثل هذه التصريحات رغم ايماننا وثقتنا العالية بقواتنا المسلحة الباسلة لا تعدو كونها تطمينات وابر تخدير للاردنيين في ظل تنامي اعمال العنف في العراق وتضاعف قدرة التنظيمات الاسلامية المتطرفة مثل " داعش " على الاراضي العراقية والسورية وافصاحها العلني عن اقامة دولة اسلامية تضم بالاضافة الى العراق وسوريا الاردن ولبنان وهذا لوحده بنظرنا يكفي للقول بان تصريحات الرئيس عبدالله النسور ما هي الا محاولة ذر الرماد في العيون لاننا ندرك حقيقة وحجم الخطر المحدق بنا في الاردن بعكس دولة الرئيس اذا ما واصلت هذه التنظيمات تحقيق انتصارات على جيش المالكي المتهاوي رغم الدعم والرعاية الامريكية والصفوية الايرانية لهذا النظام الطائفي الهالك . ولنتجاوز هذه النقطة لننتقل الى اخرى تؤكد بما لا يدع مجالا للشك بحتمية الحاق الاذى بالاردن في ظل تمدد الاحداث واتساعها في العراق وذلك اذا اخذنا بالاعتبار قضية النفط وفاتورة المملكة في هذا القطاع الحيوي والذي يعتمد الى حد ما بالمنحة النفطية العراقية ، اذ ستؤثر الاحداث ان لم تكن قد اثرت اليوم على تدفق النفط العراقي للاردن ونحن نرى محاولات هذه التنظيمات السيطرة على حقول النفط العراقية الامر الذي لا يبشر خيرا، والاكراد في الشمال بدأوا من زمان بيع نفطهم خارج حصة الحكومة العراقية ، اضافة الى ان الاحداث بلا شك ستؤثر على اسعار النفط عالميا وهو ما سيترتب عليه زيادة قيمة فاتورة النفط الاردنية التي اقرتها الموازنة العامة في الاردن ، وفي ظل هذا الارتفاع ستلجأ حكومة الدكتور النسور للبحث عن موارد مالية لتغطية الزيادة في الفاتورة النفطية وهو ما سيضطرها الى اللجؤ الى جيوب المواطنين بفرض ضرائب جديدة على المواطن الاردني المثخن بالضرائب والديون ، والحجج واهية وكبيرة مدوية اما الوطن واما الضرائب معتمدة حكومة النسور على الانتماء الوطني وقبول الاردنيين بالتضحية من اجل الوطن وبالتالي نجد انفسنا امام خيار واحد الا وهو الانصياع للدفع وتحمل الجديد من الضرائب ، فهل هذا قليل يا دولة الرئيس لتقول ان كل شيء تحت السيطرة وهل تقصد ان الاردنيين يمكن جرهم حيثما تشاء حكومتكم ؟ والاخطر من كل هذا وذاك يا دولة الرئيس هو الخوف على الاردن الوطن والنظام في ظل تنامي عمليات التهريب اليومية للاسلحة من الجبهة الشمالية مع سوريا وهو ما تؤكده معلومات القيادة العامة وتصريحات وزير الداخلية والهدف بالطبع ليس المتاجرة والتكسب ، لا بل ابعد بكثير من ذلك فالهدف هو تزويد خلايا ارهابية نائمة في الاردن للانقضاض على النظام والوطن بعد ان تطبق هذه التنظيمات قبضتها على العراق شرقا وسوريا شمالا لنجد انفسنا امام مواجهة مسلحة كما في العراق وسوريا وندخل في نفق الفوضى والاضطراب لا نعلم بعدها مصيرنا . المنطقة حولنا ملتهبة وتعيش فوضى مسلحة لم تشهدها من قبل وللاسف فأن الدول الكبرى هم اللاعبون في هذه الفوضى وهاكم هي امريكا التي سارعت بارسال قوات المارينز مجددا الى العراق على الرغم من تصريحات رئيسها اوباما بعدم ارسال قوات برية للعراق ليتبين الكذب الامريكي على حقيقته ونرى حاملات الطائرات وقوات بريطانية تتشارك مع قوات القدس الايرانية في تحالف امريكي بريطاني ايراني جديد للزج بالمنطقة في نار الاقتتال ، والعمل على جر السعودية الى مواجهة عسكرية مع ايران كما تفعل الولايات المتحدة نفسها في اوكرانيا في تنفيذ مؤامرة قذرة ليس فقط على روسيا وانما ضد اوروبا ايضا . فهل يا دولة الرئيس كل هذا لن يؤثر على الاردن ونبقى ندعي بان كل شيء تحت السيطرة؟ ويا ليت دولتك تفصح بالارقام والحقائق عن مخزون المملكة من الحبوب والمواد الغذائية وكم شهرا تكفي آخذا بالاعتبار تدفق ربما الملايين من العراقيين؟ كما اتمنى على دولتكم اظهار الارقام الحقيقية للموازنة والمديونية والمبالغ المرصودة لفاتورة النفط لهذا العام ووفقا لاي سعر لنقف على الحقائق ؟ . لا اخالفك الرأي بان المساحة الجغرافية للاردن ربما اقول ربما تكفي لاستيعاب المزيد من اللاجئين بالرغم من ان الاردنيين يعلقون بالقول ....." اهلا بالاشقاء العرب ولكن لا تؤاخذونا لم يبق اماكن.." بمعنى ان القدرة الاستيعابية فاقت التوقعات والامكانات للاردن ولكن السؤال ماذا اعدت الحكومة لمواجهة كل الاحتمالات السيئة المترتبة على دخول داعش من الشرق والنصرة من الشمال وتحرك الخلايا النائمة في الاردن ؟ وعلى ماذا الاتكال ؟ هذه الاسئلة يطرحها غالبية الاردنيين لرئيس الوزراء الذي يخرج عليهم بتطمينات يمكن وصفها " بطق الحنك" ولا تتعدى الاستهلاك الاعلامي ... لا يمكن لنا انكار دور قواتنا المسلحة في الدفاع عن الوطن ولكن يجب ان لا نغمض العيون عن حقيقة تدهور الاقتصاد الاردني وضعفه وارتباطنا بدول الجوار العربي العراق والسعودية واعتمادنا في العديد من مجالات حياتنا بهذه الدول اضافة الى ضعف الجبهة الداخلية التي من المفترض ان تكون صلبة وقوية لمواجهة التحديات الخارجية.
وفي الختام وفي ظل هذا المشهد الخطير لا يسعني الا ان اؤكد بان الاردن يواجه اخطارا حقيقية وعلينا الافصاح عنها بصراحة ولا نختبىء وراء شعارات وتصريحات لا يمكن القول فيها الا انها تضليل للواقع وطق الحنك مع فائق احترامي دولة الرئيس .