أخبار البلد - المبادرة التي أطلقها السياسي المحنك دولة العين عبدالرؤوف الروابدة حول تشكيل حكومة إنقاذ وطني برئاسة دولة الأستاذ طاهر المصري رئيس مجلس الأعيان ، وإبدائه الموافقة على المشاركة كوزير جزء من تشكيلتها ،هي مبادرة سياسية نوعية ، وفكرة خلاقة ومتوازنة وعقلانية ، وذات أهمية سياسية مطلقة ، تعتبر رائدة من حيث نوعيتها في الأردن وتستحق الدراسة والتحليل ، وأما في دول أخرى فهي قاعدة سارية وعرف جار لا خلاف عليه وقد حصلت في دولة الكيان الغاصب !
صحيح أن المبادرة ليست مكسبا شخصيا لدولة أبي عصام ، من حيث انه يتنازل عن كونه رئيسا للوزراء لينضوي تحت راية رئيس آخر ، فهو أمر مرفوض عند الكثير من السياسيين، لكنها فكرة خلاقة تنم عن وعي وتقدير للظروف الحرجة التي يمر بها الوطن ، وتحتاج من الجميع التضحية من اجل وقف ظاهرة المد الثوري الاحتجاجي الناعمة ،التي أصابت عالمنا الإسلامي على حين بغتة ومفاجاه وغياب من كل الأجهزة يتعذر دراستها واحتوائها لطالما أننا نعيش في عصر الانفلونزات القاتلة ونحن نرى مشهد أنفلونزا الثورات الناعمة..
وليس الأهم في المبادرة اسم دولة أبي نشأة المطروح كاسم ، وإنما لنظافة شخصية أبي نشأت وعدم تورطه في تزوير أو فساد وطبيعة الرجل كرجل مقبول من كل أطياف الشعب الأردني بتركيبة وخليطه ،وكما قلت الوقوف عند الاسم ليس من الأهمية في شيء ، بقدر أهمية المواصفات والتي تتوفر في أكثر من شخص في الأردن ومنهم الباشا احمد عبيدات ، الذي تتوافق عليه العديد من الأطياف السياسية الموالية والمعارضة على حد سواء ، ثم روح المبادرة أيضا الأهم لان المرحلة تحتاج من الجميع إلى التضحية من اجل الوطن ، والفوضى ليست في مصلحة احد أيضا ، وأتمنى – وهي من باب الأمنيات – أن يبادر عدد آخر من السياسيين بغض النظر عن مواقعهم التي شغلوها ، لنعمل بروح الفريق الواحد ، كخطوة مبدئية لإنضاج حكومة إنقاذ وطني تشارك فيها كل أطياف القزح السياسي، ، وتعد قانون انتخاب عصري وتجري الانتخابات ، كمقدمة لتشكيل حكومة برلمانية منتخبة ، فتهدئ موجة غليان الشارع ، وتنقذ الوطن من مغبة الانحراف نحو الهاوية – لا قدر الله -..
الدكتور معروف البخيت رجل صاحب حس وطني عال ، وقادر على تحمل المسؤولية ، كما وان قبوله التكليف الملكي ، في هذه الظروف الصعبة ، ليست سهلة ، وهي تضحية بحد ذاتها كبيرة ، ومغامرة جريئة ، لا يقبلها إلا وطني منتم ،لأنها قد تطيحه عاصفة الإعصار مهما بلغ من حصافة ،. واعتقد أن من كان قادرا على المغامرة بقبول التكليف قادر على المساهمة في تقديم الاستقالة والتضحية من اجل الوطن- أن دعت الضرورة - ونحن كلنا جنود إذا هبت المحن ليبقى الوطن ، والأردنيون كما كانوا وما بدلوا ، رجال قابضون على جمر الوطن من شتى أطيافهم ، لم تهزهم ظروف أحلك ، لكننا اليوم – والحق أقول - أمام مفترق ومحنة ! ونؤمن كما آمنا برسالة الهاشميين ، وان لا أردن إلا بالمسيرة الهاشمية ، التي ضحت وحملتنا على اكفها كل السنين، لكننا في المقابل يجب أن نمشي مع موجة مسيرة الإصلاح لئلا نتيح الفرصة لفاجر اومتهور أو مأجور أو حاقد ليثقب سفينتنا فنغرق جميعا .
اشهد بان البخيت نجح في استقطاب بعض الرموز المهمة إلى حكومته ، كالمحامي حسين مجلي وبتصريحاته التي فهمها السياسي البارع الدكتور عبدا لله النسور كتناقض وتنافر حكومي ، وقيمناها نحن كعلامة فارقة في أداء الحكومة ، وفهمها الشارع كرد ناجح وايجابي وكقوة ولا ضعف ، على حكومة دولة الكيان العنصري، التي لا تستحق إلا هكذا تصريحات ، وهي التي تدعي توجهها للسلام بينما تهدم بيوت العزل وتبني فوقها المستوطنات ، وتمارس الترحيل ، ويجاهر أركانها بالعدوان والنقض والنكث ، والعودة ليس إلى صفر التفاوض فقط بل صفر الحرب .
اجتهد البخيت ونجح من جهة ! لكنه – في تقييمي الشخصي – وقد أكون مخطئا – اخفق في اتجاهات قد تجعل مسيرته صعبة في مواجهة الشارع والقوى التي تعلن المعارضة وثقة النواب !ولذا نعود مدفوعين إلى
الروابدة ومبادرته فهي تستحق الدراسة وتعد مخرج مناسب من العقدة لان " كل عقدة والها حلال " كما وان حكومة الأقطاب التي يدعو إليها الروابدة كثيرا ما تلجا إليها الدول أل!تي تعاني من مشكلات حادة ما يتطلب من السياسيين التضحية من اجل الوطن والتسابق إلى مثل هذه الحكومات لإنقاذه ...نعم جاءت الفكرة متأخرة لكن أن تأتي متأخرا خير من أن لا تأتي مطلقا ! atef_atmeh@yahoo.com