خاص لاخبار البلد
ينتمي إلى الجيل الذي بنى الأردن، وكان حقاً من رجالاته.
نائب ووزير ونائب رئيس وزراء وكاد يشكل حكومة.. فضلا عن كونه اقتصاديا بارزاً ودلوماسيا وسياسيا.
وعلى الرغم من تصرم أزيد من عقدين على غيابه، بيد ان” في الليلة الظلماء يفتقد البدر".
ولد عبد الوهاب المجالي عام 1924 في الكرك " زينة الصبوح التي عيت طلابها"، في تلك الانحاء التي يعصف الغبار والشجن والإباء في ارجائها.
طفولته في الياروت لاتكاد تختلف عن طفولة مجايليه، فقد عرف شظف العيش وسار على قدميه الى المدرسة.
و عضو في اسرة ضمت 14 ولداً، من أب عمل جابياً وأم عمانية من أصول شامية. هذه الاسرة صار له شأن في تاريخ الاردن.
درس رحمه الهف اولاً في الكتاب، ثم التحق بمدرسة التجهيز بالكرك، ويذكر شقيقه الدكتور عبد السلام المجالي ان والدهما طلب من مدير مدرسة الكرك "ترسيب" عبد الوهاب ، الذي كان الناجح الوحيد في الصف الرابع الابتدائي ، ليكون إلى جانب شقيقه في المدرسة .
بعد ان انهى " ابو عامر الصف الثامن انتقل الى مدرسة السلط الثانوية، وكان من اساتذته وصفي التل وخليل السالم .
محطته التالية كانت دمشق التي انتسب لدراسة الحقوق في جامعتها، في وقت كانت البلاد فيه تغلي، ضد الاحتلال الفرنسي ومقدمات ما كان سيجري في فلسطين، وتموج بالاحزاب والافكار، فتشرب السياسة ووعى الاخطار المحدقة بالامة العربية. وتصادف ان تخرج في العام الذي وضعت فيه الحرب العالمية الثانية اوزارها.
عالم جديد بعد الحرب يتشكل، والكركي الطموح يشد الرجال عائدا الى مدينته التي افتتح فيها مكتبا للمحاماة، بقي ممارسا للمهنة فيه زهاء عام فقط. فطموح السياسي كان أبعد من أن تلبيه الكرك.
سافر الى عمان والتحق بوزارة الخارجية، وسرعان ما عين سكرتيرا للسفارة الاردنية في القدس عام 1947 ، تلك المدينة المقدسة التي ظل لها في قلبه كل الامكنة.
راقب ايامها عن كثب الجرائم الصهيوينة التي كانت تتم بتواطوء من قبل الاحتلال البريطاني، وبذل الكثير وحذر مما قد يلي.
داهمت النكبة ابو عامر، فحمل ما قدر عليه متعجلاً، وغادر مكتبه مع اللاجئين الى عمان، وفي القلب غصة وفي الحلق مرارة وفي المدى الحزن الذين يهيمن على الدنيا والافئدة.
لم يطل الاقامة في الوطن، فقد الحق بالسفارة الاردنية في بغداد، حاضرة العالم العربي، في أوجها وسنام عنفوانها.
وحين ودع بغداد، بعد اعوام كان يعدها من اجمل فترات حياته، ربما تذكر بيت شعر الشريف الرضي: "ولما اختفت الطلول تلفت القلب".
عاد الى عمان التي كان فؤاده يهوي اليها مثلما تنهمر النسائم من كركها وعجلونها، وحال وصوله اليها التحق بالعمل في في وزارة الاقتصاد الوطني.
زيارته للولايات المتحدة كانت من المحطات المهمة في حياته، ودرس هناك طرق انعاش التجارة والتصنيع في توليدو.
السياسي المهموم بهموم امته انتمى الى حركة القوميين العرب منذ تأسيسها عام 1953 ، لكنه لم يلبث ان تركها، وظل في صميمه قومياً.
شغل عدة مناصب في سنوات الخمسينيات منها مدير عام الجوازات .
عام 1962 جاء عبد الوهاب المجالي وزيرا في للاقتصاد الوطني في حكومة وصفي التل الاولى، وكان يشغل موقع امينها العام، ثم وزيرا للتربية والتعليم في حكومة التل الثانية .
وفي نفس العام خاض عبد الوهاب المجالي الانتخابات البرلمانية وفاز بمقعد عن محافظة الكرك ، واستمر عضوا في مجلس النواب عضوا في البرلمان حوالي ربع قرن .
توالت الحقائب الوزارية التي شغلها في ثمان حكومات، منها الاقتصاد والنقل والتربية والدفاع وشؤون رئاسة الوزراء ونائبا للرئيس زيد الرفاعي في حكومته الاخيرة المشكلة عام 1985.
يذكر له انه حين ترأس في العام 1966 الوفد الاردني لاعادة ترسيم الحدود مع السعودية ، نجح في اقناع الجانب السعودي بنقل حدودهم جنوبا ، الامر الذي جعل شاطئ العقبة يتسع الى 16 كيلومترا .
كلفه المغفور له الملك الراحل الحسين بتشكيل الحكومة 1970، بيد ان تطورات الموقف الداخلي قبيل احداث ايلول، ادت الى عدم حصول ابوعامر على لقب "دولة". فاسند الملك الراحل تشكيل الحكومة الى عبد المنعم الرفاعي، وجاء المجالي وزيرا للدفاع فيها.
الغائب الذي اقترن اسمه اكثر من مرة مديرا ' لشركة الفوسفات " في بدايات تأسيسها ، كان له الباع الاساس الذي يذكره قدماء العاملين بها، في النهوض بها وتسويقها حتى غدا إنتاج الفوسفات الأردني يحتل المرتبة الأولى بين الدول العربية والعالمية الرائدة في هذا المجال , وهو المنصب الذي حل اخيراً ابنه "عامر" به.. معيدا الوهج الى الشركة من جديد.
اختير عضوا في المجلس الوطني الاستشاري الذي تشكل عام 1978 لثلاث دورات ، وصار عضوا في مجلس ادارة البنك المركزي عام 1982 ، كما اختير عضوا في مجلس امناء الجامعة الاردنية.
امتازت حياته، رحمه الله، بالغنى والطموح والسعي الحثيث لتحقيق مصلحة الوطن، فقد تقلب في عشرات المناصب التي يصعب تعدادها، واعطى فوق طاقته، لدرجة ان اولاده لا يذكرون وقتاً الا وكان فيه على اهبة الاستعداد لتلبية الواجب.
عد ابو عامر ضميرا وطنياً، كثيرا ما لجأ اليه سياسيون واعلاميون واصحاب حاجات، وما كان يقفل بابه ابداً في وجه اي كان، بل يستقبل زواره بالبشر والترحيب، حتى لو كان التعب نال منه والارهاق.
انتقل رحمه الله الى الى جوار ربه يوم 11 تموز من العام 1991 ودفن في الياروت، وكشفت وفاته فيما كشفت عنه، اعمال الخير التي كان ينفحها لاناس، دون ان تعرف يسراه بما انفقته يمناه.
واليوم.. ايها المار بقبر عبد الوهاب المجالي، خفف الوطأ وقلّب الفكر في احوال البلد، ، عندها لا شك ستقول: ما احوجنا الى رجال من وزنه.
نائب ووزير ونائب رئيس وزراء وكاد يشكل حكومة.. فضلا عن كونه اقتصاديا بارزاً ودلوماسيا وسياسيا.
وعلى الرغم من تصرم أزيد من عقدين على غيابه، بيد ان” في الليلة الظلماء يفتقد البدر".
ولد عبد الوهاب المجالي عام 1924 في الكرك " زينة الصبوح التي عيت طلابها"، في تلك الانحاء التي يعصف الغبار والشجن والإباء في ارجائها.
طفولته في الياروت لاتكاد تختلف عن طفولة مجايليه، فقد عرف شظف العيش وسار على قدميه الى المدرسة.
و عضو في اسرة ضمت 14 ولداً، من أب عمل جابياً وأم عمانية من أصول شامية. هذه الاسرة صار له شأن في تاريخ الاردن.
درس رحمه الهف اولاً في الكتاب، ثم التحق بمدرسة التجهيز بالكرك، ويذكر شقيقه الدكتور عبد السلام المجالي ان والدهما طلب من مدير مدرسة الكرك "ترسيب" عبد الوهاب ، الذي كان الناجح الوحيد في الصف الرابع الابتدائي ، ليكون إلى جانب شقيقه في المدرسة .
بعد ان انهى " ابو عامر الصف الثامن انتقل الى مدرسة السلط الثانوية، وكان من اساتذته وصفي التل وخليل السالم .
محطته التالية كانت دمشق التي انتسب لدراسة الحقوق في جامعتها، في وقت كانت البلاد فيه تغلي، ضد الاحتلال الفرنسي ومقدمات ما كان سيجري في فلسطين، وتموج بالاحزاب والافكار، فتشرب السياسة ووعى الاخطار المحدقة بالامة العربية. وتصادف ان تخرج في العام الذي وضعت فيه الحرب العالمية الثانية اوزارها.
عالم جديد بعد الحرب يتشكل، والكركي الطموح يشد الرجال عائدا الى مدينته التي افتتح فيها مكتبا للمحاماة، بقي ممارسا للمهنة فيه زهاء عام فقط. فطموح السياسي كان أبعد من أن تلبيه الكرك.
سافر الى عمان والتحق بوزارة الخارجية، وسرعان ما عين سكرتيرا للسفارة الاردنية في القدس عام 1947 ، تلك المدينة المقدسة التي ظل لها في قلبه كل الامكنة.
راقب ايامها عن كثب الجرائم الصهيوينة التي كانت تتم بتواطوء من قبل الاحتلال البريطاني، وبذل الكثير وحذر مما قد يلي.
داهمت النكبة ابو عامر، فحمل ما قدر عليه متعجلاً، وغادر مكتبه مع اللاجئين الى عمان، وفي القلب غصة وفي الحلق مرارة وفي المدى الحزن الذين يهيمن على الدنيا والافئدة.
لم يطل الاقامة في الوطن، فقد الحق بالسفارة الاردنية في بغداد، حاضرة العالم العربي، في أوجها وسنام عنفوانها.
وحين ودع بغداد، بعد اعوام كان يعدها من اجمل فترات حياته، ربما تذكر بيت شعر الشريف الرضي: "ولما اختفت الطلول تلفت القلب".
عاد الى عمان التي كان فؤاده يهوي اليها مثلما تنهمر النسائم من كركها وعجلونها، وحال وصوله اليها التحق بالعمل في في وزارة الاقتصاد الوطني.
زيارته للولايات المتحدة كانت من المحطات المهمة في حياته، ودرس هناك طرق انعاش التجارة والتصنيع في توليدو.
السياسي المهموم بهموم امته انتمى الى حركة القوميين العرب منذ تأسيسها عام 1953 ، لكنه لم يلبث ان تركها، وظل في صميمه قومياً.
شغل عدة مناصب في سنوات الخمسينيات منها مدير عام الجوازات .
عام 1962 جاء عبد الوهاب المجالي وزيرا في للاقتصاد الوطني في حكومة وصفي التل الاولى، وكان يشغل موقع امينها العام، ثم وزيرا للتربية والتعليم في حكومة التل الثانية .
وفي نفس العام خاض عبد الوهاب المجالي الانتخابات البرلمانية وفاز بمقعد عن محافظة الكرك ، واستمر عضوا في مجلس النواب عضوا في البرلمان حوالي ربع قرن .
توالت الحقائب الوزارية التي شغلها في ثمان حكومات، منها الاقتصاد والنقل والتربية والدفاع وشؤون رئاسة الوزراء ونائبا للرئيس زيد الرفاعي في حكومته الاخيرة المشكلة عام 1985.
يذكر له انه حين ترأس في العام 1966 الوفد الاردني لاعادة ترسيم الحدود مع السعودية ، نجح في اقناع الجانب السعودي بنقل حدودهم جنوبا ، الامر الذي جعل شاطئ العقبة يتسع الى 16 كيلومترا .
كلفه المغفور له الملك الراحل الحسين بتشكيل الحكومة 1970، بيد ان تطورات الموقف الداخلي قبيل احداث ايلول، ادت الى عدم حصول ابوعامر على لقب "دولة". فاسند الملك الراحل تشكيل الحكومة الى عبد المنعم الرفاعي، وجاء المجالي وزيرا للدفاع فيها.
الغائب الذي اقترن اسمه اكثر من مرة مديرا ' لشركة الفوسفات " في بدايات تأسيسها ، كان له الباع الاساس الذي يذكره قدماء العاملين بها، في النهوض بها وتسويقها حتى غدا إنتاج الفوسفات الأردني يحتل المرتبة الأولى بين الدول العربية والعالمية الرائدة في هذا المجال , وهو المنصب الذي حل اخيراً ابنه "عامر" به.. معيدا الوهج الى الشركة من جديد.
اختير عضوا في المجلس الوطني الاستشاري الذي تشكل عام 1978 لثلاث دورات ، وصار عضوا في مجلس ادارة البنك المركزي عام 1982 ، كما اختير عضوا في مجلس امناء الجامعة الاردنية.
امتازت حياته، رحمه الله، بالغنى والطموح والسعي الحثيث لتحقيق مصلحة الوطن، فقد تقلب في عشرات المناصب التي يصعب تعدادها، واعطى فوق طاقته، لدرجة ان اولاده لا يذكرون وقتاً الا وكان فيه على اهبة الاستعداد لتلبية الواجب.
عد ابو عامر ضميرا وطنياً، كثيرا ما لجأ اليه سياسيون واعلاميون واصحاب حاجات، وما كان يقفل بابه ابداً في وجه اي كان، بل يستقبل زواره بالبشر والترحيب، حتى لو كان التعب نال منه والارهاق.
انتقل رحمه الله الى الى جوار ربه يوم 11 تموز من العام 1991 ودفن في الياروت، وكشفت وفاته فيما كشفت عنه، اعمال الخير التي كان ينفحها لاناس، دون ان تعرف يسراه بما انفقته يمناه.
واليوم.. ايها المار بقبر عبد الوهاب المجالي، خفف الوطأ وقلّب الفكر في احوال البلد، ، عندها لا شك ستقول: ما احوجنا الى رجال من وزنه.
خالد ابو الخير