نفضت انتخابات نقابة الصحفيين غبارها وانقشع المشهد، وفاز من فاز، وخسر من خسر، وبعد ثلاث سنوات يكون علينا نحن معشر الصحفيين الذهاب مجددا لصندوق الاقتراع لانتخاب نقيب ومجلس نقابة جديدين.
اليوم، وبعد أيام قليلة على انتهاء "معمعة" انتخابات الصحفيين، وقبل 1080 يوما بالتمام والكمال من انتخاب مجلس جديد، لماذا لا نتوقف قليلا، ونلتفت للمشهد الانتخابي الصحفي الذي رأيناه قبل أيام؟ نتوقف لنسأل أنفسنا قبل أن نسأل مراقبين خارج المشهد، هل يجوز أن تبقى طريقة انتخاب مجلس نقابتنا بذات الطريقة؟ وهل يجوز لنا نحن معشر الصحفيين، ونحن من نقول دوما إننا نؤثر ونصنع الرأي العام، أن نذهب لانتخابات مجلسنا بـ"المونة والتخجيل"، من دون أن يظهر في أفق النقابة برامج انتخابية تتنافس، وقوائم تتعارك فكريا مع قوائم أخرى؟
لم لا نسأل، ألم يحن الوقت لإحداث تغيير جذري في نقابة الصحفيين؟ ألم يحن أوان أن نتوافق لإعلان خطة عمل منذ اليوم، للذهاب ليوم الاقتراع بعد 3 سنوات عبر قوائم انتخابية، لونها ناصع، وأهدافها معلنة، وشخوصها معروفون؟
بصراحة، شعرت بألم يوم الجمعة الماضي، وأنا أرى نوابا ونقباء وساسة يراقبون مشهدنا الانتخابي، من دون أن يكون في أفقنا قوائم معلنة وتوجهات سياسية وفكرية تعبر عن ذاتها، ووجهات نظر تتنافس فيما بينها.
كل ذلك لا يعني انتقاصا من مجلس النقابة الحالي أو المجالس التي سبقته، أو انتقاصا من زملاء خسروا معركة الانتخابات يوم الجمعة، ولكن ما سبق كان توصيفا لواقع اعتدنا عليه عبر سنوات، وأعتقد أن أوان تغييره قد أزف، وربما تأخرنا كثيرا في إطلاق شرارة تغييرنا المنشود.
الهيئة العامة التي اقترعت الجمعة الماضية، وصلت إلى ما يقرب من 800 زميل وزميلة، وربما عندما يحين موعد الاقتراع بعد 3 سنوات ستقارب 1500 زميل وزميلة. وهذا رقم كبير يمكن البناء عليه للذهاب لانتخابات مستقبلية عبر قوائم ورؤى سياسية وفكرية واضحة، فما الذي يمنع أن يتشكل في النقابة تيار ديمقراطي له لونه الواضح وفكره وبرنامجه، وله أيضا مرشحوه، سواء لموقع النقيب أو نائبه أو الأعضاء؟ وما المانع مقابل ذلك أن يبرز تيار إسلامي أو قومي أو وطني أو خلافه من التيارات الفكرية، التي يكون هدفها الرئيس التنافس على خدمة الزملاء أعضاء الهيئة العامة وتطوير العمل النقابي بما يخدم الفكرة ويؤسس لنقابة قوية حاضرة في الرأي العام؟
شخصيا أدعو من هذا المنبر إلى تشكيل تيار ديمقراطي إصلاحي يتشكل من زملاء يؤمنون بالفكرة في الأساس، ويلتقون على برنامج واضح يؤمنون به، ويدافعون عنه، ويسعون لتنفيذه بكل الوسائل المتاحة، وهذا التيار لا ينفي الآخر ولا يعتبر أن العمل الديمقراطي أو الإصلاحي حكر عليه، ولكن لا بد من التأسيس لأفكار تتصارع وليس لشخوص تعتمد على "النخوة والفزعة" لكسب الأصوات.
هذه دعوة أطلقها لكل الزملاء أعضاء الهيئة العامة المؤمنين بفكرة الذهاب لمرحلة انتخابة مختلفة، للتلاقي والعمل معا لتأسيس ذاك التيار على أمل أن يبادر آخرون لتأسيس تيارات أخرى، وأن نذهب بعد 3 سنوات للانتخابات، من خلال تيارات فكرية ومهنية تقدم برامج انتخابية واضحة نحاسبها على ما قدمته لنا لاحقا.
لا شك في أن الصحفيين قادرون على تحقيق القفزة للأمام، ولا شك في أن الذهاب لتجربة انتخابية مختلفة تراود سواد أعضاء الهيئة العامة، الذين ينقلون أخبار الساسة والنقابات والبرلمان، وهذا ما يتوقون لرؤية نقابتهم به، كنقابة أقوى، وأكثر حضورا، نقابة حاضرة في الرأي العام وعلى مستوى العمل السياسي والنقابي، نقابة قادرة على إحداث التغيير الحقيقي والديمقراطي والإصلاحي الذي يدفع البلاد للأمام.