جلالة الملك حفظه الله ورعاه, ما من مناسبة أو لقاء أو حديث أو خطاب إلا ويؤكد على الإصلاح الشامل سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وضرورة إزالة كل العوائق التي تعترض مسيرته, ويدعو إلى تضافر الجهود للتصدي لها بكل نزاهة واستقامة وشفافية خاصة الفساد المالي والإداري الذي يعتبر أخطر المعوقات التي تعترض طريق الإصلاح إذا استفحل وانتشر في أي مؤسسة من مؤسسات الدولة.
ودائرة الجمارك العامة تعتبر إحدى أهم مؤسسات الدولة من حيث المهام الموكولة إليها, فهي رافد خصب للخزينة, إضافة إلى دورها في حفظ أمن وأمان الوطن في مكافحة التهريب وإحباط العديد من محاولاته غير المشروعة, وحيث أن هذه المهام تتطلب فيمن يقوم عليها أن تتوفر فيه الكفاءة والقدرة على الإدارة, والنزاهة والاستقامة في تأدية المهمة وعلى قدر عال من الضبط والربط والانضباط, فإن واقع الحال الذي أصبحت عليه وألت إليه دائرة الجمارك العامة لا يقوم على هذه الأسس ولا يراعي تطبيقها.
وبلقاء العديد من موظفي هذه الدائرة المشهود لهم بالنزاهة والاستقامة والكفاءة ممن وقع عليهم ظلم, تستطيع الوقوف على حجم الانتهاك الصارخ والتعسف في استخدام السلطة من قبل الإدارة, والتي وحسب – هؤلاء – لها أجندات خاصة تقوم على الشللية والمحسوبية وذوي القربى والأكثر انصياعاً والتزاماً بتنفيذ رغباتها مما نتج عنه نقل وترميج العديد من الكفاءات في المنافذ الجمركية والأماكن الحساسة في الدائرة ظلماً وتعسفاً واستبدالها بأخرى ضعيفة لا تقدر على اتخاذ القرار وذلك لضمان ربط كل شيء بشخص المدير وسيطرته, حتى غدت الدائرة بمركزيتها المفرطة دائرة جامدة لا تتطور وانعكس ذلك سلباً وأثر على الموظفين والقطاع التجاري بشكل عام.
وعن ظاهرة تفشي المحسوبية واستفحالها في جهاز الدائرة, نقل لنا بعض التجار وأصحاب شركات التخليص أن معظم المعاينين والموظفين في المواقع الحساسة في جمرك عمان – على سبيل المثال – هم من المحسوبين على الدائرة ومن المقربين من مديرها العام, ناهيك عن ضعف إدارة جمرك العقبة والتي تخضع وتنصاع لرغبات صاحب إحدى شركات التخليص المحسوبة عليها وذلك بتقديم التسهيلات لها ودليلهم على ذلك مقارنة حجم المعاملات المنجزة لدى هذه الشركة قبل وبعد الإدارة الحالية.
نعم يا دولة الرئيس.. هذا ما سمعناه من موظفين عاملين في هذه الدائرة يعانون من التسلط والاستبداد والنقل الجائر بطريقة عشوائية وغير مدروسة ومن العديد من أصحاب شركات التخليص الذين تضرروا نتيجة ما يواجهون من تعقيدات وعراقيل تؤخر انجاز معاملاتهم أو رفع قيم التقدير عليها, مما دفع التجار والمستوردين العزوف عن التخليص على بضائعهم لديها والذهاب إلى شركات محسوبة على بعض المتنفذين في الدائرة لما تتمتع به من تسهيلات في تقدير القيم والمعاينة وسرعة الانجاز.. وبعد.. يا دولة الرئيس:
ننقل هذا ونضعه أمامكم بكل أمانة وصدق وكما رواها لنا كل ما تضرر وما زال يتضرر موظفاً كان أم مُخَلّصاً, تاجراً أو مستورداً الأمر الذي أصبح معه وقبل أي وقت مضى ولا يحتمل التأجيل, الالتفات إلى هذه الدائرة سريعاً بإدارة جديدة تطبق العدالة وأسس النزاهة وتسعى لرفع سوية العمل وفق الكفاءة والقدرة والاستقامة.
وأخيراً يا دولة الرئيس.. إن كان ما سردناه آنفاً من حقائق ينتاب مصداقيته شك.. فإنني أدعوك ومن منطلق انصياعنا جميعاً للتوجيهات الملكية السامية التي صدرت مؤخراً خلال لقاءات صاحب الجلالة الملك مع الحكومة والأعيان والنواب والشخصيات الوطنية ومختلف الفعاليات الرسمية وفي كافة مواقع المسؤولية بضرورة التواصل مع المواطنين والتحاور معهم والاستماع إليهم بصراحة وشفافية والوقوف على همومهم ومطالبهم وملاحظاتهم ومظلمتهم.. أن تتواصل مع موظفي هذه الدائرة في كافة مواقعهم وعلى اختلاف رتبهم والمتعاملين معها من تجار ومستوردين ومسافرين للوقوف على الحقيقة من عدمها وفي ذلك إظهار للحق ودفن للباطل وخدمة للمصلحة العليا للوطن والمواطن.. وللحديث بقية يا دولة الرئيس وقد يكون في جعبتنا الكثير الكثير فيما يثبت صحة ما ذكرنا وأشرنا إليه.
moeenalmarashdeh@yahoo.com