في بلد قريب من عمان هناك مدينة يشتهر أهلها بقوة الشكيمة وحرية الرأي.. وقد أنجبت الكثير من القادة ورجال العلم والرأي..
وكان هناك طبيب شاب ذكي من أبناء تلك المدينة، يعمل في عيادته يومياً أكثر من ثماني ساعات يستقبل فيها المرضى من كل الفئات، وكان يأخذ كشفية من الأغنياء ويسامح الفقراء، ولا يأخذ منهم شيئاً..
ومع مرور الأيام اكتسب هذا الشخص شعبية وأطلق عليه أهل المدينة لقب-الدغري-..
وعندما ترشح للانتخابات النيابية قال لأهل المدينة إذا أرسلتموني إلى عمان، فسأحاسب رائد واسترد المال الذي سرقه عمرو.. وسأكون عين الشعب التي لا تنام عن حقوق الوطن والمواطن..
وهكذا نجح في الانتخابات - مرة واثنتين وثلاثا- فكان خلالها معارضاً لكل عمل يرى أنه يخالف المصلحة العامة وحقوق المواطن والوطن..
وعندما رأى المسؤولون في البلد أنها بحاجة الى تغيير نوعي في تسليم المراكز التنفيذية الى وجوه جديدة، وقع الاختيار عليه لتسلم المركز التنفيذي الأول..
وانتظر الناس أن يأتي بتشكيلة جديدة من الشخصيات الوطنية والنقابية والمستقلة، المعروفين بالاستقلال والنزاهة والعمل بالقضايا الوطنية..
وكانت المفاجأة الأولى أنه أبقى على التشكيلة السابقة بجميع أعضائها؛ وهم من الموظفين الكبار فقط..
وكان أول قرار اتخذته التشكيلة الجديدة، هو رفع أسعار المحروقات الذي كان من الخطوط الحمراء التي لا تجرؤ حكومة على الاقتراب منه..
ووقعت المظاهرات والاعتصامات والاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد- ولكنه لم يتراجع- وقال للمقربين منه علينا الصمود أسبوعا، وسيعود كل شيء إلى حاله..
فالناس لا يستمرون في التظاهر والاحتجاج أكثر من أسبوع..
وبالفعل هدأت الأمور بعد أقل من أسبوع، واستمر العمل بالزيادة، وكسب الدغري الرهان وأعجب المسؤولون بطريقة عمله؛ فمددوا له وأبقوه في السلطة ما دام يمشي على النهج المتبع والمطلوب؛ وهو بقاء الشعب مغيبا عن صنع القرار والاكتفاء بهيئات تمثيلية موالية خاضعة للاجهزة الأمنية..
واستمر -الدغري- في مركز المسؤولية.. وهو باق فيه إلى ما شاء الله..