أجل ان هذا الوطن يستحق منا ما هو أكثر و ما هو اجمل. اننا قادرون كمواطنين و قيادات أن نقدم لهذا الوطن ما هو أفضل و ما يستحقه و أن لا نكون مترددين في مواجهة كل ما يسيء أو يحاول الاساءة الى هذا الوجه الجميل للوطن. اننا جميعا في خندق واحد و معنيون بما وصلت اليه الحال من اجحاف و ظلم عن قصد أو غير قصد. سأتعرض اليوم لما يقلقني و يقلق الكثيرين من أحداث سلبية.
1. العنف الجامعي
العنف الجامعي لم يعد مشاجرة بل ظاهرة "تزلزل” الحرم الجامعي و لم يعد السكوت عنها مقبولا الى هذه الدرجة. بين الحين و الحين تقدم احدى الجامعات "قربانا” أو "قرابين” من أبنائها في سبيل تغذية هذه الظاهرة. في الأيام القليلة الماضية سقط أربعة من أغلى الناس علينا في حرم احدى الجامعات و بعدها توالت التصريحات و الندوات اما بالتنديد أو التحليل. لم يختلف ما قيل بعدها عما قلناه في الماضي. تحدثت الندوات عن الظواهر و لم تعالج الأسباب. تردد الكثيرون من الشركاء عن قول الحقيقة و ماذا وراء هذا العنف. لم نكن صريحين في أقوالنا سواء سلبا أو ايجابا عندما تحدثنا عن دور العشائرية و الادارة الجامعية و فصل الطلبة و تطبيق الأنظمة و القوانين الجامعية.
ان جامعاتنا تحتل مكانة عالية بين جامعات المنطقة و ما احدثه العنف الجامعي هو مغادرة ابنائنا من الدول العربية و الصديقة خوفا من أن تصيبهم رصاصة رعناء أو ضربة سكين من مجهولين. ان معالجة العنف الجامعي ليس من اختصاص جهة معينة, انها مسؤولية المجتمع بجميع مكوناته و علينا أن لا نقتصر المعالجة على أسلوب وحد بل بجميع الوسائل الحضارية, و نحن لا نعني بالحضارية التساهل أو التردد في تطبيق النظام على المتسببين بهذا العنف الذي قد يصل الى حد "المجزرة” كما حدث بالأمس القريب.
2. المعارضة و حركات الاصلاح
بعد صلاة كل يوم جمعة, تخرج مسيرات اجتماعية قوامها المعارضة و حركات الاصلاح, شعارها الاصلاح و مقاومة الفساد. و في المقابل تخرج مسيرات تحت شعارات مختلفة, لا لأنها ضد الاصلاح و مقاومة الفساد بل لأنها تجد في المسيرات الاحتجاجية ما يقف عثرة أمام مسيرة الاصلاح. الخوف هو أن يتكرر الصدام بين الجبهتين و تكون النتيجة ما حدث في اربد عندما تصدت قوات الدرك لحماية الطرفين نتيجة الصدام و لغة الحوار المستخدمة من أدوات صلبة أو ألفاظ خارجة عن السلوك الحضاري و السلمي.
ان الصبر جميل عند مواجهة هذه الاحتجاجات, فالأردن كما قلت: يستحق منا ما هو أفضل لحماية جبهته الداخلية أمام المخاطر الداخلية و الخارجية التي تهدد مفردات الحوار و الاحتجاج السلمي و بخاصة بعد مشاركة علنية من المهاجرين السوريين.
3. المهاجرون السوريون
ما زال الأردن يتعامل مع المهاجرين السوريين كضيوف عليه, يتقاسم معهم لقمة الخبز و السكن و الماء, و لكن الضغط على الموارد الطبيعية و التأثيرات الجانبية بدأت بتجاوز قدراته على المدى الطويل. فالمصادر المائية كما نعلم محدودة جدا و تكاليف المدارس و المستشفيات كونها فوق طاقتنا مقابل تدني الخدمات لأبنائنا. أما التأثيرات الجانبية فهو الانتشار الواسع للعمالة السورية بالإضافة الى امتلاك المطاعم و النشاطات الاقتصادية. ان وجود ما يزيد على مليون لاجىء سوري لمدة مجهولة, يشكل مخاطرة كنسبة من عدد سكان الأردن بالإضافة الى لاجئين هناك شكوك بأن وجودهم في الأردن سيكون دائما بسبب وجود أقارب أو أنسباء لهم.
ان التردد أو الخجل في التعامل مع هذه المسألة و أبناؤها في دائرة الضيافة لا يشكل معالجة ناجعة و أن أكثر ما نخشاه أن تتحول هذه الهجرة الى اقامة دائمة لا نستطيع حلها من موقف انساني اذا ما جرت ضغوط خارجية علينا لا يمكن أن تفرض على لبنان و العراق و تركيا. ان علينا أن ندافع عن هذا الوطن ضد المخاطر التي قد تواجهه نتيجة أحداث في المنطقة لم يكن لنا فيها لا ناقة و لا جمل.
4. الحكومة البرلمانية..هل تتحقق المعجزة؟
أطلق دولة الدكتور النسور اشارة باستكمال الحكومة البرلمانية بمجرد عودة جلالة الملك بمشيئة الله. و على هذا الأساس نتوقع بدء دولة الرئيس بمشاوراته المكوكية مع الكتل النيابية لتوزير النواب بعد اجراء تعديل وزاري على حكومته. لا ندري كم ستأخذ مشاورات الرئيس و هل تقدم كل كتلة نائبها أم تترك للرئيس اختيار الوزير الممثل للكتلة؟ لا أعتقد أن مهمة الرئيس ستكون سهلة في جميع الأحوال و كل ما أخشاه أن لا يكون هناك اتفاق بين أعضاء الكتلة على وزيرهم ثم الزمن الذي قد يستغرقه التعديل و استكمال الحكومة البرلمانية. ان دولة الرئيس قد يكون نجح في رمي الكرة في ملعب الكتل النيابية التي عليها أن تختار نائبها.
لا أود أن أكون متشائما, عندما أتمنى لو أن الكتل النيابية توجل الحكومة البرلمانية اذا كان من المستحيل عليها الاتفاق على اختيار نائبها, لأنه اذا عدنا الى الناخبين فانهم سيردون عليهم بأنهم انتخبوهم ليكونوا نوابا لا وزراء.