اﻟﻔﺎﺋﺪة اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻨﻰ ﻣﻦ اﻟﺰﻳﺎرات اﻟﻤﯿﺪاﻧﯿﺔ ﻛﺒﯿﺮة، واﻟﺠﻠﻮس إﻟﻰ اﻟﻨﺎس ﻣﻦ أﺑﻨﺎء اﻟﺸﻌﺐ اﻷردﻧﻲ اﻟﻮاﺣﺪ،
واﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﻌﮫﻢ وﺟﮫﺎً ﻟﻮﺟﻪ ﻳﻌﻮد ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺮاﻏﺐ ﻓﻲ اﻟﺘﺄﻛﺪ ﻣﻤﺎ ﻳﻌﺮف وﻻ ﻳﻌﺮف ﺑﺎﻟﻨﻔﻊ اﻟﺠﺰﻳﻞ.
ذھﺒﺖ إﻟﻰ ھﻨﺎﻟﻚ وأﻧﺎ ﺗﺤﺖ اﻻﻧﻄﺒﺎع أن اﻟﻨﺎس ﻳﻌﺎﻧﻮن ﻣﻦ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﯿﺐ، ﺧﺎﺻﺔ أن ﻟﻮاء اﻟﻘﻄﺮاﻧﺔ ھﻮ ﻟﻮاء اﻟﺒﺎدﻳﺔ
اﻟﻮﺣﯿﺪ ﻓﻲ ﻣﺤﺎﻓﻈﺔ اﻟﻜﺮك. ﻓﻮﺟﺪت أن وﺟﻮه اﻟﻌﺸﺎﺋﺮ ھﻨﺎﻟﻚ ﻳﺆﻛﺪون أﻧﮫﻢ ﻻ ﻳﺮﻳﺪون وظﯿﻔﺔ ﺳﺎﺋﻖ أو ﺣﺎرس، ﺑﻞ
ﻳﺮﻳﺪون ﻋﻤﻼً ﻣﻨﺘﺠﺎً.
وﻛﺬﻟﻚ ﻛﻨﺖ واﻗﻌﺎً ﻓﻲ ﺧﻄﺄ اﻟﻈﻦ أن اﻟﻨﺎس ھﻨﺎﻟﻚ راﻏﺒﻮن ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺒﯿﺮ اﻟﻌﻨﯿﻒ، وأﻧﮫﻢ ﻳﻐﻠﻘﻮن اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﺼﺤﺮاوي
أﻣﺎم ﺣﺮﻛﺔ اﻟﻤﺮور ﺗﻌﺒﯿﺮاً ﻋﻦ ﻋﺪم رﺿﺎھﻢ ﻹھﻤﺎل اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻟﮫﻢ، وﻟﻜﻨﻨﻲ وﺟﺪت أن اﻟﻨﺎس ﻳﻈﻨﻮن أن اﻟﺪواﺋﺮ
اﻟﺮﺳﻤﯿﺔ ﺗﻌﻄﯿﮫﻢ وﻋﻮداً ﻻ ﺗﻔﻲ ﺑﮫﺎ، وھﺬا ﻳﻔﺴﺮ ﺣﻨﻘﮫﻢ.
طﯿﻠﺔ ﺛﻼث ﺳﺎﻋﺎت وأﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﻘﺎش ﻟﻢ أﺳﻤﻊ ﻣﻦ أي واﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﺤﻀﻮر ﻣﻦ طﻠﺐ ﻣﻨﺤﺔ، أو ﻣﺴﺎﻋﺪة، أو ﻣﻨﻔﻌﺔ
ﺷﺨﺼﯿﺔ، ﺑﻞ إن ﻛﻞ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﺘﻲ أﺛﺎروھﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻤﻨﻔﻌﺔ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ. ﻓﺄﺣﺪھﻢ طﺎﻟﺐ ﺑﺈﻗﺎﻣﺔ ﻣﺸﺮوع ﺳﯿﺎﺣﻲ ﻓﻲ
ﻣﻮﻗﻊ ﻗﻠﻌﺔ اﻟﻘﻄﺮاﻧﺔ، وآﺧﺮ ﻗﺎل إﻧﻪ ﻳﺮأس ﺟﻤﻌﯿﺔ ﺗﻌﺎوﻧﯿﺔ زراﻋﯿﺔ ﺗﻌﯿﻞ ﻋﺪداً ﻛﺒﯿﺮاً ﻣﻦ اﻷﺳﺮ، وطﺎﻟﺐ اﻟﺸﺮﻛﺎت
ﺑﻤﺴﺎﻋﺪﺗﻪ ﻓﻲ ﺗﺼﻠﯿﺢ اﻟﻤﻌﺪات اﻟﺰراﻋﯿﺔ، وﺑﺘﻘﺪﻳﻢ اﻟﺴﻤﺎد، وطﺎﻟﺐ ﺛﺎﻟﺚ أن ﻳﺨﺼﺺ ﺟﺰء ﻣﻦ أﻣﻮال ﺻﻨﺪوق اﻟﺪﻋﻢ
اﻟﺬي ﺳﺘﺘﺒﺮع ﺑﻪ اﻟﺸﺮﻛﺎت اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ھﻨﺎﻟﻚ ﻟﻺﻧﻔﺎق ﻋﻠﻰ أﺑﻨﺎء اﻟﻠﻮاء اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﺒﻠﻮن ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت، وﺑﺨﺎﺻﺔ ﻣﻦ ﻏﯿﺮ
اﻟﻘﺎدرﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﻘﺎت اﻟّﺪراﺳﺔ.
وﻛﺬﻟﻚ ﻓﺈﻧﻨﻲ ﺣﻤﻠﺖ ﺣﯿﻦ ذھﺒﺖ إﻟﻰ ھﻨﺎﻟﻚ ﻓﻜﺮة أّن أھﺎﻟﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ واﻟﺸﺮﻛﺎت ﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻋﻠﻰ وﺋﺎم. وﺗﺎرﻳﺨﯿﺎً،
وﺟﺪت أن ھﺬا ﺻﺤﯿﺢ. ﻓﻘﺪ ﺗﻮﻗﻊ اﻟﻨﺎس أن اﻟﺸﺮﻛﺎت اﻟﺘﻲ أﻧﺸﺌﺖ ھﻨﺎﻟﻚ ﺳﺘﻜﻮن ﻋﻮﻧﺎً ﻟﮫﻢ ﻓﻲ ﺗﻮظﯿﻒ أﺑﻨﺎﺋﮫﻢ،
وزﻳﺎدة زﺧﻢ اﻟﺤﯿﺎة ﻟﺪﻳﮫﻢ. وﻟﻜﻦ اﻟﻠﻮاء واﺳﻊ واﻟﺸﺮﻛﺎت ﻣﺘﻨﺎﺛﺮة، ﻓﮫﻨﺎﻟﻚ ﻣﻨﺠﻢ اﻟﻔﻮﺳﻔﺎت اﻷﺑﯿﺾ، وﻣﺼﻨﻊ
اﻟﺒﻮﺗﺎس، وﻣﺼﻨﻊ اﻟﻤﻨﺎﺻﯿﺮ ﻟﻠﺨﻠﻄﺎت اﻹﺳﻤﻨﺘﯿﺔ، وﻣﺰارع دﺟﺎج اﻟﺸﺮﻛﺔ اﻟﻮطﻨﯿﺔ، وﻣﺼﻨﻊ إﺳﻤﻨﺖ اﻟﻘﻄﺮاﻧﺔ،
وﻣﺼﻨﻊ اﻟﺴﯿﻠﯿﻜﺎ، وﻏﯿﺮھﺎ.
وﻣﻦ اﻟﻄﺒﯿﻌﻲ أن ﻳﺤﺪث ﺻﺪام ﺑﯿﻦ اﻷھﺎﻟﻲ واﻟﻤﺼﺎﻧﻊ ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ. وﻟﻜﻦ ﺣﺼﺎﻓﺔ اﻟﻤﺘﺼﺮف ﺣﺴﯿﻦ اﻟﺤﺪﻳﺪ ﺳﻮّت
ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻼﻗﺔ، وﺧﻔﻔﺖ ﻣﻦ ﻏﻠﻮاء اﻟﺨﻼف ﺑﯿﻦ اﻟﻄﺮﻓﯿﻦ.
وﻗﺪ ﻋﻠﻤﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﻠﺲ اﻻﻗﺘﺼﺎدي واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺑهذا اﻷﻣﺮ ﺣﯿﻨﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﺒﺎﺣﺜﻮن ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﺪراﺳﺔ ﻣﯿﺪاﻧﯿﺔ ﻟﺘﻠﻚ
اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ، وﺣﺎﺟﺎﺗﮫﺎ، وﻣﻈﺎﻟﻤﮫﺎ. ووﺟﺪﻧﺎ أن ﻧﺴﺒﺘﻲ اﻟﻔﻘﺮ واﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻠﻮاء ﺗﺘﺮاوح ﻛﻞ ﻣﻨﮫﻤﺎ ﺣﻮاﻟﻲ 30 %
، أو أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺿﻌﻒ اﻟﻤﻌﺪل اﻟﻮطﻨﻲ. وﻣﻦ ھﻨﺎ ﺗﺒﺪأ ﺟﺬور اﻹﺷﻜﺎل.
وﻟﻜﻦ اﻟﺨﻼف اﻟﺬي دّب ﺑﯿﻦ اﻟﺠﮫﺘﯿﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻪ آﺛﺎر ﺳﻠﺒﯿﺔ ﻋﻠﻰ اﺟﺘﺬاب ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرات ﻟﺘﻠﻚ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ
اﻟﻤﺘﻤﯿﺰة. وﻟﮫﺬا ، ﻛﺎن ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ إﻳﺠﺎد اﻵﻟﯿﺎت اﻟﻤﺆﺳﺴﯿﺔ اﻟﻘﺎدرة ﻋﻠﻰ ﺗﺴﻮﻳﺔ اﻟﺨﻼف، وزﻳﺎدة اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﺑﯿﻦ
اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت ھﻨﺎﻟﻚ واﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟّﺬي ﺗﻮﺟﺪ ﻓﯿﻪ.
اﻟﻨﺎس ﻳﺮﻳﺪون ﻣﻦ اﻟﺸﺮﻛﺎت أن ﺗﻨﺘﺼﺮ ﻟﮫﻢ، وﺗﺤﺴﻦ ظﺮوف ﺣﯿﺎﺗﮫﻢ. واﻟﺸﺮﻛﺎت ﺗﺮﻳﺪ أن ﺗﺮى أن ﻣﺎ ﺗﻘﺪﻣﻪ ﻳﺤﻘﻖ
اﻟﻔﻮاﺋﺪ اﻟﻤﺮﺟﻮة، وﻟﮫﺬا، ﻛﺎن اﻟﺤﻞ ﻓﻲ وﺿﻊ ﺗﺮﺗﯿﺒﺎت ﻣﺆﺳﺴﯿﺔ.
ﻟﻘﺪ اﻛﺘﻤﻠﺖ اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﻟﺪاﻋﻤﺔ ﻟﻨﺠﺎح ﻣﺸﺮوع ﺗﻨﻤﻮي. ﻓﻘﺪ أﺟﺮﻳﺖ دراﺳﺔ ﻣﯿﺪاﻧﯿﺔ ﺗﻔﮫﻢ اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﻦ اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﺬي
ﺳﯿﺘﻌﺎﻣﻠﻮن ﻣﻌﻪ. ووﺟﺪ اﻟﺤﺎﻛﻢ اﻹداري اﻟﻘﺎدر ﻋﻠﻰ ﺗﺠﻤﯿﻊ اﻟﻨﺎس واﻟﺘﺄﻟﯿﻒ ﺑﯿﻦ ﻗﻠﻮﺑﮫﻢ. وﺣﺴﻨﺖ ﻧﻮاﻳﺎ اﻟﺸﺮﻛﺎت
وأھﺎﻟﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻓﺎﺗﻔﻘﻮا... واﻵن اﻟﻤﻄﻠﻮب إﻛﻤﺎل اﻟﻤﺸﻮار ﺑﻮﺿﻊ اﻟﻠﻤﺴﺎت اﻷﺧﯿﺮة ﺣﺘﻰ ﻳﺮى اﻟﻤﺸﺮوع اﻟﻨﻮر،
وﻳﺼﺪق اﻟﻨﺎس أﻧﮫﻢ ﻳﻈﮫﺮون ﻋﻠﻰ ﺷﺎﺷﺔ اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﻦ وﻳﻘﻌﻮن ﻓﻲ دواﺋﺮ اھﺘﻤﺎﻣﮫﻢ.
اﻟﻨﺎس ﻋﻨﺪﻧﺎ طﯿﺒﻮن. وﻳﺠﺐ أن ﻧﺘﺨﻠﻰ ﻋﻨﺪ ﺣﻜﻤﻨﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﻣﻮر، ﺳﻮاء ﻛﻨﺎ ﻣﻮاطﻨﯿﻦ أو ﻣﺴﺆوﻟﯿﻦ، ﻋﻦ اﻹﻧﻄﺒﺎﻋﺎت،
أو اﻹﺷﺎﻋﺔ، أو اﻟﺘﺨﻤﯿﻦ. واﻟﻠﻘﺎء اﻟﻤﺒﺎﺷﺮ ﺑﯿﻦ اﻟﻨﺎس ﻳﻔﺘﺢ ﻟﻠﺤﻮار ﺑﺎﺑﺎً وﻟﻠﻌﻘﻞ ﺷﺒﺎﺑﯿﻚ ﺗﺘﻮاﺻﻞ وﺗﺘﻔﺎﻋﻞ ﻣﻦ
ﺧﻼﻟﮫﺎ. ﻣﺸﻜﻠﺘﻨﺎ ﻓﻲ ﻣﻌﻈﻤﮫﺎ ﻣﻦ ﺻﻨﻌﻨﺎ، وﺑﻌﻘﻮﻟﻨﺎ وﻗﻠﻮﺑﻨﺎ وأﻳﺪﻳﻨﺎ ﻧﺴﺘﻄﯿﻊ ﺣﻠﮫﺎ.