بعد مرور نحو شهر على اختفاء الطائرة الماليزية في رحلتها « ام اتش 370»من كوالالمبور الى بيجين بتاريخ 8 آذار الماضي، لا تزال تحتل مكانة رئيسية في اهتمامات وسائل الاعلام ،وأصبح تفكيك اللغز مشوقا كعمل درامي، سواء من حيث متابعة عمليات البحث وتعقب آثارها،او تحليل لغز فقدانها، فثمة ملايين من البشر مهتمون بمصير الطائرة،ليس فقط على صعيد ذوي ركاب الطائرة «239راكبا « الأكثر تأثرا بالكارثة، بل أن عددا كبيرا ممن يسافرون على متن الطائرات ، يشعرون بالقلق من مثل هذه الحوادث ،وبعضهم مصابون ب»فوبيا الطيران « ، وربما وجدت نفسي ،من بين الأكثر متابعة لمصير الطائرة المنكوبة ،وأتخيل نفسيا أجواء تلك الرحلة ،فقد زرت ماليزيا العام الماضي،وسافرت في رحلتين داخليتن، بين كوالامبور وبينانج وبالعكس، على متن طائرة ماليزية.
يكاد حادث اختفاء الطائرة المنكوبة ،الأكثر غرابة في تاريخ حوادث الطيران منذ عشرات السنين ، والمفارقة أن سوء الحظ رافق شركة الطيران الماليزية،خلال أسبوعين،من اختفاء طائرة «بوينغ 777 «في رحلتها «ام اتش 370»،حيث هاجم سرب من الطيور ، طائرة ماليزية خلال هبوطها في مطار كاتمندو عاصمة نيبال،وهشم الزجاج الامامي دون وقوع اصابات بين الطاقم والركاب البالغ عددهم 180 شخصا، فيما هبطت طائرة أخرى في مطار هونغ كونغ بسبب عطل فني ، وتم نقل ركاب الطائرة وعددهم «271» الى طائرة تابعة لشركة اخرى.
لقد عجز خبراء الطيران في الدول الأكثر تقدما في هذا الحقل ، عن تفكيك لغز اختفاء الطائرة،فهناك عشرات الطائرات والسفن والاقمار الصناعية تعود الى «استراليا والصين وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة وبريطانيا واليابان وماليزيا ونيوزيلندا « تقوم بعمليات البحث،و تمسح الاجواء والبحار وترصد اليابسة منذ شهر،دون الوصول الى نتائج او الوصول الى رأس خيط يقود الى الطائرة، وما تم رصده من مئات الاشياء العائمة على سطح المحيط تبين انه لا علاقة له بالطائرة، فهذه «أصعب علمية في التاريخ «حسب قول رئيس وزراء استراليا توني ابوت ،التي تتولى بلاده تنسيق عمليات البحث.
وقد تعددت التكهنات،في تفسير لغز الاختفاء المفاجيء للطائرة، بعد نحو ساعة من إقلاعها دون إعطاء أي إشارة استغاثة ، وتغيير مسارها بعد إغلاق متعمد لوسائل الاتصال في الطائرة، وذهبت الشكوك الى قائد الطائرة ومساعده،وأجريت تحقيقات في سيرتهما المهنية والشخصية،وبعض التقارير تطرقت الى فرضية، أن «لكابتن» محسوب على المعارضة السياسية ،وبعض التكهنات ذهبت الى أنه «زعلان مع زوجته» ، بسبب علاقة غرامية مع امرأة أخرى !
وكانت فرضية خطف الطائرة حاضرة أيضا ، وربطت صحف اسرائيلية بين اختفاء الطائرة ،وبين ما قيل عن وجود راكبين ايرانيين يحملان جوازات سفر مزورة، وحلق الخيال بعيدا في بعض التكهنات التي افترضت، أن كائنات فضائية ابتلعت الطائرة ،أو ان « كويكبا « سحقها خلال هبوطه باتجاه الكرة الأرضية،لكن «السر « لا يزال في الصندوق الأسود،الذي يجري البحث عنه ،وقد تمر سنوات دون معرفة اللغز!
لكن وسط هذا الضباب الكثيف الذي يحير العلماء، يخطر في البال مشهد المضيفات ،اللواتي يشرحن للركاب قبل اقلاع أي طائرة، كيفية استخدام سترات النجاة في حال سقوط الطائرة في البحر ! وهو اجراء روتيني لا يهتم بمتابعته كثيرون من الركاب ، فعندما تقع كارثة كالتي حدثت لطائرة الماليزية، فان التوتر الذي يصيب الركاب ،لا يعطي فرصة للتفكير باستخدام سترة النجاة ! ولا نملك الى الدعاء للركاب وعائلاتهم.
حوادث الطيران تبدو ضئيلة جدا واستثنائية ،مقارنة مع آلاف الطائرات التي تجوب الأجواء يوميا وتقل ملايين البشر،فعلى سبيل المثال فقد شهد مطار دبي الدولي حركة « 18» مليون راكب خلال 3 أشهر بين « كانون الاول الى شباط الماضيين»و «9ر14»مليون مسافر، عبر مطار هيثرو في لندن لنفس الفترة. فقد أصبح مستحيلا تخيل العالم بدون طيران، لأن الطائرة من أعظم الاختراعات ، التي ربطت العالم بوسيلة نقل قربت المسافات بين القارات بصورة مدهشة، وعمقت العلاقات بين الشعوب على مختلف المستويات ، الانسانية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية !.