أخبار البلد - خاص - خالد أبو الخير
سَيْر البنوك مثل سيْر الأحلام الكبيرة، أحياناً تزدهر، وأخرى تكبو وتأفل.
ومثلما الأحلام اذا اتسعت لكل الناس، تصير رؤيا وتكتسب معنى، واذا ضاقت تغدو أضغاثاً أو دكاكين لتجارة المصاري والصداع.
في الأردن عشرات البنوك العاملة، ذات مبان ضخمة مزدهرة، وإن كان بعض تلك المباني يخلو من ذوق ولمسة إبداع.. ومنها ما يبعث الصقيع في الأوصال، كأن الثلج الذي تراكم على أعتابها وأسطحها ونوافذها عشعش في مفاصلها ومعاملاتها، لا تشفع لها جوائز تمنحها ولا تعاويذ تتدثر بها.
حين تدلف الى أي فرع للبنك الأردني الكويتي سرعان ما تلمس الفرق، من أول ابتسامة ونظرة ودٍّ يعتريك الدفء وتيقن أنك وصلت.. ألسنا جميعا نبحث عن وصول؟.
تكمن أهمية البنك الذي أسس العام 1976، كاستثمار مشترك بين مستثمرين أردنيين وكويتيين وعرب، في كونه يحمل رسالة خدمة العملاء، وتذليل أية عقبات تعترضهم، فهو ـ لا مراء ـ من أكثر البنوك سرعةً في إنجاز المعاملات، بعيداً عن الروتين المقيت وتمارين إضاعة الوقت واستعراض التعليمات التي ترهق الزبائن وتنفّرهم.
بداية البنك يمكن أن توصف بأنها متواضعة برأسمال قدره 5 ملايين دينار عند التأسيس، لكن البدايات المتواضعة تكون غالباً الأنجح في أحوال كثيرة، ، واليوم.. يعدُّ البنك الأردني الكويتي واحداً من المشاريع القليلة التي تم إنشاؤها بمساهمات عربية مشتركة وحصدت النجاح.
رأس المال لم يلبث أن رُفع مع نهاية العام 1994إلى 10 ملايين دينار و 20 مليون دينار خلال العام 1997، و 25 مليون دينار العام 2001 و31.250 مليون دينار العام 2004 و40 مليون دينار العام 2005 و75 مليون دينار العام 2006 والى 100 مليون دينار العام 2007 على التوالي.
وللبنك الآن ما ينوف على الخمسين فرعا ومكتباً إضافة الى فرعين في فلسطين يرتبطان آلياً ومباشرة بمركز الكمبيوتر الرئيسي بالإدارة العامة وفرع في قبرص ما يمكن عملاء البنك من إنجاز كافة معاملاتهم المصرفية بسرعة وكفاءة وبمستويات الجودة العالية نفسها التي يتمتع بها عملاء البنك داخل الأردن.
قصة نجاح البنك، أي بنك، لا ترتبط برأسماله فحسب، وإنما أيضاً بتوفر قيادة حكيمة تقود سفينته، ومواكبته للمتغيرات، وبنائه للثقة مع الجمهور، على مرّ السنين والأيام.
لا غرو بأن ترؤس رئيس الوزراء الأسبق عبد الكريم الكباريتي لمجلس الإدارة ابتداء من العام 1997، شكل قفزةً مهمة للبنك، الذي عُرف على أيامه تقدما سريعا ومستمراً.. وكيف لا و"أبو عون" بذكائه وديناميكيته بث في العمل المصرفي روحا جديدة وفتح آفاقاً لا تجارى ورسخ ثقة تتصف بالديمومة والإحساس بالأمان، فصار حقاً "أكثر من بنك".
الرجل الذي خسرناه سياسياً مبرزاً ورجل دولة من طراز رفيع، كسبناه اقتصادياً ورجل رؤى، يقود سفينة بنكه بمهارة ربان ماهر، بل بحار البحارين.
لكن النجاح الذي حازه لا ينسيه أن يتفقد المياه في كل حين، ويطلق تحذيراته لبلد معني بكل تفاصيله، ولا ينام عن شوارده.. وكيف ينام؟.
أهم ما بقي أن البنك الأردني الكويتي غير منفصل عن مجتمعه، لكنه في كل أحواله، وأياديه في كل مكان.
في الثلج، مررت قرب مبناه الرئيسي في العبدلي، فحلقت طيور ، قلت في نفسي: وهل إلى غير هذا البنك يلتجيء يمام؟.
..المسافة بين الكويت وعمان على بعد الشقة، ليست إلا مدى متخيل، اختصر في بنك.
• ينشر بالتزامن مع صحيفة المدار