هل يفعلها شعب غزة ؟؟؟
23 / 1 / 2011م
محمود عبد اللطيف قيسي
إن ّالمتتبع لأخبار شعب تونس يعرف أنه تعرض للظلم الشديد من قبل أبناء جلدته اللذين تحكموا في رقابه ، وقد مارست هذه الطغمة الحاكمة التي ادعت الوطنية ومقاومة الاستعمار سابقا كل أنواع القمع والتنكيل السياسي والديني والاقتصادي بحقه ، فقد منع شبابه دون الأربعين عاما من ممارسة شعائرهم الدينية في دور العبادة التي ما كانت يوما إلا لله ، ومنعت شاباتها دون الخمسين من ارتداء أغطية الرأس والحجاب ، بل ومورس ضد من تجرأت على لبسه أعمالا جبانة تتنافى والإخلاق الإنسانية وتعاليم الشرائع السماوية ، ألا أنه ومع القهر والعذاب والحرمان فقد صبر الشعب التونسي كثيرا خوفا من العصا الغليظة للأمن التونسي التي لا ترحم ، وحبا منه لتونس الوطن الجميل ، وحفاظا منه على أمن بلاده الخضراء أن تذهب للاقتتال والخراب .
حتى كانت القشة التي قسمت ظهر البعير بمحاولة الأمن التونسي منع الشباب الجامعي العاطلين عن العمل من الإبداع الشخصي عبر ممارستهم لنشاطات تجارية تكفيهم الحاجة ، وتعينهم على قهر الزمان ، وتغنيهم عن البحث عن وظيفة ما كانت لتؤول إلا لمن يمتلك واسطة ومحسوبية متنفذة عملاقة ، أفتقدها عوام الشعب التونسي المقهور الذي كانت مرآته وصورته الشاب التونسي الجامعي الذي ضُرب من الأمن التونسي ومُنع من التقاط رزقه بالطرق الشرعية ، إلا أنّ صبره نفد بعدما تأكد من بعد المسؤول عنه وعن همومه ، ومن اقترابه من العناصر الفاسدة بالأمن التونسي ومن سطوتها ومن الفاسدين ، فلجأ لفعل حرق نفسه هربا من الطغاة ويقينا منه بالخلاص ، بعدما تأكد من استحالة عيشه بذراعه أو بوظيفة بستحقها منعت عنه ، مع أنه يعرف أنّ فعله يغضب خالقه ، وإن متيقنا بأن لا مفر من الله وحكمه إلا إليه .
ثار الشعب التونسي على الظلم والطغيان وسط ذهول من الجميع ، حتى من قبل من تسمي نفسها جماعات وحركات وأحزاب تونسية كلها تحاول الآن إقتناص الفرص وتسجيل النقاط لنفسها ، وحصد الكعكة وأكلها بنهم ، وقد سطر الشعب التونسي الذي يحاول الكل من الأحزاب والحركات السابقة واللاحقة إقصاءه وتهميشه ، سطر بدمه الغالي أروع انتصار سجل للشعوب المقهورة ضد جلاديها من أبناء جلدتها .
وما بين شمال غرب المتوسط حيث تونس الخضراء التي عاش فيها شعب تونس القهر والفقر والحرمان فثار وفاز ، وجنوب شرقه حيث غزة قاهرة الأعداء التي يعيش فيها شعبها الذل والقمع والفقر والاضطهاد وما زال عاجزا فأجاز لجلاديه الفساد والإفساد والبقاء ، ألاف الكيلومترات تفصل بين تونس المقهورة وغزة المقموعة ، في الأولى ساس نظام علماني منع الدين وجوّع الناس وساهم بقهرهم ، وفي الثانية ساد نظام متأسلم أرضي ، ظلم الناس باسم الدين والمقاومة وجوعهم وساهم بقمعهم .
فعلها شعب تونس فأسقط أبشع نظام علماني قامع للحريات عرفه العرب منذ الخلافة الإسلامية وحتى اليوم ، فهل يفعلها شعب غزة ويسقط أبشع نظام متأسلم عرفه العرب منذ عهد القرامطة حتى اليوم ؟؟؟ ، نظام بشع خلد إلى الأرض وأبقى إلى أيران ، نظام مخادع لعوب سلب الأمن من الفلسطينيين اللذين يّقتلوا ويّصلبوا وينفو من الأرض بفعل فساد حماس ، وأعطاه لليهود اللذين يعيشون في ظل استقوائها بالسلاح الإيراني وانقلابها ومصادرتها لغزة أروع فترات أمنهم واستيطانهم جوارها ، نظام باع مصلحة شعب فلسطين لهوى إقليميين لا يعرفون من القدس إلا إسما يتغنوا به ومصلحة يتمسحون بها ، نظام جر الدين للسياسة لمصلحة مجموعة من المرضى النفسيين قادوا الحركة لعداء شعب فلسطين ولتصفية قضيتهم ، ولمصالحة حلفهم الكاذب مع ثبوت أنّ أطرافه قوى متآمرة ادّعت نفاقا وتقية ومصلحة الصمود والمقاومة والممانعة ، لا تقدم لفلسطين ثوبا التي اختصروا قضيتها بقضية غزة ولا للقدس عباءة التي همشوها باحتفالات يوم القدس والأقصى ، وإن كانت تردي قميص فلسطين النضالي لغايلت بقائها .
Alqaisi_jothor2000@yahoo.com