أنشأنا وزارة قبل سنوات لمشروعات القطاع العام، ولكن مهامها لم تحدد بشكل واضح، ما أدخلها في مواجهة مع عدد من الوزارات الأخرى كوزارة التخطيط، ووزارة الأشغال، وحتى وزارة المالية. ومثلما ظهرت على الأفق بعيدة عن فهم الناس وقضاياهم، خاب ضوؤها وأفل، وانطوت الوزارة في مخازن الذكريات. ولكن السؤال الذي يبقى بين أيدينا اليوم هو: ماذا نفعل بالمشروعات الكبرى التي لا تحقق أهدافها، أو أنها بقيت غير مكتملة، أو التي عوّق إكمالها الفلس، أو سوء التخطيط، في القطاعين العام والخاص؟ هذه المشروعات بُذلت فيها الملايين المؤلفة. وإن كنا نتحدث عن هدر ثروة وطنية، فتلك المشروعات تقف شاهداً ومذكراً على حالة التقاعس الإداري والاقتصادي التي يجب ألا نقبل بها. وكذلك، فإن تحريكها وإتمام العمل بها سيصب في مصلحة الاقتصاد الوطني الذي يصرخ علينا طالباً تحريك جمراته، وتشحيم مفاصله. دعونا نبدأ من المشروع الأكبر، وهو مشروع العقبة؛ فقد بُذل في هذا المشروع الكبير وقت وجهد وأموال لا يتسع المقال هنا لحصر مقاديرها. صحيح أن بعض أجزائه تسير، ولكن ببطء شديد. ولهذا، فإن العقبة والمشاريع التي فيها بحاجة إلى وقفة، ودراسة، وتحريك. فالعقبة درة اقتصادية في تاج الأردن، وهي إحدى المشروعات المعوّل عليها في تحريك الاقتصاد وفي توفير فرص عمل كثيرة لأبناء الشعب الأردني وبناته. ومن غير المعقول أن نقبل بحالها الراهن. دعونا ننتقل إلى مشروع العبدلي. فأبراجه وبناياته واقفة. مثل برجي الدوار السادس. ومن غير المعقول أن تبقى هذه المشروعات شواهد شاخصة نحو السماء تذكرنا بعجزنا عن حل مشكلاتنا. وكذلك دعونا نراجع ونضع أمام الناس مدى حركة مشروعات الطاقة، والسير فيها حتى لا نسمع كل يوم قصة. هذا القطاع هو طوق النجاة لهذا البلد الخيّر الكريم... أمن المعقول ألا نقيّم مدى السير في مشروعات التنقيب عن الغاز، والصخر الزيتي، والنفط، وموانئ الغاز في العقبة، ومدى نجاعة السياسات المطبّقة في مجال ترشيد الطاقة، والاستثمار في الطاقة البديلة. لو تحركت هذه المشروعات وغيرها، فإن الوطن كله سوف يستعيد ثقته بنفسه. لا يجوز ترك بعض المناطق الاقتصادية الخاصة مجرد وعود تنتظر مشروعات عليها، ولا يجوز أن نقبل بعض المدن الصناعية وهي خاوية على عروشها إلا من مشروع واحد بعدما بنينا عليها آمالاً عراضاً. المطلوب هو أن يقوم المجلس الاقتصادي والاجتماعي وبتكليف من الحكومة، وبتمويل منها على شكل قرض مسترد من هذه المشروعات مستقبلاً، لكي يدرس هذه المشروعات من جوانبها المختلفة بالتعاون مع خبراء وطنيين من أجل وضع التشخيص والحلول العملية لإخراج هذه المشروعات من أعناق الزجاجة التي تمر فيها. كان الأجدى أن أتقدم بهذا الاقتراح مباشرة إلى الحكومة. ولكن الأمر يتطلب تعاوناً من جميع الأطراف المعنية. فهلا بدأنا في هذه المهمة الصعبة والمطلوبة؟ وكلما أسرعنا في تناول هذه القضية، صدقنا الناس، وأدركوا أن الدوائر العامة في الدولة قادرة على التصدي لمشكلات البلد بالتعاون مع القطاعين الأهلي والمدني، وأن يد الله مع الجماعة.ليس المقصود من المجلس، وهو جهة استشارية، أن يحل مكان أحد، أو أن يتولى دور أي جهة، بل على العكس، إن دور المجلس كجهة استشارية، يتكامل مع أدوار الجهات المختلفة في الدوائر العامة. والمطلوب منه الآن أن يقدّم الأفكار والمقترحات القادرة على تحريك هذه المشروعات. الأمم الحية هي تلك التي تبني الثروة، وتراكمها، وليست الدول التي تنفق مستقبلها في حاضرها وتدع نفسها صفر اليدين في مهب الريح.
المجلس الاقتصادي والمشاريع الكبرى
أخبار البلد -