اخبار البلد- نشرت صحيفة المجد الاسبوعية تقريرا على صدر صفحتها الاولى توقعت فيه رحيل الحكومة في وقت قريت جدا خلافا للتوقعات التي رجحت بقاء حكومة سمير الرفاعي حتى شهر اذار المقبل وتاليا نص التقرير
حسمت المراجع العليا أمرها، واتخذت يوم الجمعة الماضي قرارها القطعي بترحيل حكومة سمير الرفاعي في القريب العاجل، خلافاً لما كان عليه الحال من قبل، حيث كان قرار الترحيل مؤجلاً لحين الانتهاء من مناقشة وإقرار مشروع الموازنة العامة، واختتام الدورة البرلمانية العادية أواخر شهر آذار المقبل.
وعلمت “المجد” أن الانتفاضة المصرية التي أطاحت بحكومة احمد نظيف في أرض الكنانة، قد عجلت في ذات الوقت، بقرار ترحيل حكومة الرفاعي التي باتت تلفظ الآن أنفاسها، وتعد ما تبقى من أيامها، خصوصاً بعدما وصلت حركات الاحتجاج الأردنية ضدها أمس الأول إلى عقر دارها على أكتاف الدوار الرابع في جبل عمان.
وأكد –نكرر أكد- مصدر موثوق “للمجد” أن التأخير الراهن في عملية الترحيل لا يخص حكومة الرفاعي أو يتعلق بها، بل يتعلق باختيار بديلها، حيث يدور الحوار في الدوائر الرسمية العليا حالياً حول اختيار رئيس وزراء يناسب هذه المرحلة، ويشكل حكومة نوعية تحظى بثقل شعبي، وتقوى على تنفيس الاحتقانات السياسية والمعيشية، وترقى إلى مستوى طموحات الأردنيين.
وقال المصدر “للمجد” أن أحداً لم يفاتح الرفاعي بعد في أمر استقالته رسمياً، إلا أنه في صورة أوضاعه الحرجة، ولو من قبيل القراءة والتخمين، حيث تؤكد كل الدلائل المحيطة به وبحكومته أنهما أصبحا خارج دائرة الفعل وصنع القرار، وهو الأمر الذي حفز زيد الرفاعي، والد الرئيس، إلى قطع إجازته في لندن والعودة إلى عمان.
وأكد المصدر إلغاء التحفظ السابق على تكليف رؤساء الحكومات السابقين بتشكيل حكومات جديدة، وإلغاء التحفظ أيضاً على تشكيل حكومات نيابية، وهو ما يعني فتح الباب أمام تكليف أحد رؤساء الحكومات السابقين، مثل أحمد عبيدات، أو طاهر المصري، أو عبد الرؤوف الروابدة، أو معروف البخيت، بتشكيل الحكومة المقبلة، أو تكليف النائب عبدالله النسور بتشكيل حكومة برلمانية لأول مرة منذ زمن طويل.
وأشار المصدر الموثوق إلى أن الملك سوف يوجه خطاباً شاملاً قبل يوم الجمعة المقبل يوضح فيه خارطة الطريق نحو التغيير المستقبلي القريب الذي لن يقتصر على ترحيل الحكومة وتشكيل أخرى، بل سيطال العديد من السياسات السائدة والمؤسسات العامة وبما يضمن اقترابها من مطالب القوى الوطنية، ونبض الشارع الشعبي.
وكان من المفترض أن يلقي الملك هذا الخطاب يوم الثلاثاء الماضي، ضمن جلسة مشتركة لمجلسي الأعيان والنواب، ويطلق فيه رسائل تطمينية وإشارات انفتاحية للمجتمع الأردني قبيل المظاهرات الشعبية التي كانت مقررة يوم الجمعة الماضي، غير أن نفراً من كبار المسؤولين أبرزهم أيمن الصفدي، الناطق الرسمي باسم الحكومة، نصحوا إلى جلالته العدول عن ذلك، لأسباب تمسك “المجد” عن ذكرها، مقترحين أن يتحدث بشكل اعتيادي خلال لقاءين منفصلين يعقدهما مع أركان مجلس الأعيان، ومجلس النواب، كلاً على حدة.
وكانت الأسابيع القليلة الماضية التي أعقبت سقوط النظام التونسي، قد شهدت سلسلة متواصلة من اللقاءات التداولية والعصف الفكري بين الملك وقرابة ستين شخصية سياسية بهدف استعراض الأوضاع الأردنية والعربية العامة بأكبر قدر من الجرأة والصراحة، حيث توافقت آراء معظم المتحدثين على تردي الأوضاع الداخلية، وضرورات تداركها بالاصلاح والتغيير بشكل جذري وبأقصى سرعة ممكنة.
وقال أحد حضور تلك اللقاءات “للمجد” أن معظم المتحدثين قد أشاروا ضمناً إلى أهمية رحيل حكومة الرفاعي، وحملوها الكثير من الأخطاء والتجاوزات، غير أنهم لم يقولوا ذلك بلغة فصيحة وصريحة، باستثناء الفريق المتقاعد طارق علاء الدين، مدير المخابرات الأسبق الذي هاجم سمير الرفاعي بالاسم، وحمل على سياسات حكومته وممارساتها التي وصفها بأنها السبب الأساس في بلاء الناس، وغلاء الأسعار، وتأزيم الأوضاع، وتصغير مقام رئاسة الوزراء.. محذراً من عقابيل أداء هذه الحكومة على الأمن الوطني والاستقرار العام، ومستذكراً –في معرض المقارنة- أخطاء وبلاوي حكومة زيد الرفاعي الأب التي تسببت في اندلاع أكبر انتفاضة شعبية عام 1989 كادت تحرق الأخضر واليابس لولا حكمة المرحوم الملك حسين.
وقد التقى الفريق علاء الدين في هذا النقد الجارح لحكومة الرفاعي الأبن، مع النائب عبدالله النسور الذي لا يتورع عن مهاجمتها آناء الليل وأطراف النهار، خصوصاً وأن علاقات علاء الدين والنسور شديدة الوعورة والتعقيد مع الرفاعي الأب، منذ نيف وربع قرن.
أما طاهر المصري رئيس مجلس الأعيان، فقد ألمح بذكاء –وربما بدهاء- إلى جدوى ترحيل حكومة الرفاعي، حين قال أن الخلاف في تونس أو في مصر قائم بين الشعب الثائر وبين رئيس النظام، بينما الخلاف في الأردن محصور بين الشعب والحكومة، وليس مع النظام الهاشمي الذي يحظى بولاء الجميع، ومن هنا تصبح عملية التغيير ممكنة ومأمونة ومتصلة بالسياسات التي يمكن تغييرها، وبالحكومات التي يسهل تبديلها وترحيلها.
ولعل الجدير بالملاحظة والانتباه أن كل اللقاءات الملكية مع الشخصيات السياسية وأركان مجلسي الأعيان والنواب، وعلى مدى ثلاثة أسابيع، قد تمت في غياب رئيس الوزراء أو أي من الوزراء، ربما لتمكين الحضور من الحديث بصراحة ودون حرج عن تقصير الحكومة، وربما لأن الحكومة ذاتها أصبحت خارج السياق العام، وفاقدة لأي غطاء سياسي أو أمني أو إعلامي !!