اليوم، تبدأ امتحانات الثانوية العامة "التوجيهي"، حيث يتوجه 126773 طالبا وطالبة إلى قاعات الامتحان في كافة محافظات المملكة، وسط تأكيدات من الحكومة على أنها، ومن خلال وزارتي التربية والتعليم والداخلية، اتخذت الاجراءات المناسبة لضبط عملية إجراء الامتحان، لمنع أو على الأقل الحد من المخالفات والخروقات، وذلك لضمان عدالة الامتحان لجميع الطلبة.
يتسبب امتحان "التوجيهي" دائما في توتير أجواء الأسر والطلبة لأنه امتحان يحدد مصير آلاف الطلبة سنويا. وقد ازدادت حساسية الأجواء وارتفع منسوب القلق والتوتر لدى الأهل والطلبة في ظل العديد من الخروقات التي وقعت مؤخرا، ما دفع الحكومة، ممثلة بالوزارات المعنية والجهات المختصة، إلى اتخاذ تدابير لحماية مجريات الامتحان. وكانت الدورة الشتوية لـ"التوجيهي" شاهدا على حجم التدابير الأمنية التي اتخذت لضبط الامتحان، بالاضافة إلى إجراءات وزارة التربية والتعليم لتنظيم القاعات وعمليات المراقبة واختيار الاسئلة وغيرها.
ومع أن الإجراءات الأخيرة طمأنت الأهالي إلى حد ما حول عدالة الامتحان، حيث حدت إلى درجة كبيرة من عمليات الغش، وخصوصا تلك التي يشترك بها طلبة وأهاليهم وآخرون، إلا أنها زادت من توتر وقلق الأهل. فالتواجد الأمني المكثف، وعمليات الرقابة الشديدة وتّرت الكثيرين، مع أهميتها وضرورتها في هذه المرحلة.
إن مجريات الامتحان، وما وقع في دوراته الماضية، تستدعي إيجاد حلول جذرية لهذا الامتحان بحيث يصبح مقياسا عادلا لقدرات الطلبة من دون رعب وتوتر. وهذا الأمر يتطلب تطوير الامتحان، فاستمراره بهذه الآلية غير مجد، بغض النظر عن الإجراءات التي ستتخذ لضبطه والحفاظ على مجرياته.
وزارة التربية والتعليم أعلنت في دورة "التوجيهي" الماضية، أنها بدأت بتعديل آلية الامتحان، وأنها بصدد تطوير هذه الآلية وتطوير الامتحان بالمجمل. ولم يكن هذا الإعلان هو الأول. إذ إن وزارة التربية أعلنت هذا التوجه في سنوات سابقة، إلا أنها لم تقُمْ بخطوات جدية، وظل امتحان "التوجيهي" على حاله. إن تطوير الامتحان يحتاج إلى قرار جاد من قبل الحكومة. والمماطلة على هذا الصعيد ليست مناسبة، وتضر بعملية التعليم.
إن الجهد الكبير الذي يبذل لضمان سير الامتحان، يوجب التفكير في كيفية الخروج من "مأزق التوجيهي". وهذا الأمر ممكن. فالأردن يملك الخبرات التعليمية القادرة على وضع آلية مناسبة لـ"التوجيهي" تخرجنا من الرعب والقلق اللذين نعيشهما مرتين في السنة الواحدة.