بالرغم من قانون إعادة هيكلة المؤسسات العامة قد حظي بالكثير من الرضا والدعم من جهات واسعة في الدولة والمجتمع بهدف تخفيض النفقات العامة، فإن بندا واحدا في هذا القانون يعتبر غير مفهوم في الأبعاد الإدارية والفنية وهو قرار إلغاء سلطة المصادر الطبيعية وتحويلها إلى مديرية صغيرة في وزارة الطاقة.
بعد موافقة مجلس النواب العجيبة على قرار إلغاء السلطة، تحلى مجلس الأعيان بالحكمة المطلوبة في الإبقاء على السلطة ولكن القانون سيعود الآن إلى مجلس النواب وربما يناقش في جلسة مشتركة حيث يجب عمل خطة متكاملة من كافة المؤسسات والجهات التي تؤمن بضرورة الإبقاء على السلطة للضغط على النواب وإقناعهم بعدم جدوى حل السلطة. لا يوجد اي نوع من التشابه بين عمل السلطة وبقية الهيئات الخاضعة لخطة إعادة الهيكلة واشك بأن السادة النواب أنفسهم يعرفون طبيعة عمل السلطة، وربما تكون السلطة قد قللت من خطورة الموضوع ولم تقم بتوعية النواب في الاسابيع الماضية بطبيعة عملها قبل وصول الموضوع إلى المناقشة.
السلطة مؤسسة ترفد الخزينة أكثر مما تأخذ منها، ومن المفترض في كل دولة أن تكون هنالك سلطة قادرة على إدارة كيفية تقييم واستكشاف والتنقيب عن الموارد المعدنية الطبيعية وإلا اصبح ذلك الأمر فضفاضا وربما مناطا بالشركات الاستثمارية أو الشركات المستجدة المتخصصة ببعض القطاعات مثل اليورانيوم وغيرها والخارجة عن نطاق المساءلة العامة. توزيع صلاحيات السلطة لوزارة الطاقة والثروة المعدنية سيضع المزيد من المسؤوليات على كاهل الوزارة المثقلة بها أصلا وربما يجعل موضوع المصادر الطبيعية ينزلق في سلم الأولويات في العمل. تجربة الطاقة المتجددة في وزارة الطاقة على سبيل المثال ليست مشجعة إذ أن هذا الملف المهم جدا يناط بعدد لا يتجاوز 3 موظفين في الوزارة غير قادرين بالرغم من كل جهودهم على متابعة ملفات فنية واستثمارية في غاية الأهمية.
سلطة المصادر الطبيعية مؤسسة عريقة راكمت سنويات طويلة من الخبرة وقامت باستثمار الملايين في خبرات موظفيها وتساهم في سياق التنمية بشكل مستمر ولا يمكن أن تصل الأمور بدولة في بداية القرن الحادي والعشرين باتخاذ قرار بإلغاء مثل هذه المؤسسة بدون اي منطق ومقارنتها بمؤسسات أخرى ليست لها فائدة بل تشكل عبئا على الموازنة العامة. إلغاء السلطة ربما يوفر جزءا بسيطا من موازنتها السنوية التي تصل إلى 8 ملايين دينار فقط ولكنها ستشكل عودة إلى الوراء ورسالة واضحة بعشوائية قرارات الإدارة العامة في البلاد.
إنقاذ سلطة المصادر الطبيعية ممكن والفرصة قائمة في مجلس النواب ومن المهم بذل الجهود المطلوبة لذلك.