يؤلمك كثيرا ان شعبا ذكيا مثل هذا الشعب،تدار حياته عبر ردود الفعل،والكفاءات فيه تخطط لمن حولنا وحوالينا،فيما نحن هنا،نستغرق دوما في ردود الفعل،بدلا من الاستعداد المسبق لكل ماهو صعب.
في اسرار ملف السفير المختطف نكتشف ان اللجنة المالية في مجلس النواب وافقت واقرت زيادة موازنة وزارة الخارجية مطلع العام الجاري.
احد اسباب الزيادة المالية كان لشراء سيارات مصفحة للسفراء الاردنيين في العواصم المضطربة والمبتلاة امنيا،وهي متعددة من بغداد وصولا الى تونس ومابينهما من دول وعواصم عربية وغير عربية.
لم يتم شراء هذه السيارات المصفحة،حتى هذه اللحظة،والسفير الذي تم اختطافه كان في سيارة عادية،والخاطفون كانت اسلحتهم عادية،ولو كان في سيارة مصفحة لتمكنت سيارته من المقاومة والفرار والنجاة،ولانها غير مصفحة فهي مكشوفة امنيا،وهدف سهل للارهاب وللخطف.
ذات العواصم المضطربة امنيا يتحرك فيها سفراء الاردن في الخارج دون حمايات كافية من الاردنيين،لان الحمايات من جنسيات اخرى يسهل اختراقها وتنظيمها،ولعل البعض يجيبنا على سؤالنا المهم،حول مستوى الحمايات في سفارتنا في ليبيا للسفارة وللسفير،وفي غير ذلك من دول؟!.
ذات السفير فواز العيطان وهو ابن السلك الدبلوماسي وتدرج فيه عبر السنين،كان قد تلقى سابقا نصيحة بالبقاء في عمان في توقيت معين جراء وجود تهديدات ومكث في عمان اكثر من خمسة اسابيع،ثم عاد الى موقعه،وهو معروف بين الليبيين بانفتاحه وطيبته وشعبيته،غير ان الخاطفين بلا دين او مروءة،تجعلهم يتطاولون فقط على بلد عربي آخر.
دون تحميل للمسؤوليات هنا،فان الواجب على مركز القرار اليوم،عدم التراخي في قصة السفراء في الدول المضطربة امنيا،ولابد من تأمين كل هؤلاء بسيارات مصفحة،الا اذا كانت النية معقودة مسبقا على التقاعد برتبة شهيد من سلك الخارجية،ولا بد من شراء هذه السيارات لسفراء الاردن في اليمن والعراق وسورية وتونس وليبيا،وربما مصر بعد قليل،والعداد مفتوح في العالم العربي الذي تحول الى عالم من الاضرحة والقبور.
على سيرة السفير الغائب،رده الله من غربته،الى اهله والينا.
شخصيا اعتقد ان خطف دبلوماسي تونسي،بعد ايام من خطف سفير الاردن دليل واضح على لعبة يتم لعبها داخل الامن الليبي وخطف التونسي ذر للرماد في العيون،للتغطية على خطف السفير الاردني.
ما اسهل توجيه اللوم،غير ان الغاية ليس البحث عن مسؤولين لتحميلهم الكلفة والمسؤولية،لكننا نتحدث عن بلد تطلب خبراته كل دول العالم العربي،فيما ينكشف ظهر سفيره في طرابلس،وهذا امر مؤلم جدا،والمسؤولية في الجريمة على البلد المضيف ومناخاته وصراعاته،فيما لا يعفينا ذلك من مراجعة سجلاتنا لرصد نقاط الضعف والاخفاق،فهذا لا يعيب ابدا.
يبقى السؤال عن اموال سيارات السفراء المصفحة،سؤالا من باب الحث على شراء السيارات،وليس على محمل الاتهام لاحد،لان المال تم تخصيصه،ومتوفر،والقرار لم ينفذ فقط ؟!.