خطوة التي فكرت فيها الحكومة لتزويد المواطنين ببطاقة ذكية، يقصد بها حماية نصيب الأردنيين من دعم الخبز وحجبه عن غيرهم، والحيلولة دون الغش والتلاعب بالطحين المدعـوم من قبل أصحاب المخابز والاختلالات الناشئة عن استخدام الخبز كعلف للحيوانات، والطحين المدعوم لصنع منتجات غير مدعومة وهكذا.
الحديث عن هذه الخطوة تحت عنوان (رفع الدعم عن الخبز) عملية تزوير وتضليل، هدفها التحريض ضد إجراء صحيح وواجب، وقد تأخر الأخذ به طويلاً، فنحن بصدد تنظيم الدعم لا رفعه.
الذين يعترضون على حصر الدعم بالمستهلك الأردني يقصدون عملياً استمرار دعم 5ر1 مليون غير اردني، وضمان حصول السياح واللاجئين والوافدين والدبلوماسيين العرب والأجانب وعائلاتهم على خبز مدعوم على حساب موازنة عاجزة. واستمرار أصحاب المخابز في تحقيق أرباح خيالية على حساب الخزينة فضلاً عن بيعهم نصف كميات الطحين المستلمة بأسعار مدعومة إلى صناعات غير مدعومة بأسعار السوق التي تزيد عن ضعف سعر الطحين المدعوم.
البطاقة الذكية تشبه بطاقة الصراف الآلي، يستعملها المواطن شهرياً للسحب النقدي من أجهزة الصراف الآلي المنتشرة في المملكة، تمامأً كما يسحب المودع من رصيده دون أن يدخل البنك، أو يقف على الدور، أو حتى يقـدم طلباً لأن البطاقات سوف تغذى بالمعلومات العائلية من الأحوال المدنية، وهي مصممة لإيصال الدعم النقدي للجميع دون استثناء، ويستطيع من يشاء أن لا يستخدم البطاقة لسحب حقه الشهري إذا رأى أنه لا يحتاج الدعم أو لا يستحقه وأنه على استعداد لشراء الخبز بالكلفة الحقيقية.
العملية الجارية لدعم الخبز عملية فساد مالي فاضح بكلفة عالية، والمدافعون عنها إما أنهم لا يستوعبون الحقائق أو يتجاهلونها ويستغلون الفرصة للصراخ على أسس واعتبارات سياسية وشعبوبة لا علاقة لها بدعم الخبز أو حماية الفقراء.
يقولون أن تطبيق القرار سيزيد الفقر، وهذا إدعاء لا أسس له من الصحة، والقائل به يعرف تمامأً أنه يكذب لمجرد التحريض. وتسجيل مكاسب سياسية ولو أدى ذلك إلى هدر 130 مليون دينار سنوياً ممولة بالدين.
عندما يكون لدينا موازنة ذات فائض فمن الجائز استخدام الفوائض لدعم هذه الفئة أو تلك، أما والموازنة عاجزة ومعتمدة على الاستدانة من الداخل والخارج، فإن الدعم يصبح إسرافاً لا معنى له. ومن غير المعقول أن تنفق الحكومة 130 مليون دينار لدعم غير الأردنين ولتمكين المتلاعبين من المتاجرة بالطحين المدعوم والسماح لمربي المواشي بالاستفادة من الخبز كعلف ثم تصدير خرافهم المدعومة.
إذا سارت الحكومة قدماً في هذه الخطوة الإصلاحية فإن ما سوف يحدث هو تقديم دعم نقدي يغطي فرق سعر الخبز للمواطنين وحدهم، ووضع حد للإسراف والفساد.