.جرت الانتخاباتُ هناك وسَارت دون أن ينجح المتربصون أو مَن تسوّل لهم أنفسُهم إحداث مشاهدَ عنفٍ كان بعضهم يرجّح حدوثها، إذ عملت استعدادات الجامعة الأمنية والتنظيمية على الحدّ من المشكلة وتطويقها أنّى وجدت، وللحق ومن دون مواربة كان بعضُ أعضاء هيئة التدريس والمعنيين موجودين في عين الحدث وأمام صناديق الاقتراع؛ انتشروا بين الطلبة لنزع فتيل أية أزمة سيحدثها طيشُ طائش، فالجامعة وفق تعريفها السيكولوجي مجتمعٌ شبابي محضّ يميلُ للصخب والحركة الدائمة والحيوية، وأيُّ انفلات ما سيسبب انفعالات وردّات فعل عند آخرين تقود للعنف وستتسبب في خروج فكرة العمل الديمقراطي عن سكتها ومؤداها الحقيقي، فقد تعاملت الجامعة مع الأمر بحذرٍ كبير، فكان رئيس الجامعة ونوّابه يجوبون الكليات ويلتقون الطلبة بغية متابعتهم ونصحهم ما أمكن.
وفي الحديث عن النتائج فإن الفائزين مثّّلوا ميولات مختلفة، فقد جاءت النتائج وفق بعض الآراء المطلعة على مشهد انتخابات الأردنية مرضية إلى حد ما، أما عن سؤال الإسلاميين؛ هل اكتسحوا أم لا؟ فهذا سؤال يشبه سؤال من فاز: ريال مدريد أم برشلونة؛ إذ إن الإسلاميين وغيرَهم لا يزالون- في وجهة نظري على الأقل- بعيدين عن فحوى العمل الجامعي وجِدّيته، هذا على مستوى الجامعة لا على مستوى انتخابات البلديات أو النقابات أو غيرها، ولتصحيح ما سبق فإن جوّ التنافس بين الغريمين في الجامعة: التيار الوطني والاتجاه الإسلامي لا يخدم مصلحة الطالب ولا يدفع بالحياة الأكاديمية التي يعيشها الطالب، فكل طرف يرغب في جرّ منصة الفوز له بعيدا عن قضايا الطلبة وبحثهم ومستقبلهم. وإذا كان الطرح سياسيا فهل قدم أيّ طرفٍ من المنافسين برنامجه الانتخابي وفق هدفٍ سياسي يبغي الإصلاح؟. وهل سبّبّ فوز أحد التيارين سابقا قفزة تصحيحية في المسار الأكاديمي والخدمي؟. والغريب هو أن التيارات السياسية في الجامعة تتحالف مع الجهوية و الإقليمية بغية تحقيق نصرٍ، أي نصر مهما كانت الكُلف، فالغاية لديهم تبرر الوسيلة.
لذا آن الأوان لأن تكف الجهات الخارجية أصابعَها، وتوقف دعمها البائن في حملات المرشحين، فبإمكانهم توفير ذلك لدعم الجامعة الأردنية من خلال مبادرة دعم الطالب الفقير فيها، أو دعم صندوق البحث العلمي أو بما يعزز روح الألفة والزمالة بين الطلبة بدلا من توطين الكراهية والتفرقة بينهم.