إهداء إلى دولة رئيس مشاعري وأحاسيسي أبي الحبيب.
علمني أبي الحبيب أن أعشق تراب وطني الطهور و أحب أوطاني كما أحب أبنائي وأن أعبر عن ألمي وحزني بعقلانية وحوار وأن لا أنفعل وأن أرد على الإهانة بابتسامة رائعة. فكان هذا الخطأ الأول.
علمني أبي أن أحترم وأستمع للكبير مهما قال فبداخل حديثة عبرة من الممكن أن أدرك فحواها عندما أكبر وأن لا أقاطعه حتى يسمح لي بالكلام وأن أحافظ على لغتي العربية وأن أتكلم بها أينما كان وأن أفتخر بأصلي وبديني فقط وأن أبعد عن الطائفية والإقليمية فكان هذا الخطأ الثاني.
علمني أبي أن لا أسرق وأن أعتمد على ذاتي وأن أبقى عزيز النفس مهما شاهدت من أموال ومن جواهر وأن أكون عفيف النفس مهما كانت ظروفي المادية صعبة فكان هذا الخطأ الثالث.
علمني أبي أن أقول كلمة الحمد لله على كل شيء مهما وصل بي الجوع والقهر وأن أشبع ناظري بطعامي وأن لا أنظر بطبق غيري وأن آكل مما يليني فكان هذا الخطأ الرابع.
علمني أبي كيف أكون صديق الجميع ومحب للكبير والصغير وأن أنصر جاري وأخي بكل ما أملك من قوة ومن شهامة وأن لا أتوانى عن مساعدة أحد فكان هذا الخطأ الخامس.
علمني أبي كيف أحب أمي و أبنائي وزوجتي وأخواني وأصدقائي وأني بدونهم لن أكون أب ولا إنسان وأن أعلمهم مخافة الخالق وما معنى الحلال والحرام فكان هذا الخطأ السادس.
علمني أبي كيف أكون قنوع بكل شيء وكيف أكون رجلاً بهذه المواقف وبأن أضع نصب عيناي مخافة الله بكل شيء أملكه وبأن المقادير والأرزاق والمناصب والموت والحياة بيد الخالق وحده ونحن البشر لا حول لنا ولا قوة بهذه المقادير وأن لا أخاف من أحد ومن قول الحق بكل الأزمان وأن لا أجامل كذباً و أن لا أكون منافقاً ولا مرائياً وكان هذا الخطأ السابع.
علمني أبي أن أحافظ على البيئة وعلى الكائنات وأن أحترم الشجر وأن أسبح الخالق حينما يهطل المطر لادعوا الخالق بأن يعطينا المزيد وأن يجعله ينهمر على الجبال والأودية وأن تكون أمطار خير وأن ينعم الإنسان بماء عذب وفير وأن لا أكون مفرط باستخدام المياه وأن أتذكر جاري صاحب العائلة الكبيرة التي يعيلها،،، وأن أخاف الله بعدم هدر المياه وكان هذا الخطأ الثامن.
علمني أبي كيف أحنوا على الضعيف وعلى الكفيف وعلى الأبكم والأصم وعلى الأقل حظاً بهذه الدنيا وأن أضع نفسي مكانه وأن أمسك بيده للدفة الأخرى وأن لا أستضعف أحداً وأن لا أقلل من قيمة أحد وأن لا أبيع ضميري بأي ثمن وكان هذا الخطأ التاسع.
أما الخطأ العاشر والذي لا حيله فيه هو،،،علمني أبي الحبيب أن أكون رجلاً بكل المواقف وأن لا يرى أياً كان دمعتي مهما كانت الأيام قاسية علي وأن أبدي ابتسامتي بكل الظروف لأن الابتسامة هي السفير الخفي لكل الحلول،،،وأن الفشل هو بداية النجاح،،،وأما الحزن الشديد فأنه يقسم ظهر الرجال والبعد عن الدّين فهو همٌ بالليل وذلٌ بالنهار أوابعد عن النميمة فهي ليست من طبع الرجال،،، لا يهم من قال عنك كذا وكذا فدوام الحال من المحال،،،،سامحك الله يا أبي.
أبي الحبيب يعيش لغاية هذا اليوم على راتبه التقاعدي منذ أكثر من خمسة وثلاثون عاماً لا أحد يريد من والدي قرشاً واحداً بل على العكس،،، كيف،،، لا أحد يعرف فالبركة موجودة بكل قرش لم يمدد يده على قرش حرام ليومنا هذا منظم لا يتهاون بأبسط الأمور مثال للرتابة والرصانة وهو بعمر السابعة والسبعون أطال الله بعمره ويكفيني فخراً بأنه أبي ورئيس دولة مشاعري وأحاسيسي أطال الله بعمرك يا أبي.
من أجمل ما قال لي أبي،،،إن الرجال كالمعادن منها الذهب ومنها النحاس ومنها القاسي ومنها اللين ومنها النفيس ومنها الرخيص وعندما تختار رفيق،،، أحسن الاختيار في انتقاء من يخاف الله والحليم والحكيم ورافق السبع لو أكلك ورافق الرجل صاحب الخلق الطيب والذي يؤنبك ليس الذي يضحكك ورافق الرجل صاحب الرؤية الثاقبة وأبعد عن الدجالين والمنافقين والمهزوزين والحسودين وأصحاب الذمم الواسعة وأصحاب الضمائر المحنطة،،،كن كما أنت ولا تغير منك شيئا إلا للأفضل لا تشارك فاشل ولا كذّاب وكن واقعياً قدر الإمكان واجعل من الحلم حقيقة على أن تكون الحقائق ايجابية وإياك والطمع فهو يطفئ العيون وإياك والخيانة وإياك والزنا فهو يقطع الأرزاق ويذهب البركة بالعمر وإياك والمعاصي،،،لا تنام إلا وأنت مؤمن وأغمض عيناك وكأنك تغمضهما لآخر مرة.
علمني أبي بصراحة،،،،، كيف أكون إنسان،،،
هل أكرر أخطاء أبي مع أبنائي ،،،،،،، يا ترى،،، أم ماذا.
هاشم برجاق
11-2-2011
الموقع الرئيسي للكاتب