ليس معروفاً ما إذا كان المقصود من تقييم عمليات التخاصية ، الذي أنيط بمجموعة من الخبراء ، هو فحص المعاملات بحثاً عن الفساد والتجاوزات ، أم تقييم نتائج التخاصية من وجهة نظر المالكين والخزينة والمستهلكين والعمال ، وما إذا كانت التخاصية قد أسهمت في النمو أم عطلته.
في الحالة الأولى تصبح اللجنة لجنة تحقيق ، وكان عليها في هذه الحالة أن تستعين بعدد من الحقوقيين ومدققي الحسابات ورجال الشرطة ، أما في الحالة الثانية فعليها أن تجيب على ما إذا كانت التخاصية قد نجحت وأفادت الاقتصاد الأردني أم أنها فشلت وألحقت به ضرراً.
اللجنة خلطت المهمتين معأً وتصرفت كلجنة تحقيق جنائي من جهة ، ولجنة اقتصادية لجرد المنافع والتكاليف من جهة أخرى.
الجمهور الأردني المعبأ ضد التخاصية لم يجد في تقرير اللجنة سوى المخالفات والتجاوزات وغياب الشفافية وما إلى ذلك من العيوب. ولم يعر أهمية كبيرة للنتائج التي أسفرت عنها التخاصية من حيث حجم الاستثمار الإضافي ، وفرص العمل ، وجودة السلعة أو الخدمة ، وسعر المستهلك ، وإيرادات الخزينة... حيث كان التقرير إيجابياً من هذه الناحية بشكل واضح.
ماذا بعد التقرير؟ وما هي التوصيات التي جاء بها وأقتنعت بها الحكومة ووضعتها أو ستضعها موضوع التنفيذ؟.
تقول الحكومة أنها ستستفيد من أخطاء الماضي في سلوكها المستقبلي ، ولكن هذه الاستفادة قد لا تحصل ، لأن برنامج التخاصية استكمل ، وليس هناك مؤسسات أخرى مرشحة للتحول إلى القطاع الخاص.
لم يقل التقرير ، صراحة أو ضمنأً ، أن مسؤولاً ما (استفاد) شخصياً من عمليات التخاصية ، وبالتالي فإن الفساد بمعناه المباشر مستبعد ، وما سمي بالتجاوزات يعود في معظمه للسلطة التقديرية المناطة بصاحب القرار ، على ضوء المعلومات المتوفرة والأوضاع السائدة في حينه.
من المفيد أن نلقي من وقت لآخر نظره إلى الوراء لمراجعة الماضي واستخلاص الدروس منه خدمة للمستقبل ، ولكن لا يجوز أن نعيش طويلاً في الماضي ، وأن نعيد اجتراره وأن نضع عيوننا في مؤخرة رؤوسنا لنرى ما وراءنا لا ما أمامنا.
إلى متى نعيش في الماضي ونجتره ، فقد جاء الوقت لرسم طريق المستقبل والنظر إلى الأمام.