لا يمكن لاحد ان يقلل مدى الدعم الامريكي للاقتصاد الاردني ، والذي تجاوز المساعدات الدورية البالغة 650 مليون دولار سنويا ، ومن المرجح ان ترتفع الى المليار دولار ابتداء من العام المقبل.
الدعم الامريكي تمثل هذه المرة بكفالة سندات اليورو بوند التي طرحتها الحكومة الاردنية بقيمة 1.25 مليار دولار ، والتي تم تغطيتها بواقع 180 بالمائة بفائدة 2.52 بالمائة تسدد دفعة واحدة بعد سبع سنوات ، وهو امر لم تقم به الادارة الامريكية الا في حالات محدودة للغاية ، مما يدلل على ان هذا الدعم هو دعم سياسي بالتحديد وليس اقتصادي ، لان المؤشرات الاقتصادية المتعلقة بالدين والعجز والانفاق والبطالة والفقر في ارتفاع مستمر ومقلق.
باستطاعة الحكومة التعامل مع سندات اليورو بوند على اكثر من صعيد ، فاحتياطات المملكة من العملات الصعبة سوف تزداد ، مما يدعم مستوردات المملكة الى اكثر من ستة شهور ، وباستطاعة الحكومة ان تلجا لتطفئة ديون اخرى باسعار فائدة اعلى ، ناهيك من الامر بحد ذاته دلالة قوية للمؤسسات الدولية العالمية بان الاقتصاد الاردني ما زال يحظى برعاية الدول الصديقة للمملكة .
لكن الواقع قد يؤدي الى ثمة تحديات كبيرة ستعصف بالاقتصاد اذا لم يتم توظيف القرض بافضل طريقة دون احداث اية تكلفه اعباء جديدة .
الدعم السياسي للاقتصاد الاردني لا يمكن ان يستمر الى ما لا نهاية ، مما يحتم على راسم السياسة الاقتصادية التفكير جديا في الخروج التدريجي من مظلة الدعم الخارجي ، فلا يمكن ان ندعي بان لدينا اصلاح اقتصادي في ظل تزايد الاعتماد على الاخرين ، فالاصلاح هو الذي يتبنى قاعدة الاعتماد على الذات ليس بالشكل المطلق ، وانما وفق خطة انسحاب مدروسة بشكل تدريجي.
القضية الاكبر التي تلقي بظلالها على الاقتصاد الوطني هي مسالة المديونية التي تناهز اليوم وفق اخر الاحصاءات الرسمية الصادرة عن وزارة المالية 17.9 مليار دينار ، وهو امر يعتبر مؤشر سلبي للغاية له تداعيات كبيرة على الامن الاقتصادي للمملكة في حال عدم الوقوف عليه والحد من نموه السلبي.
الاستقرار الحاصل للاقتصاد هو نتيجة الدعم الخارجي بالتحديد ، لذلك فان الامر بحاجة الى وضع تصورات اكثر شمولية في اخراج الاقتصاد من هذه الحالة ، السبب في ذلك ان الايجابيات التي يتغنى بها البعض على الصعيد الاقتصادي مرتبطة بالعامل الخارجي اكثر من العامل الداخلي ، بمعنى انه اذا قلنا ان احتياطات المملكة ارتفعت فهي بسبب ودائع المنحة الخليجية من جهة وسندات اليورو بوند من جهة اخرى .
واذا ما قلنا ان الاردن يمتلك علاقات قوية مع المؤسسات الدولية وهو ما يوفر له مزيدا من التسهيلات ، فان الامر لا يعدو كونه اجراءا محدود الوقت لا يدوم ، سرعان ما يستبدل او يتراجع مستواه بسبب تطورات الوضع السياسي ، فكيف سيكون الحال اذا ما وصلت المديونية الى مستوياتها دون زيادة الدخل من عمليات الانتاج والاستثمار .
Salamah.darawi@gmail.com