م- اكثم الصرايرة
البخيت ...أضاع فرصة التغير
لم يكن أكثر المتفائلين يتوقع أن يأتي البخيت بأفضل من هذه التشكيلة الحكومية نظرا لتجربته السابقة وطبيعته كشخص عرف عنه إيمانه بالتغيير البطيء الذي يمتد لسنوات و سنوات و هذا ما تحدث عنه بنفسه حتى لو بقي شهر يشاور ويختار مع احترامنا الكبير بالطبع لكل الشخصيات الأردنية المحترمة جداً وصاحبة الأيادي البيضاء والكفاءة العالية التي وقع عليها الاختيار كالإعلامي الحر طاهر العدوان والقانوني البارز مجلي والمهندس الكسبي والقضاة ابن الوزارة و العدينات المشهود له بالاستقامة ومجموعة من الوزراء الجيدين والذين يصل عددهم إلى أكثر من نصف أعضاء هذه الحكومة الجديدة والذين نخشى أيضاً عليهم من أن يكونوا ضحايا لهذه الحكومة التي لا نتوقع منها أن تلبي مطالب الشعب الأردني و مقتضيات هذه المرحلة الدقيقة و على رأسها مطالبه الصريحة بفتح ملفات الفساد ومحاسبة الفاسدين وتقديمهم للعدالة قبل كل شيء، فلا تقدم و لا تنمية ولا عدل ولا إنجاز بوجود الفساد الذي ينخر أجهزتنا الحكومية ويستنزف قدراتها ويحد من انجازاتها و يفاقم من مديونيتنا و يلغي أي انجاز أو جهد لأي وزير، ونسوق في هذا المجال قضية الكازينو و انتخابات 2007 كأقرب مثال حيث أن الناس لا يتذكرون من حكومة البخيت الأولى إلا هذه القضايا رغم مالها من انجازات أخرى تحسب لها لكن غيوم الفساد غطت عليها وحجبتها، وبالتالي سيضيع أي انجاز أو جهود لهذه الشخصيات الوطنية إذا ما فشلت الحكومة في تنفيذ برنامجها الإصلاحي الشامل ولم تحدث نقلة نوعية منتظرة في جميع المجالات،لأن هذه الحكومة معقود عليها آمال واستحقاقات تختلف عن كل الآمال السابقة وهم بالتالي جزء من أي نجاح أو فشل لا قدر الله.
لقد جاءت هذه الحكومة ببعض الشخصيات المجربة والمعروفة والتي ليس لها أي انجاز مميز يذكر يؤهلها للانضمام لحكومة من المفروض أن تكون استثنائية و فوق العادة و تضم أشخاص لهم قدرات وبصمات واضحة و ليس مجرد موظفين يسيرون وزاراتهم بطرق تقليدية معروفة لا تنفع في مثل هذه الأوقات حتى و إن كان أصحابها نزيهين ويحملون شهادات عليا و أصحاب خبرات، وهذه الشخصيات المجربة لم تكن مميزة أو استثنائية أثناء وجودها في مواقعها في السابق فما كان يجب أن تعود أبداً
للأسف لم يلتقط السيد البخيت هذه الفرصة التاريخية التي سنحت له ليكفر بها أولاً عن الإخفاقات الكبيرة التي لازمت تبعاتها حكومته الأولى و لم يستطع حتى الآن من الخروج من دوامتها سالماً، وثانياً ليسجل اسمه بحروف من ذهب في سجل رؤوساء حكومات هذا البلد الذي توقف التدوين فيه بعد وفاة وصفي التل، وليقدم خدمة لن ينساها له الأردنيين بأن يعيد كتابة تاريخ ميلاد إصلاحات شاملة منتظرة تعيد للأردنيين كرامتهم المسلوبة و اقتصادهم المنهوب وحريتهم المصادرة و ثقتهم المفقودة بكل المؤسسات والجهات الحكومية وعلى رأسها الحكومة و مجلس النواب.
أقول إن السيد معروف أضاع الفرصة الذهبية و كان بإمكانه أن يستغلها خاصة بعد أن أخذ الضوء الأخضر من سيد البلاد و بعد أن جاء على خلفية إقالة حكومة الرفاعي التي كانت محل سخط جميع الأردنيين، وفي وقت تعصف به رياح التغيير أجزاء كبيرة من الوطن العربي الذي نحن جزء منه و لدينا الكثير من القضايا المتشابهة معه وبالتالي نحن لسنا في مأمن من هذه الأعاصير إن لم نسارع بالاستعداد الجيد لها، فكان الأجدى به وهو الرجل العسكري أن يلتقط هذه اللحظة الفارقة ويصنع التغيير ويدشن لمرحلة جديدة تختلف جذرياً عما سبق، وكان يستطيع ذلك لو أنه أعد فريقاً متكاملاً أكثر قوة وديناميكية، و هنا فأنا لا أنتقص من خبرة أو نزاهة أي أحد من الوزراء، ولكني كما أسلفت و قلت بأن هذه المرحلة الانتقالية والمصيرية تحتاج لأناس من نوع أخر، أناس قادرون على دفع عجلة التغيير بقوة والبدء في عملية الإصلاح التي تحتاج لأكثر من وزراء متعلمين وأصحاب خبرات مهنية وإدارية، مرحلة تحتاج لوزراء يملكون إرادة قوية وشخصية جريئة قادرة على فتح ملفات الفساد والتجاوزات كل في موقعه بدون خجل أو خوف أو تردد، شخصيات قادرة على إحقاق العدالة بين الموظفين و قادرة على إلغاء أي تعيينات أو تنفيعات سابقة جاءت على أسس فاسدة، شخصيات تملك قرار نفسها ولا تخضع لأي إملاءات خارجية أو ضغوطات من جهات منفعية أو متنفذة و ترفض أي شيء ضد مصلحة الوطن والعدالة، و هذه الشخصيات التي نريد ليست من نسج الخيال، وليست تعيش في أرض الأحلام، بل هي موجودة بيننا تعبت وسئمت من الانتظار،شخصيات في اغلبها حزبية معارضه تعارض لمصلحة الوطن و ليس لاجل المعارضه،و هذه الصفات وللأسف لا أعتقد بأنها موجودة عند أغلب أعضاء هذه الحكومة الذين نظن أنهم يتبعون لمدرسة التغيير البطيء والخجول الذي يخشى المصادمات و جرح الآخرين وكشف مستورهم، فالمجربين منهم لم نعهد منهم غير ذلك و لا نتوقع جديد، و الجدد أغلبهم شخصيات لا نتوقع منها الصدام، يصلحون لغير هذه المرحلة ولغير هذه اللحظة، مرحلة يكون التغير فيها قد بداء و تحقق جزء منه فتكون مهمتهم الاستمرار بهذا التغير و البناء و المحافظة علية .
لن ننتقص من قدر هذه الحكومة او من قدرة اعضائها المحترمين و لن نشبهها بسابقتها الرفاعية التي لا شبيه لها و لا يجب ان تكون موضع مقارنة ، ولكننا نقول مع كل الاحترام لها بأن هذا الزمان ليس زمانها .